تحقيقات وتقارير

«صقور» الوطني .. عرقلة الأوضاع

[JUSTIFY]ما يروى عن جحا أنه جمع أناساً وسألهم إن كانوا يعلمون بما يريد قوله أم لا، وأجابوه بنعم.. فقال لهم إن كنتم تعرفون لا داعي لاجتماعكم.. وفي اليوم الثاني قرر المجتمعون إبلاغ جحا عدم علمهم بما ينوي نقله إليهم، فقال لهم أنتم جهلاء كيف أتحدث معكم، فقرروا اليوم الثالث الانقسام لفريقين بين عارفين وجهلاء بالأمر فما كان منه إلا أن قال لهم: «إذن العارفون يبلغوا الآخرين».. وإن كانت المسألة تبدو «لت وعجن» وتحمل كثيراً من السخرية فتجاوزاً للأخيرة فإن قيادات المعارضة وكأنما دعت الناس بأن هلموا إلينا حيث ظلت تتحدث عن أمر غير معلوم!.. أو ربما تعلمه بالفعل وتريد إبلاغ الآخرين به.

على كلٍ فقد أرسلت تلك القيادات تحذيرات من خطورة ما يصفونهم بـ «الصقور» داخل المؤتمر الوطني على المشهد السياسي.. فما من «لت وعجن» وكثير حديث من خصوم الوطني إلا عن صقور الحزب الحاكم.

لكن بكل حال لا بد من أخذ الأمر موضع الجدية بعيداً عن «الدراية والجهل» على الأقل أن المسألة حذر منها رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي والقيادي البارز بالمؤتمر الشعبي د. بشير آدم رحمة.. فالأول صرح بأن صقوراً داخل النظام تعمل على عرقلة الحوار.. بينما الثاني سألته الزميلة فاطمة أحمدون في الحوار الذي أجرته معه ونشر في هذه الصحيفة حول رأيه في حديث المهدي.. وتطابق رأيه مع الصادق تماماً – هكذا قالها –

الحديث عن صقور داخل الوطني ليس بجديد وربما كذلك التحذير ولكنه جاء مزلزلاً هذه المرة على لسان د. بشير آدم بتأكيده أن أولئك الصقور ستتأثر وتتضرر مصالحهم بنجاح الحوار الوطني.. وعزا ذلك إلى تغيُر تركيبة النظام ما يفقدهم أشياء وصفها بالكثيرة.

وبالتالي لا بد من التعرف على أولئك الصقور وطرائق تفكيرهم وأهدافهم ما دفع الأحزاب تشكو منهم.. وإن شئنا الدقة تحذر من خطورتهم على المستقبل السياسي للبلاد.

أولاً: هناك فئة أو أشخاص قد يكونوا سعوا لعرقلة مسيرة التغيير أو مساعي الحوار بعد أن تجاوزتهم التعديلات التي تمت في الحكومة أو الحزب.. وأمثال هؤلاء وأولئك يحاولون لعب دور الصقور حتى تسعى الحكومة وقيادة الحزب الحاكم لإرضائهم.. وتلك المجموعة يلاحظ وجودها على صفحات الصحف من خلال إطلاقهم تصريحات سالبة بعضها خصماً حتى على حزبهم – الوطني – فاستحقوا عن جدارة صفة الصقور.

ثانياً: من الممكن أن تكون هناك فئة من الصقور ولكن نمنحهم تلك الصفة ليس من خلال تصريحاتهم الناقدة والحارقة للمعارضة.. لكن من خلال أفعالهم وذلك برسمهم صورة سالبة عن الحكومة والحزب الحاكم «عن جهل أو قصد».. من خلال اتخاذ قرار قلما يوصف بالغبي، له تداعيات خطيرة على إثره تنهال الانتقادات على الحكومة.. وهؤلاء من الممكن أن يكونوا من أخطر أنواع الصقور.

ثالثاً: من الممكن أن يكون هناك «صقور» حتى وإن كانوا خارج دائرة الفعل السياسي.. وأمثال هؤلاء من الممكن أن يديروا مقاليد الأمور عبر طريقتين: الأولى من خلف الكواليس والثانية عبر واجهات ضعيفة داخل الحكومة والحزب حُملت إلى المنصب الذي تتبوأه حملاً.. بمعنى أن المنصب أكبر من قامتها ولذلك يقومون بلعب دور الصقور وما هم بصقور حقيقيين.

رابعاً: نجاح الحوار سيقلم أظافر «جهات» متنفذة ومسيطرة على مقاليد الأمور سواء كانت في الوطني أو خارجه.. حيث سترتخي قبضتها وحتى لا تصبح «حمائم» فإنها ستتصدى لأي تحول قادم وبشتى السبل.. ولذلك حق للمهدي وغيره التحذير منها.

خامساً: وجود تيارات داخل الحكومة والوطني توقن أن ما سيفضي إليه الحوار سيعجل بجلوسهم على مقاعد البدلاء وربما القذف بهم خارج التشكيلة القائدة للحكومة والحزب.. وهؤلاء ما من سبيل أمامهم إلا بلعب دور الصقور حتى يضمنوا على الأقل بقاءهم أو حتى عدم تضرر مصالحهم -أسوة بحديث بشير آدم رحمة –

سادساً: يلاحظ وجود قيادات بالوطني كانت تتولى ملفات مهمة داخل الحزب والحكومة وباتت الآن خارج الحكومة وكذلك المؤسسة التنظيمية وهؤلاء لأنهم باتوا خارج دائرة صنع القرار وغير «منورين بالحاصل».. فتصريحاتهم المربكة تصنفهم في دائرة الصقور.

سابعاً: لا يمكن إغفال من لهم خصومة سياسية «فاجرة» مع زعيم المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي أو حتى لهم موقف من رؤى رئيس حركة الإصلاح الآن د.غازي صلاح الدين، وهؤلاء بكل حال لن يعجبهم انضمام الرجلين لمائدة الحوار.. وبالتالي ما من سبيل أمامهم سوى خلق مناخ «مُعكر» بتربية الأظافر والوصف في خانة الصقور.

ثامناً: برز صقور جدد وهذه الفئة تعتقد أنها حال «شالت وش القباحة» من خلال تعاملها بعنف لفظي تجاه المعارضة ستحتفظ بمقاعدها في الحزب الحاكم أو الحكومة.

تاسعاً: من الممكن أن يكون هناك صقور ليسوا بسياسيين من الدرجة الأولى، رجال أعمال وأصحاب مراكز نفوذ متغلغلة في مفاصل الدولة، مستفيدون من الأوضاع الراهنة.. وبالقطع أمثال هؤلاء يخشون من أي تغييرات محتملة كونها قد تفضي إلى واقع جديد يصيب مصالحهم بالتضرر والتأثر ما يدفعهم للعب دور الصقور بأي وسيلة من الوسائل قد تكون من بينها توظيف أقلام صحفية لمصلحتها تخلق رأياً عاماً يجعل الناس تنفر من الحكومة وتضعها في خانة سالبة.

عاشراً: الحديث عن خلافات وصراعات خفية داخل الوطني ستبرز صقوراً وينتج عن ذلك تصفية حسابات فينعكس الحال للخارج وسيتضرر المؤتمر الشعبي وغيره.

ومهما يكن من أمر فإن المؤتمر الوطني مجابهه بتحدي التصدي للصقور وهي مهمة عسيرة وبمثابة أشواك في طريق نائب رئيس الحزب البروفيسور إبراهيم غندور.

صحيفة آخر لحظة
أسامة عبدالماجد
ت.إ[/JUSTIFY]