جعفر عباس

فأر كباب

[JUSTIFY]
فأر كباب

بالرغم من التقدم الصناعي والاقتصادي الهائل الذي حققته الصين، إلا أنها تبقى الدولة الأسوأ سمعة في مجال السلع المصنعة والمطروحة في الأسواق العالمية، حتى بات الناس يشكون في أن كل المنتجات الصينية مضروبة، وهذا غير صحيح فالصين تصدر أيضا منتجات صناعية في منتهى الجودة بدءا ببرامج الكمبيوتر وانتهاء بالسيارات والطائرات، ولكن مصيبتها هي أن حكومتها عاجزة عن فرض رقابة على معظم مناحي الحياة (ما عدا ما يتعلق بأمن الدولة)، بمعنى أن هناك عشرات الآلاف من المصانع في الصين شغالة والدخان والغبار المتصاعد منها يغطي بضعة كيلومترات، ولكنها تعمل بدون تراخيص رسمية أو في مجالات غير تلك المرخص لها بالعمل فيها، وبالتالي قد تكون رخصة المصنع متعلقة بإنتاج إطارات مطاطية للدراجات ولكنه ينتج البنسلين والبيرغر، فطالما أنت مسنود بشخصية من العيار الثقيل في الحزب الشيوعي الحاكم أو السلطة المحلية أو المركزية فبارك الله في من نفع واستنفع.. بالمناسبة فإن هذه المقولة تستخدم كثيرا لتبرير أشياء ليس فيها أي بركة، فليس هناك بركة في أن أقدم لك رشوة فتقدم لي خدمة أو تسهيلات لا أستحقها.
في أواخر شهر يونيو المنصرم أعلنت وزارة الأمن الوطني في الصين أنها اكتشفت مصانع لبيع لحم الفئران على أنه لحم ضأن.. عجيب، فالفأر على بعضه لا يساوي ربع ريشة من ضلع حمل لم يبلغ الفطام، وهذا يعني أحد أمرين، وهو أن من يشتري لحم فأر وهو يحسبه لحم خراف «مستجد نعمة» ولا خبرة له في مجال أكل اللحوم، أو أن فئران الصين حسنة التغذية بحيث أن وزن الواحد منها في حدود عشرة كيلو، وإذا كان الأمر كذلك فعلى الدول الفقيرة استيراد تلك السلالة من الفئران لحل مشكلة الجوع بين سكانها.
وحقيقة الأمر هي أن منتجي لحوم الفئران كانوا يخلطونها مع لحوم الثعالب ثم يغمرونها بالجيلاتين والصبغة الحمراء والنترات حتى تكتسب شكل وملمس لحم الضأن، وقد أغلقت السلطات الصينية خلال الأشهر القليلة الماضية 1721 مصنعا كانت تبيع لحوم البهائم الميتة ولحوما تسبب التسمم الفوري ولحوم كائنات لا يأكلها البشر عادة، ولأن الله يمهل ولا يهمل فإنني متأكد من أن التجار في البلاد العربية الفقيرة الذين جعلوا الصين في السنوات الأخيرة قبلتهم التجارية فيأتون منها بالسلع الكهربائية والالكترونية والأدوية غير الخاضعة لأي رقابة ليبيعوها للمواطنين الفقراء، لا بد وأن صاروا يحملون جينات الفئران، لأن العربي ضعيف أمام لحم الضأن، وفي مناطق مثل شرق آسيا حيث يأكل الناس السلاحف والديدان والصراصير، فيا لسعادتك عندما تجد مطعما يبيع لحم الضأن بأسعار معقولة، ويا لتعاستك لأنك غالبا ما تكون قد أكلت لحوم العديد من الفئران.. ولا بأس على مثل هذا التاجر، لأنه أصلا من القوارض، ويأكل كل شيء ولا يعرف التحريم والتحليل، وهكذا يكون الجزاء من جنس العمل، فطالما أنك تتعمد استيراد بضائع وأدوية وأغذية مغشوشة ليشتريها غيرك من الغافلين عن حقيقة أمرك، فأنت تستأهل أكل فأر تِكّه – مشوي أو محمر.. ولأن الاتجار في السلع الصينية المغشوشة يقوم على المكر والخبث، فأنت تستأهل أيضا لحم أقرأنك في المكر وهي الثعالب.
في بريطانيا قلبوا الدنيا فوق تحت لأنهم اكتشفوا أن بعض أصناف البيرغر تحتوي على نسبة ضئيلة من لحوم الخيل، ورغم ثبوت أن هذا النوع من اللحم لا يشكل أي خطر على الصحة فقد عاقبوا مصنعيها ومستورديها.. وفي العديد من الدول العربية تباع لحوم الحمير على أنها «عجالي» وسيظل هذا الصنف من اللحوم يباع لأن أسواقنا لا تعرف الرقابة على المطاعم لأن الأولوية للرقابة على المواطن.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]