الطاهر ساتي

في زول بيستفتوه في بلدو؟


/

‫في زول بيستفتوه في بلدو؟
** قبل أن يستفيق الرأي العام بالسودان وجنوب السودان من صدمة إغلاق أنابيب البترول، ها هو باقان أموم يظهر على مسرح الأحداث و( يكمل الناقصة)..وليس في الأمر عجب، فالحماقة هنا هي الوجه الآخر للحماقة هناك، أو هكذا سوء حظ البلدين ..المهم، باقان كان قد إختفى من مسرح الأحداث طوال الأشهر الفائتة، ليس طوعاً، بل أمواج السياسة هناك – كما حالها هنا – غير مستقرة، أي ترفع البعض إلى السطح ثم تغطس البعض الآخر، ثم العكس، حسب رياح أجندة المجموعات المتصارعة وقربها وبعدها من الرئيس..بقان كان من الذين غطستهم أمواج سياسة الأشهر الفائتة لحد إشتياق وسائل الإعلام لتصريحاته، ولكنه ظهر بعد خطاب البشير – الذي رفع سعر الدولار – ربما ليقود البلدين إلى (صدمة أخرى)..وهو كذلك دائماً، إذ لا يقل خيراً ينفع البلدين ..وهكذا البعض (هنا أيضاً )..!!

** يقول باقان، وكأن منطقة أبيي إحدى مناطق المريخ : ( يمارس السودان التطهير العرقي ضد الدينكا في أبيي، وشرع في توطين غير المقيمين، يرفض إجراء الإستفتاء في إكتوبر القادم بدون مشاركة قبيلة المسيرية)، هكذا يشعل عود الثقاب..هو يعلم، وكذلك حكومته، ثم المجتمع الدولي، أن منطقة أبيي مراقبة من قبل القوات الإثيوبية التي إقترحها وفد حكومة الجنوب، وإن كانت هناك ثمة تطهير عرقي – كما يتوهم باقان – فأصابع الإتهام يجب أن تشير إلى القوات ذات العدة والعتاد المكلفة بالرقابة والمنتشرة – حسب المقترح الجنوبي – في طول المنطقة وعرضها، وليس إلى السودان..وإن كان باقان يسمى حادثة إغتيال سلطان الدينكا نقوك كوال دينق بالتطهير العرقي، فالحادث المؤسف – والمدان من قبل كل الجهات السودانية بما فيها إتحاد المسيرية – لم يحدث على أرض أبيي المتنازع عليها، بل على أرض سودانية بعد أن توغل السلطان وأفراد قوات الرقابة شمالاً..هذا السلطان كان محباً للسلام والتعايش السلمي وداعياً لهما، وما جاء به إلى حيث ديار الجناة إلا سوء تقدير بعثة الرقابة للأمور، فلماذا يلون باقان هذه الحقائق .؟؟

** أما إجراء الإستفتاء في إكتوبر بدون مشاركة المسيرية، فان نجوم السماء أقرب إلى أرض أبيي من حدوث هذا الإستفتاء..نعم، حتى ولو وافقت الخرطوم على تحقيق حلم باقان، فلن يتحقق الحلم على أرض الواقع بأبيي .. والكل، بما فيهم باقان، يعلم أن أبيي لم – ولن – تحميها سلطة رسمية، بل كانت – ولاتزال وستظل- محمية بسلطة شعبية ذات شوكة..أبيي تختلف عن حلايب وفشقة، إذ هي لا تعتمد على سلطة الخرطوم بحيث تكون سودانية، ولو إعتمدت عليها لصارت ( جنوبية) أو (يوغندية)..فالمسيرية هي السلطة هناك، ولاتزال ترفض إجراء الإستفتاء (من حيث المبدأ)، لا في إكتوبر ولا في إبريل، ولايزال لسان حال أهلها يسأل عند ذكر أمر الإستفتاء : (في زول بيستفتوه في بلدو؟)، أوهكذا موقف المسيرية من قضية أبيي، وهذا ما يؤرق حكماء البلدين والمجتمع الدولي..!!

** ومع ذلك، يتمادى باقان في إستفزازهم ويطالب بإقصائهم ويصفهم بغير المقيمين – ويجردهم من حق المواطنة – ليس لأنهم أجانب، بل لأنهم رعاة..فليلعب باقان بالنار مع سلطة الخرطوم كما يشاء، إذ تلك سلطة لها في تلقي الهزائم والإساءات ( تاريخ )..أما اللعب مع المسيرية بوصفهم بغير المقيمين، مصحوباً مع حلم إبعادهم عن الإستستفاء، قد يشعل ناراً في تلك المنطقة وتتجاوزها بحيث لن تسلم منها ( الخرطوم وجوبا)، وربما هذا ما يريده باقان ليظهر (أكتر من كده)..فالرجل، كما زعماء منبر السلام العادل، لا ينشط إلا في مناخ الحرب .. المهم، كثيرة هي كوارث نيفاشا على أهل السودان، وإحداها أن تستفتيك دولة أجنبية حول ملكيتك لأرضك، ولهذا للمسيرية حق ( التساؤل)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]