أصوليو حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية والسودان
… عندما تتحول العدالة الي انتقام…
بقلم البروفسر/ محمود ممداني
أستاذ كرسي هربيرت ليهمان للحكم بجامعة كولمبيا الولايات المتحدة
عندما يقدم رئيس جنوب أفريقيا السابق، تابو أمبيكي، الطلب الأفريقي بتأجيل إجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير، ماذا يمكنه أن يقول بحكمة وإحترام؟
بداية ينبغي أن يذكر مستمعيه إنه ليس هناك مكان في العالم، تمارس فيه الحقوق خارج سياق سياسي مساعد. ليست هناك ديمقراطية تفرض معياراً ثابتاً للحقوق بغض النظر عن السياق السياسي للبلد المعني قليلون يمكن أن ينسوا كيف أخضعت إدارة بوش “وثيقة الحقوق” لمقتضيات الأمن الوطني. وفي العلاقة بين القانون والسياسة، فإن السياسة دائماً هي الأهم وذلك تحديداً لأن النضال من أجل الحقوق هو نضال سياسي والذين يسعون لإقرار الحقوق، وليس فقط منتهكيها يجب أن يخضعوا للمسؤولية السياسية، حتى لا يحولوا مسألة إقرار الحقوق إلي ثأر شخصي.
بأمكان أمبيكي بعد ذلك أن يطلع مستمعيه على الدروس التي تعلمها الأفارقة من النضال من أجل السلام والعدالة على مدى عقود عديدة ماضية. وعلى العكس مما يعتقده كثيرون، فإن الدرس المستفاد هو أنه ليست هناك حاجة للمقايضة بين السلام والعدالة المقايضة الحقيقية بين الأشكال المختلفة للعدالة وقد صار ذلك جلياً في التسوية التي أدت إلي إنهاء النظام العنصري في جنوب أفريقيا. لقد أمكن تحقيق تلك التسوية لأن القيادة السياسية للنضال ضد النظام العنصري أعطت الأولوية للعدالة السياسية على العدالة الجنائية وذلك لمنطق بسيط : عندما لا يكون هناك طرف منتصر: سيحتاج المرء، من أجل إنهاء القتال وبدء الإصلاحات السياسية لتعاون نفس القادة، الذين لو لا ذلك كان يمكن مقاضاتهم بإرتكاب جرائم حرب. ويمكن تلخيص جوهر محادثات كيمبتون بارك التي أدت للإتفاق على تصفية النظام العنصري في عبارة واحدة: سامح لكن لا تنسى. سامح عن كل جرائم الماضي وبعبارة صريحة: الحصانة من المقاضاة بشرط أن يتفق الجانبان على تغيير القواعد المتبعة بما يضمن العدالة السياسية.
لقد كانت تجربة جنوب أفريقيا نموذجاً هدى التعامل الأفريقي مع أوضاع صعبة مماثلة. ففي موزمبيق فإن حركة (RENAMO) (التي كانت تقاتل الحكومة) تجلس الآن في البرلمان بدلاً من السجون أو قفص الإتهام وأيضاً في جنوب السودان لم يكن بالإمكان تحقيق السلام أو إصلاح النظام السياسي لو لم يكن هناك إتفاقٌ على عدم انتهاج أسلوب العدالة الجنائية: إذاً لماذا لا يحدث ذلك في دارفور؟
وينبغي على أمبيكي أن يتذكر أنه في محكمة الرأي العام ، خلافاً لمحكمة القانون – فإن المتهم يعتبر مذنباً حتى تثبت براءته.
يحتاج الجمهور لتذكيره أنه عندما وافق قضاة المحكمة الجنائية الدولية على طلب المدعي العام إصدار مذكرة الإعتقال في حق رئيس السودان، فأنهم لم يكونوا يصدرون حكماً بالإدانة عليه . لم يكن القضاة معنيين بتقييم صحة الوقائع التي وضعها المدعي أمامهم، ولكن الإجابة على سؤال مختلف: أنه إذا افترض أن تلك الوقائع صحيحة، فهل ستكون هناك قضية في مواجهة رئيس السودان ؟ وخلافاً للمحكمة، والتي تأخذ الوقائع المقدمة لها في المرحلة التمهيدية كأمر مسلّم به، فإننا نحتاج لنسأل الي مدى كانت تلك الوقائع صحيحة، وإذا كانت صحيحة فهل تمثل الحقيقة كاملة؟
قضية الإدعاء:
اتهمت عريضة المدعي العام الرئيس البشير بـ:
(أ) تقسيم قبائل دارفور الي مجموعتين عرقيتين عرب ” وزرقه”.
(ب) شن صراع عنيف في الفترة 2003م 2005م أدى الي تطهير عرقي لمجموعات الزرقة العرقية من مناطقهم القبلية التقليدية.
(ج) التخطيط لتعريض النازحين لسوء التغذية والتعذيب والإغتصاب بغرض الموت البطيء في معسكرات النزوح وهي عملية يزعم الأدعاء أنها استمرت من 2003م الي حين تقديم طلب الإعتقال في 2008م.
تعود جذور الإعتبار العرقي للهويات في دارفور الي الإدارة البريطانية الإستعمارية. ومنذ نهاية عشرينات القرن الماضي سعى البريطانيون لتنظيم كيانين في دارفور واحد “للعرب. وآخر “للزرقة” أو السود. وأدرجت هاتان الهويتان العرقيتان في الإحصاء السكاني وقتها ومثلت إطاراً للسياسة الحكومية
والإدارة. وعلى الرغم من هذه السياسة الرسمية، فإن العرب لم يمثلوا أبداً مجموعة عرقية واحدة. وكشفت الدراسات الأكاديمية المعاصرة أن القبائل العربية في السودان لم يكونوا مهاجرين من الشرق الأوسط ، وإنما هم مجموعات أصلية صارت عربية بداية من القرن الثامن عشر. وهذا هو السبب في أنه لا يمكن أن يكون هناك تاريخ واحد للقبائل العربية في السودان . فهناك القليل الذي يجمع بين القبائل النيلية المستقرة ذات الإمتيازات والرحلّ المعدمين في غرب السودان. وخلافاً للعرب من الشمال النيلي، الذن ارتبطوا بالسلطة، فإن عرب دارفور هو الأكثر تهميشاً في ذلك الأقليم المهمش.
ولم تكن أكبر القبائل العربية في دارفور، رعاة الأبقار في جنوب الأقليم ، مشاركة في الحملة المضادة للتمرد التي نظمتها الحكومة. والذين شاركوا، من رعاة الأبل من شمال دارفور وبعض اللاجئين من تشاد، هم من أفقر الفقراء.
إن فكرة أن عرب دارفور كانوا جزءاً من كتلة عربية متماسكة في مواجهة أفارقة سود، هو أختراع متأخر، تبنته صحافة أجنبية والآن محكمة الجنايات الدولية . وهدفه الرئيسي هو أبلسة العرب، وإخفاء الأسباب الحقيقية للصراع.
إذن من يحارب من في دارفور ولماذا؟ الإجابة القصيرة على هذا السؤال أن هذا هو صراع على الأرض، أشعلته أربعة أسباب مختلفة ولكنها مرتبطة ببعضها البعض: نظام الأرض، التدهور البيئي، إمتدادات الحرب الأهلية في تشاد التي أستمرت أربعة عقود ، والحملة الوحشية المضادة للتمرد التي شنتها حكومة البشير عامي 2003م و2004م.
جذور الصراع تعود للنظام الإستعماري الذي أعاد تنظيم دارفور كخليط من مناطق (ديار) قبلية على أساس تمييزى، حيث منحت القبائل الزراعية مناطق واسعة أعتبروا فيها مواطنين أصليين. وعلى العكس من ذلك فإن رعاة الأبل الذين ليس لديهم قرى ثابتة وجدوا أنفسهم بلا مناطق خاصة بهم ولا يعترف بهم كمواطنين أصليين في أي مكان 0وفيما يخص منح الأراضي، والمشاركة في الإدارة المحلية وحل النزاعات المحلية فإن إدارة المناطق القبلية كانت تنحاز للقبائل الأصلية ضد تلك غير الأصلية.
السبب الثاني للصراع كان هو التصحر. حيث توضح دراسات برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الصحراء أمتدت مائة كيلومتر في خلال أربعة عقود . وقد بلغت تلك العملية ذروتها في منتصف الثمانينات، مما دفع كل قبائل شمال دارفور للتحرك جنوباً نحو الأراضي الخصبة . ولم يكن الصراع على الأرض الذي نتج بين العرب و”الزرقة” وإنما بين القبائل التي تمتلك “داراً” وتلك التي لا تمتلك داراً. وقد عزا المراقبون المعاصرون، مثل عالم الإنثروبلوجيا شريف حرير وهو نفسه من دارفور، العنف الوحشي غير المسبوق في الحرب التي شهدتها دارفور بين 1987 الي 1989 الي حقيقة أن ذلك كان صراعاً على البقاء.
السبب الثالث هو الحرب الباردة التي شهدت قيام طرفيها: – التحالف الثلاثي بين: أميركا ريغان، فرنسا وإسرائيل من جهة : وليبيا مدعومة بالإتحاد السوفيتي من الجهة الأخرى بتسليح الفصائل المختلفة في تشاد المجاورة. ومع تعاقب المجموعات المسلحة على الحكم في تشاد، فإن المجموعات المعارضة كانت تلجأ الي دارفور، لإعادة تنظيم صفوفها وتسليحها. وسرعان ما أدى توفر السلاح وسهولة الحصول عليه في دارفور الي أن تتخذ الصراعات القبلية طابعاً عسكرياً. لقد تدخلت القوى الإقليمية والدولية في صراع دارفور قبل أن تفعل الخرطوم بوقت طويل، لكن من يقرأ عريضة المدعي العام لن يدرك هذه الحقيقة.
أما السبب الأخير الذي أدى الي مفاقمة صراع الأرض في دارفور كان هو الحملة الوحشية المضادة للتمرد في دارفور التي شنها نظام البشير عامي 2003م و2004م رداً على التمرد الذي قادته ثلاث قبائل كبيرة في دارفور: الفور، المساليت والزغاوة.
أربعة إفتراضات خاطئة:
تضمنت عريضة المدعي العام أربعة إفتراضات خاطئة ، وجميعها تمكنه من تحميل البشير كامل المسؤولية عن العنف (في دارفور). وهذا هو ما قاله للصحفيين في لاهاي “ما حدث في دارفور هو بإرادة البشير”.
الخطأ الأول هو تحديد فترة الصراع في دارفور بفترة رئاسة البشير. لكن الصراع بدأ في دارفور كحرب أهلية عام 1987م، قبل أن يأتي البشير ومجموعته الي السلطة، وقبل أن تبدأ دورة التمرد والحملة المضادة له في عام 2003م بوقت طويل . لقد صارت الحرب الأهلية متشابكة مع الحملة المضادة للتمرد، رغم أن أسبابهما منفصلة. فبينما كان التمرد تحدياً لسلطة الخرطوم، فإن آثار التصحر والجفاف هي التى أشعلت الحرب الأهلية، والتي أشتدت نتيجة لعاملين الأول داخلي والثاني خارجي. الأول هو الفشل في إصلاح نظام الديار القبلية، والثاني هو الحرب الأهلية المستمرة في تشاد.
الخطأ الثاني هو إفتراض أن أرتفاع معدل الوفيات في دارفور له سبب واحد: هو العنف. لكن الحقيقة أن هناك سببين منفصلين وأن كانا مرتبطين : الجفاف والتصحر من جهة. والعنف المباشر من جهة أخرى . وترجع مصادر منظمة الصحة العالمية ارتفاع الوفيات الي سببين رئيسين: حالات الإسهالات المرتبطة بالجفاف والتي تتسبب في ما بين 70 الي 80% من حالات الموت، أما نسبة 20 الي 30% المتبقية فهي نتيجة للعنف المباشر.
الخطأ الثالث هو إفتراض أن هناك طرف واحد مسؤول من حالات الوفاة والإغتصاب. أن مورينو أوكامبو بسبب حرصه الزائد لدعم حجته ، لم يخف فقط جذور العنف في دارفور ولكنه مضى لتصوير الحياة في معسكرات النازحين كصورة معاصرة للحياة في معسكرات التركيز النازية بأوربا ، وتصوير البشير كأنه “فوهرر” وقد قال في مؤتمره الصحفي للإعلان عن قضيته ضد رئيس السودان ” نظم البشير حرمان وتخويف وإضطهاد الناجين 0 لم يحتاج في ذلك للرصاص. استخدم سلاحاً آخر: الإغتصاب، الجوع والخوف ، كسلاح فعال ولكنه صامت”.
بلا شك كانت هناك حالات إغتصاب في دارفور، مثلما يحدث حقيقة في معظم حالات الحرب، عندما يواجه شبان مسلحون نساء شابات وغير مسلحات. وهذا ما أعترف به المبعوث الخاص للولايات المتحدة للسودان أندرو ناتسيوس في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ يوم 11 أبريل 2007م ” لقد فقدت الحكومة حالياً السيطرة على أجزاء واسعة من الأقليم وبعض حالات الإغتصاب المستمرة، بالمناسبة، يرتكبها المتمردون الذين يغتصبون نساء من نفس قبائلهم. ونعلم أن واحداً من معسكرات اللاجئين يسيطر عليه المتمردون سابقاً ، كانت هناك فظائع بشعة ارتكبت من قبل المتمردين ضد سكان المعسكر”.
المتمردون مثل جنود الحكومة ومليشيات الجنجويد قاموا بإغتصاب وقتل المدنيين. لنأخذ الأرقام التي نشرت مؤخراً من قبل القوات المشتركة للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي “يوناميد”. اليوناميد التي تحتفظ بسجل لكل حالة وفاة منفردة بما في ذلك ظروف الحالة، أحصت العدد الكلي لحالات موت المدنيين المرتبطة بالصراع في دارفور للعام 2008م بـ 1520. من هؤلاء فإن 600 قد قتلوا بسبب صراعات على المرعى بين القبائل العربية وبالنسبة للـ 920 الباقين، فان يوناميد تقول أن معظمهم قد قتلوا بواسطة الحركات المتمردة.
الإفتراض الخاطئ الرابع هو أن الوضع في دارفور لم يتغير منذ بداية الحملة المضادة للتمرد عام 2003م. ووفقاً لعبارات مورينو أوكامبو “في أبريل 2008م، قدرت الأمم المتحدة العدد الكلي للقتلى بـ 300 ألف”. هذا التقدير جاء من جون هولمز، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. وهذه هي الطريقة التي أورد فيها ذلك: “قدرت دراسة في عام 2006م أن 200 ألف فقدوا حياتهم جراء الأثر المزدوج للصراع ، هذا الرقم لابد أن يكون أكبر الآن، ربما بما يعادل النصف”. لكن ذلك قيّد بأمرين تجاهلهما أوكامبو. الأول أن الرقم المذكور يمثل الوفيات نتيجة “للأثر المزدوج” في إشارة للعنف المباشر، والجفاف. والثاني أوضحته رويترز “نبهت الأمم المتحدة المراسلين الي أن الرقم 300 ألف لا يمثل تقديراً علمياً وإنما هواستنتاج معقول”. الإفتراض الذي قام عليه الإستنتاج أن مستوى الوفيات لم يتغير منذ عام 2003م يناقض ما توصل إليه الفريق الفني للأمم المتحدة في السودان. وكما أوضحت جولي فلنت في “نيويورك تايمز” يوم 6/يوليو/2007م وذي “أندبندانت” يوم 31 يوليو2007م فأن مصادر الأمم المتحدة تحدثت عن تراجع واضح في معدلات الوفيات في دارفور منذ بداية عام 2005م، وأنها وصلت الي مستوى أقل من 200 حالة في الشهر، وهو أقل مما يمثل حالة طوارئ.
كون أن المحكمة الجنائية الدولية قد سيست قضية العدالة لا يمثل سبباً لإهمال موضوع المحاسبة. أس الحقيقة في عريضة الإدعاء تتعلق بالفترة 2003م 2004م عندما كانت دارفور مسرحاً لقتل جماعي. كان هناك قتل جماعي وليس إبادة . المسؤولون من ذلك متعددون وليس فقط حكومة السودان. لا يوجد شك أن مرتكبي العنف يجب أن يحاسبوا ولكن تحديد متى وكيف يتم ذلك يمثل قراراً سياسياً لا يمكن أن يترك لمدعي المحكمة الجنائيةالدولية.
وما يمثل القضية الأهم لأفريقيا، أبعد من براءة أو إدانة الرئيس البشير: هو العلاقة بين القانون والسياسة، بما في ذلك تسيس المحكمة الجنائية الدولية.
لقد تركز النقاش حتى الآن على الحاجة الي قواعد موحدة للتعامل مع كل مجرمي الحرب بغض النظر عن جنسياتهم أو توجهاتهم السياسية. عندها فقط يمكن أن تكون هذه القواعد عادلة، وبالتالي تكون العدالة بمثابة رادع. ولكن إذا استخدمت العدالة كقناع لمعاقبة أولئك الذين يجرأون على تحدي قوة أميركا، فإن المنتقدين يشيرون الي أن هذه الممارسة لن تكون رادعاً لمجرمي الحرب المحتملين، وإنما لاولئك الذين يجرأون على تحدي أميركا.
وأرى أن السؤال الأهم يتعلق بالنتائج السياسية لسعي “أصوليي العدالة الجنائية” الذين يصرون على إنفاذ العدالة الجنائية دون اعتبار للسياق السياسي أو النتائج المترتبة على ذلك. لنأخذ مثالاً واحداً. لو أفترضنا أن المحكمة الجنائية الدولية لديها الإرادة السياسية والشجاعة لمحاكمة مجرمي الحرب في حرب أميركا على الإرهاب ، يمكننا القول بثقة أن النظام السياسي الأميركي قوى بما يكفي لإحتواء العواقب السياسية لذلك. وإحتمال قيام حرب بين الولايات الجمهورية “الحمراء” والديمقراطية “الزرقاء” ضئيل جداً. ولكن هل يستطيع المرء القول بأي قدر من الثقة أن ثمن الأصرار أحادي التفكير على العدالة الجنائية في السودان لن يكون تجدد الحرب الأهلية ؟ هذا الإصرار الأصولى ينبغي أن يسمى إنتقاماً وليس عدالة. ولهذا نحتاج لإعطاء الأولوية للإصلاح السياسي بدلاً من العدالة الجنائية.
نشر أصل المقال في جريدة Mail & Guardian الجنوب أفريقية
ترجمة: الصديق الأمين
المصدر :smc