الطاهر ساتي

المطار الدولي ..(غُصة ونجاح)


[JUSTIFY]
المطار الدولي ..(غُصة ونجاح)

لأعزائي مواليد العام 1999، وقد أصبحتم اليوم صبيانا تقفون على عتبة الشباب، إليكم ما يلي ..في عام ميلادكم، أصدرت حكومتكم الموقرة قراراً بتشكيل لجنة عليا مهامها تنفيذ مشروع مطار الخرطوم الدولي بأم درمان..تلاشت اللجنة قبل تنفيذ المشروع، وحل محلها كيان حكومي – غريب الوجه واليد واللسان – مسمى بوحدة تنفيذ مطار الخرطوم .. إذ لم يكن لهذه الوحدة موقعاً دستورياً ولا مؤسسياً عندما تحدق في دستور الدولة ومؤسسية أجهزتها، ومع ذلك كانت لها ميزانيتها خاصة بطرف الخزينة العامة دون أن تخصم من ميزانية هيئة الطيران المدني جنيهاً..أي كانت تلك الوحدة موازية لهيئة الطيران في (الميزانية والمهام)، وتم ذلك في أكتوبر 2005، أي بعد ست سنوات من عمر تلك اللجنة التي تلاشت، وكنتم حينها أطفالاً في (سنة أولى أساس) ..!!
** المهم، تم تأسيس الوحدة بمبانيها وإداراتها وسياراتها ثم ميزانيتها، واستبشر آباؤكم وأمهاتكم خيراً بهذه الوحدة (الماعندها كرعين)..نعم، ليست مهمة، (وحدة مدغمسة أو لجنة مجوبكة)، فالمهم تنفيذ المشروع، ولذلك استبشروا بها خيراً..مضى العام الأول من عمر تلك الوحدة، ولم يحدث شيء بأرض المشروع غير تسويرها ب (سلك شائك)..ثم مضى العام الثاني، ولم يحدث شيء بأرض المشروع غير (حفر آبار)..ثم مضى العام الثالث من عمر الوحدة، ولم يحدث هناك شيء غير (التشجير)..ولكن في العام الرابع من عمر الوحدة، كان الإنجاز مدهشاً، إذ تمكنوا من بناء (فلل)، مسماة بيوت إدارية..أما في العام الخامس، لقد بلغ الإنجاز مداه، إذ نجحوا – بعبقرية مدهشة – في زراعة (نجيلة)..وعندما مضى العام السادس من عمر الوحدة، لم يكن هناك مشروع يصلح بأن يسمى بالمطار..ست سنوات من التنجيل والتسوير والتشجير – وحفر الآبار – هي عمر الوحدة..لم تنجز المطار ولم تستلم من قروض الصناديق العربية غير (وعود الاستلام)..!!
** وقبل عام تقريباً، اتخذت وزارة المالية موقفاً غريباً للغاية تجاه الوحدة وحلم المطار الدولي.. إذ قررت تحويل قروض الصناديق لغرض آخر غير المطار ثم الإبقاء على الوحدة وميزانيتها، أي صرفت النظر عن المشروع وأكدت حرصها على بقاء الوحدة المناط بها مهمة تنفيذ المشروع، ومثل هذا لا يحدث في بلاد الغرائب.. وبعد أشهر من هذا القرار الوزاري الغريب، أصدرت رئاسة الجمهورية قراراً بحيث تلحق الوحدة مطارها، أي قرار إلغاء الوحدة و (كنس آثارها)، أي أيلولة ممتلكاتها لهيئة الطيران المدني..بعد سنوات من إهدار المال فيها، تخلصت الحكومة منها و من (وعودها)، علماً أن التواريخ التي حددتها الوحدة كموعد لاكتمال المشروع لا تحصى ولا تعد..كانت تعد الناس والبلد بتاريخ اكتمال المشروع، ثم تستغل فترة الموعد في حفر بئر أو زراعة شجرة أو (جر سلك شائك)..هكذا قصة المطار والوحدة والحكومة، كالغول والعنقاء والخل الوفي، محض خيال لم تلامس آثاره مدرجاً هناك ولا صالة مغادرة ولا برج مراقبة..!!
** وأخيراً.. أي بعد عقد ونيف من اللت والعجن وإهدار المال والزمن، يكاد أن يصبح حلم المطار الدولي واقعاً..فاليوم، بمقر المشروع، عندما توقع الشركة القابضة للمطارات وشركة جك هاربر الصينية على عقد تنفيذ مشروع مطار الخرطوم الدولي، يجب على الناس والبلد (تنفس الصعداء)، قبل التصفيق أو التهليل..لقد كان المشروع (كابوساً) و(هلوسات ملاريا)، طوال السنوات الفائتة، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، و(الجاتك في مصروفات الوحدة سامحتك)..والمهم، (700 مليون دولار)، قيمة العقد، وهي قرض تفضيلي يسدد خلال (15 سنة)، مع فترة سماح (5 سنوات)، وعلى أن يتم التنفيذ خلال (40 شهراً) من تاريخ اليوم..ونأمل أن توقع وزارة المالية – ولو شاهد أول – على عقد تنفيذ المطار الدولي، حتى تطمئن الناس والبلد على أنها لن تلغي القرض أو توجه بتحويله إلى (مشروع غير منتج)..!! [/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]