ناس كلامها «ذهب» وأنا كلامي حطب
بعد فوز باراك أوباما بولاية رئاسية ثانية، أعلنت وزيره خارجيته هيلاري كلينتون في فبراير المنصرم – عدم رغبتها في الاستمرار في منصبها الذي مكّنها من زيارة 112 دولة، وقالت إنها تريد تمضية الوقت في الراحة والنوم لساعات طويلة ومشاهدة البرامج التلفزيونية، بعد أن قضت عشرين سنة في دهاليز السلطة ابتداء بعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي، ويبدو أن زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون قال لها: بلاش هبل، وانزلي سوق الخطب والمحاضرات تكسبي ذهب،.. وقد كان… بدأت هيلاري في تقديم الخطب والمحاضرات بأسعار رمزية لا تزيد على 200 ألف دولار للساعة الواحدة، وكانت هي وزوجها قبل توليها حقيبة الخارجية قد كسبا 100 مليون دولار من الخطب والمحاضرات، وما أن دخلت السوق حتى انهالت عليها الدعوات بحيث لم يعد بإمكان أي جهة دعوتها لإلقاء محاضرة، إلا بالحجز المسبق قبل ستة أشهر على الأقل من موعد المحاضرة.
وبصراحة فإن الـ200 ألف دولار في الساعة ليست كثيرة على هيلاري، إذا علمنا أن جورج دبليو بوش المدووش المدروش يطالب ب150 ألف دولار عن المحاضرة الواحدة، مع أن كل من استمع إليه خلال ولايتيه كرئيس للولايات المتحدة يعرف أنه كلما فتح فمه كان ذلك خصما على المعرفة التراكمية في التراث الإنساني منذ فجر التاريخ، (هل مررنا بظهر وعصر التاريخ ووصلنا مرحلة المغرب؟ هذا سؤال مهم لأن الكل يتكلم عن فجر التاريخ فقط، وكأنما التاريخ مفرمل وكأنما الزمن والوقت متوقفان)، وحتى تلك الجهولة الجهلاء سارة بيلين التي حاولت الفوز بالرئاسة الأمريكية منافسة لأوباما، ثم انصرف الناخبين عنها بعد أن اكتشفوا أنها تعتقد أن باكستان نوع من الفواكه، تتقاضى 100,000 دولار عن ساعة الكلام.. والأبله المخضرم دونالد ترامب أشهر مالكي العقارات في الولايات المتحدة تقاضى مليون ونصف المليون دولار عن 17 محاضرة قدمها لإحدى الجهات.. والنصيحة الأغلى التي قدمها بيل كلينتون لحرمه هيلاري هي: خليكي في الصورة يا هبلة كي لا ينساك الناس، خاصة وأنا عارف وأنت عارفة أنك ناوية تخوضي انتخابات الرئاسة عام 2016 (يعني الديمقراطية الوراثية ليست ممارسة عربية فقط فجورج هيربرت بوش كان رئيسا للولايات المتحدة وبعد تقاعده بسنوات صار ابنه جورج دبليو بوش رئيسا، وهيلاري تريد وراثة الكرسي الذي جلس عليه زوجها.. اشمعنى الناس «تقُر» على بشار وجمال ولد سوزان حرم الرئيس المصري المنخلع حسني ليمان طره «حسني شرم الشيخ سابقا»).
وخلال السنوات العشرين الماضية استضافتني عشرات القنوات الفضائية والإذاعات، وقدمت عشرات المحاضرات، ولا تمُرّ سنة دون أن أشترك في ندوة، ولم يدخل جيبي مليم أحمر من تلك المساهمات إلا مرتين ومن جهتين: قناة إم بي سي وقناة النيل الأزرق السودانية، وطالما الكلام بفلوس فالحاضر يبلغ الغائب بأنني لن أقبل استضافة في أي وسيلة إعلامية، ولن أتكلم في محاضرة أو ندوة إلا بتسعيرة متفق عليها، والفرق بيني وبين هيلاري وزوجها هو أنني لن أكذب على الجمهور في أي محاضرة ولن «أسوي حالي» فاهم في كل شيء، بل سأدردش مع الناس في أمور حياتية في قاعات لا تزيد أجرتها عن 100 دولار في الليلة (في أغلب الأحوال تكون بلا مقابل مادي)، ولن أرضى كتسعيرة للساعة الواحدة من الدرر التي سأنثرها أقل من 200 ألف في الساعة.. نفس تسعيرة هيلاري، بس بالجنيه السوداني، ولكن بسعر البنك المركزي وليس السوق السوداء حيث يساوي الدولار فيها حاليا 7500 جنيها فقط.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]