البرلمان.. الاحتماء بالدستور..!!
قرار مفوضية الانتخابات بتأجيلها الى فبراير من العام القادم، دفع البرلمان للمسارعة الى البحث عن مسوغ دستوري لاستمرار أجله المتبقي على نهايته نحو ستة أسابيع، الى حين قيام الانتخابات، واللجوء الى مطالبة شريكي اتفاق السلام الأساسيين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية)، باتخاذ خطوات عاجلة لادخال تعديل جزئي على الدستور وايداعه خلال أسبوعين، تلافيا لاي فراغ دستوري قد ينشأ بموجب قرار المفوضية.
وبغض النظر عن ردود الأفعال الأولية التي ساقتها القوى السياسية حول القرار ما بين مؤيد ومنتقد تبقى الحقيقة ان الهيئة التشريعية القومية ( المجلس الوطني ومجلس الولايات) هي المؤسسة الدستورية دون غيرها التي حددها الدستور حيث تنص المادة 90 علي ان» يكون أجل كل من مجلسي الهيئة التشريعية القومية خمس سنوات تبدأ من يوم انعقاد جلسته الأولى»، بينما تنص المادة 216 على أن « تُجرى انتخابات عامة على كل مستويات الحكم في موعد لا يتجاوز نهاية العام الرابع من الفترة الانتقالية»، وتنتهي نهاية العام الرابع في التاسع من يوليو القادم، حيث كان يفترض ان تقوم الانتخابات، لكن المفوضية القومية قررت بخلاف ذلك وأعلنت ارجاء الانتخابات الى فبراير من العام القادم، ما حدا بنائب رئيس البرلمان، محمد الحسن الأمين، دعوة شريكي السلام (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) لاعلان موقف واضح من قرار مفوضية الانتخابات، والاتفاق على اجراء تعديل وصفه بالطفيف على الدستور في مادته 216 التي تنص علي الا يتجاور موعد الانتخابات العام الرابع، وأن يقتصر التعديل بحسب الأمين علي ادخال كلمة «الخامس» بدلا عن «الرابع» الواردة في المادة المعنية، حتى يتسنى للبرلمان الاضطلاع بمهامه، فالدورة الاخيرة من عمر المجلس الوطني ستبدأ الإثنين المقبل وتستمر حتى نهاية يونيو القادم، بعدها سيفقد البرلمان بمجلسيه « المجلس الوطني ومجلس الولايات» الشرعية، ويقول الامين ان الدستور اشترط موافقة الشريكين لادخال اية تعديلات على الدستور، وقال « ينص الدستور على موافقة الشريكين لتعديل الدستور كما لا يجوز التعديل الا بموافقة ثلثي جميع أعضاء المجلس الوطني ومجلس الولايات، كل على حدة، كما يشترط ان يقدم التعديل قبل شهرين من التداول حوله، ما يحتم ايداع التعديل خلال أسبوعين»، فالمادة 224 من الدستور تقرأ « لا يجوز تعديل هذا الدستور إلا بموافقة ثلاثة أرباع جميع الأعضاء لكل مجلس من مجلسي الهيئة التشريعية في اجتماع منفصل لكل منهما، وبشرط أن يُقدم مشروع التعديل قبل فترة شهرين على الأقل من المداولات» كما تقول الفقرة الثانية من ذات المادة « لا تطرح التعديلات التي تؤثر على نصوص اتفاقية السلام الشامل إلا بعد موافقة طرفيها»، وقال الامين ان استمرار البرلمان دون تعديل الدستور يعد مخالفة دستورية، وأوضح المبررات لاستمرار البرلمان باعتباره الهيئة التي يرجع اليها البت في اعلان حالة الطوارئ أو الحرب، حيث تنص المادة 210 من الدستور على أنه «يجوز لرئيس الجمهورية، بموافقة النائب الأول، عند حدوث أو قدوم أي خطر طارئ يهدد البلاد أو أي جزء منها، حرباً كان أو غزواً أو حصاراً أو كارثة طبيعية أو أوبئة، يهدد سلامتها أو اقتصادها، أن يُعلن حالة الطوارئ في البلاد أو في أي جزء منها، وفقاً لهذا الدستور والقانون»، كما ينص على ان «يُعرض إعلان حالة الطوارئ على الهيئة التشريعية القومية خلال خمسة عشر يوماً من إصداره، وإذا لم تكن الهيئة التشريعية منعقدة فيجب عقد دورة طارئة»، وهي مبررات يراها نائب رئيس البرلمان تستوجب بقاء البرلمان الذي سيقوم كذلك باجازة موازنة العام القادم، اضافة الى اتخاذ اي اجراءات على خلفية التحديات المحدقة بالبلاد، ونادى باهمية حدوث توافق سياسي بين الشريكين والقوى السياسية داخل وخارج البرلمان على تعديل الدستور في وقت مناسب، واكد عدم حدوث فراغ دستوري في أجهزة الدولة الاخرى مشيرا الى ان الدستور لم يحدد غير أجل الهيئة التشريعية.
ومع ان البعض اعتبر قرار المفوضية يخالف الدستور باعتبار ان اعلان موعد الانتخابات من اختصاصات الشريكين، وأعتبره القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي وكيل التجمع الوطني، علي السيد، قرارا متعجلا ويخالف الدستور وليس من صلاحيات المفوضية، لكن الجميع يتفق على ان الامر بيد الشريكين بموجب اتفاقية السلام الشامل والدستور، وقال السيد لـ»الصحافة» ان تغيير أو مراجعة موعد اجراء الانتخابات والاستفتاء، من اختصاص الشريكين، مشيرا الى ان الأمر يتطلب ترتيبات على رأسها اجراء تعديل في الدستور، بما لا يخلق فراغا دستوريا في الأجهزة، ورأى القيادي بالحركة الشعبية، رئيس لجنة البيئة، رمضان شميلا أنه لا اشكالية في الأمر بحسبانه نص عليه الدستور، مؤكدا ان الشريكين سيتفقان وان اي اتفاق بينهما سيكون دستورياً..
اسماعيل حسابو :الصحافة