عاصمة جديدة أم سودان جديد ؟
قبل شهرين من يومنا هذا لو قمت بعملية استطلاع رأي في عموم السودان لوجدت أن الذين سمعوا بأب كرشولا لن يتجاوزوا البضع في المائة ولن تجد اكثر من 2% يعرفونها معرفة لا بأس بها لا بل حتى في صبيحة يوم احتلالها من قبل الجبهة الثورية لم يذكرها الناس كما ذكروا ام روابة التي غزتها ذات الجبهة لساعات وانسحبت منها لدرجة أن اهلها اب كرشولة – احتجوا على خمول ذكرها في الاعلام الرسمي والشعبي رغم ما حل بها ولكنها اليوم على كل لسان وقد يكون في هذا خير كثير ساقه الله لها فبعد أن كانت مدينة منسية اصبحت مذكورة واكتسبت مكانة رمزية مضافة لمكانتها الجغرافية وثرائها الطبيعي فهي مدينة سافنا غنية تكسوها الخضرة فيها فاكهة وابا حتى اسمها لا يخلو من كارتيرية مما سهل انتشاره، لقد اصبح حالها حال فضيلة مطوية وسخر الله لها لسان حسود.
الجبهة الثورية عندما احتلت اب كرشولة ضربت جرسا عاليا لذلك الانتصار وقالت انها اصبحت على فركة كعب من الرهد اب دكنة المسكين ما سكنا وانها على مرمى حجر من الابيض عروس الرمال ومسيرة ساعات من الخرطوم. عموم يا عيني- وبذلك تكون قد تهيأت للخروج من السافنا الغنية للسافنا الفقيرة ومن الجبال الي الكثبان والقيزان الرملية توطئة لدخول الارض السهلية الطينية وثقافيا من منطقة الهامش الى مثلث حمدي المدلع وهي لا تدري أن مثلث حمدي لحق امات طه. المهم في الامر أن الجبهة صورت احتلالها لاب كرشولة بأنه بداية للسودان الجديد وبداية النهاية للسودان القديم سودان الظلم والتهميش.
بعد شهر من الاحتلال دارت الدائرة على قوات الجبهة الثورية في اب كرشولة فخرجت منها فكان رد الفعل الاعلامي اقوى بكثير من الاعلام الذي صاحب احتلالها فقد رأت الحكومة في استعادتها بداية لنهاية التمرد في عموم انحاء السودان,,, النيل الازرق وعموم دارفور وليس جنوب كردفان وحدها وقالت القوات المسلحة انها بعد اب كرشولة لن تتوقف عملياتها الا بعد أن تبطل آخر قطعة ذخيرة تملكها الجبهة الثورية. لقد اعتبرت الجهات الرسمية استعادة اب كرشولة بداية لسودان خال من التمرد وبداية لنهاية التمرد على الدولة السودانية ذلك التمرد الذي بدأ منذ اغسطس 1955
اذن يا جماعة الخير لقد دخلت اب كرشولة التاريخ من اوسع ابوابه وقد تجازوت رقعتها الجغرافية واصبحت معلما تاريخيا ونقطة تحول سياسية. ومن حسن الحظ أن تكوين اب كرشولة الديمغرافي يشمل كل اعراق السودان فهو خليط مثالي لا يخضع لمن يدعون العروبة ولا من يدعون الافرقانية، وفي عمليتي الاحتلال والاسترجاع حدثت تجاوزات لفتق ذلك النسيج الاجتماعي، الامر الذي يستوجب الاسراع بعملية الرتق كما أن ثراءها الطبيعي وامطارها ذات الموسم الطويل تستوجب الاسراع بتحضيرها للموسم الزراعي الجديد، وحب اهلها لها ولهفتهم للرجوع اليها يستوجب الاسراع بإعادة تعميرها وبصورة حديثة ومن حيث وقف الآخرون.
لو فكرت الجهات الرسمية وقدرت ووضعت استراتيجية لتحويل الرصيد السياسي الذي حظيت به اب كرشولة حاليا الى رصيد عمراني سوف تصبح اب كرشولة عما قريب اجمل واحدث مدينة في السودان، سوف تصبح عاصمة جديدة للسودان ولكن اذا ضيعت هذه الفرصة قد تصبح عاصمة للسودان الجديد وانا ما بفسر وانت ما تقصر.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]