الطاهر ساتي

قبل أن يصبح واقعاً..!!


/

‫قبل أن يصبح واقعاً..!!
** قلت فيما قلت، أن تنفيذ التوجيه الرئاسي بشأن إغلاق أنابيب البترول بحاجة إلى شهر ليصبح واقعاً، فعقد وزير الإعلام مؤتمراً وشرح حيثيات التوجيه ثم أضاف شهراً آخر بحيث يصبح – خلالهما – التوجيه واقعاً.. وعليه، هناك أمل..والدكتور أحمد بلال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، لم يكتف بتحديد الفترة الزمنية التي تستغرقها عملية إغلاق الأنابيب، بل أضاف بالنص : (لاتراجع عن القرار إلا في حال قدمت جوبا الضمانات الكافية بعدم دعمها لمتمردي الجبهة الثورية)، وهذا ما أصفه بالأمل..وبالمناسبة، بغض النظر عن إغلاق الأنابيب أو فتحها، فالسودان – وليس الحكومة ولا ناطقها الرسمي – لايطلب مستحيلاً من زعماء دولة جنوب السودان حين يخاطبهم بلسان حال قائل : ( خلونا في حالنا)..!!

** السودان، بشهادة قوات الرقابة وبعلم حكومة الجنوب ذاتها، لم يعد يدعم المتمردين على حكومة الجنوب..ولو كان يدعمهم، لما داهم منازل قادة التمرد بالخرطوم، ولما جفف صحف الخرطوم من تصريحاتهم، ولما إستقبلت جوبا الآلاف من قوات التمرد العائدة بعدتها وعتادها بحثاً عن الملاذ المفقود بالسودان..والسودان – وإن لم يكن طوعاً وإختياراً – ليس في وضع إقتصادي يمكنه من دعم الآخر ( متمرداً كان هذا الآخر أو موالياً)..ثم التجارب مع إثيوبيا وإرتريا وتشاد علمتهم أن حسن الجوار – وتبادل المصالح – خير من تعكير صفو حياة الجيران.. واليوم – في زخم إغلاق الأنابيب – لو كانت بيد جوبا دليلاً مادياً على تواصل دعم السودان لمتمرديين الجنوبيين، لما لاذت بالصمت الخجول، أو كما حالها الراهن .. لم – ولن – نقرأ تصريحاً جنوبياً يتهم السودان بدعم التمرد، أوكما كانوا يفعلون قبل إتفاق أديس..ولكن بأيدي سادة حكومة جوبا من الأدلة المادية ما تكفي تأكيد دعمهم للمتمردين السودانيين، ولهذا عجزوا عن النفي ..لقد كانوا أذكياء في الدعم، ولكن أحداث أم روابة وأب كرشولا كشفت تناقص معدل الذكاء لحد نسيانهم إزالة ( أرقام العربات) و(أختام البراميل) .. !!

** وقرار إغلاق أنابيب البترول لحين رفع حكومة الجنوب يدها عن (فرقتها التاسعة)، من القرارات الحكيمة وغير المألوفة لحكومة السودان..نعم، القرار حكيم حين تنظر إلى قائمة بدائل لم تتخذها حكومة السودان عملاً بنهج (التعامل بالمثل).. تسليح قبائل السودان الحدودية وتكليفها بحماية الحدود ليس عصياً، وإعادة بناء قواعد جنوبية في قلب الجنوب بغرض تعكير صفو حكومة الجنوب ليست مستحيلة، ثم فتح منابر الإعلام وفنادق الخرطوم لزعماء الجنوب المغضوب عليهم من قبل حكومة الجنوب ليس صعباً.. و..كثيرة هي الثقوب الجاهزة التي يمكن أن يحدث عبرها السودان المتاعب والكوارث لحكومة الجنوب وشعبهاعملا بنهج ( التعامل بالمثل) و (البادئ أظلم) و( الحشاش يملا شبكتو)..!!

** ولذلك، أي لأن حكومة السودان لم تعامل حكومة الجنوب بالمثل، أرى أن الإكتفاء بإغلاق أنابيب البترول (قرار رحيم)..وعليه، يبقى السؤال : لماذا كل هذا؟.. فالحدث لم يعد إغلاق الأنابيب أو فتحها..بل، لماذا – وإلى متى – ترعى حكومة الجنوب المتمردين على حكومة السودان؟..وما هي أجندة حكومة الجنوب وأهدفها المراد تحقيقها بوسيلة (الرعاية المكشوفة لقوات التمرد السودانية)؟..إن إشتاقت حكومة جوبا للوحدة وتسعى إلى إعادتها بهذه الرعاية، فلتعلنها ليستقبلها الشعب السوداني بالورود وليس بالبارود ..أما إن كانت الغاية من هذه الرعاية هي تغيير نظام الحكم في السودان، فهذا شأن سوداني، والشعب هنا لم – ولن – يبلغ من الوهن و التوهان لحد الإعتماد على حكومة الجنوب في تغيير حكومته..أما إن كانت الغاية من الدعم هي إضعاف السودان ليسهل إلتهام منطقة أبيي، فهذا سوء تقدير، وكما قلت سلطة أبيي ( شعبية).. المهم، الوطن شئ و المؤتمر الوطني شئ آخر..وعليه، حكومة الجنوب مطالبة بتصحيح مسارها، وذلك بتحويل دعم الحرب إلى دعم السلام.. نعم، جوبا مؤهلة للمساهمة في سلام السودان، وإن عجزت عن ذلك فعليها ألا تساهم في الحرب ..هذا قبل أن يصبح قرار إغلاق البترول واقعاً ..ولو أصبح واقعاً، فلن يكون ( الأخير)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]