المثنى: من الذي ربى المجتمع على هذا

[SIZE=5]تداول السودانيون مقطعا لفيديو غنائي ، وكما جاء كخبر هنا في النيلين وكغيري قبل النشر شاهدت المقطع ، وشاهدت كيف تبارت بعض النسوة والرجال في نثر العملات الورقية على راس فرفور الاصلع ..
بل رأيت احد الرجال وهو يخرج ربطة مربوطة بطريقة البنك ومزق الرباط وبدا وكانه اله عد الاوراق النقدية ينثر واحدة واحدة .. وتقدم اخر ووقف امام فرفور وبدا ينثر على وجهه الاوراق مما اضطر جمال ان يحني راسه في منظر مذل حتى انتهى الرجل من نثر النقود ..
لم يقتصر المشهد على هؤلاء الرجال وانما ظهرت بعض النسوة ويدل على لبسهن ونداوة وجوههن انهن من صاحبات المصارين البيض ، وتسابقن هؤلاء النسوة بإفراغ محتويات حقائبهن من العملات الورقية نثرا على فرفور .. اصبت بالدهشة كيف يشتكي العامة ويبكي الاقتصاديون من ضربات الدولار ونحن ننثر الدولار نثرا على رؤوس الفنانين ..
ما الذي يبكي الشعب اذا كان نحن في السودان نفعل ما لا يفعله اصحاب الدولار او صانعيه ، نثروه وغطوا به ارضية المسرح وكأنهم يمتلكون ابار بترول في حيشانهم ولا يهمهم ان نشروا حتى الصباح ..
من سنوات نحن نقول ادركوا الشعب واوقفوا التدهور الاجتماعي الذي اصبح مرضا عضال في وسط كل السودانيين ، التفاخر والتباهي والتسابق في اعمال من المؤكد انها غير جائزة شرعا .. كثيرا ما قلنا اوقفوا هذه الظواهر المستفزة للغلابة والمستفزة للطبقة الكادحة والتي تعاني من شظف العيش و بالكاد تجد رزق يومها ..
هذه الظواهر اثبتت اننا شعب لا يحسن توظيف المال ولا يحسن الاهتمام بالنعمة . فكل من فتح الله فتحا وفارق الفقراء والغلابة انتهج نهجا يسيء به الى نفسه والى السودان عامة ..
في الفيديو لم يحدد الوقت والمكان وبدا الجمهور خليطا لم يعرف من غرب السودان ووسطه وشماله ام ان الحفل في تشاد او نيجريا لظهور ملثمين اصحاب نعمة ولكن تسألت.. اين هؤلاء الاغنياء الذين يدوسون على مشاعرنا وعلى الاقتصاد بالجزمة وتحت اقدام الفنانين ، اين يقيمون ومن اين يكسبون كل هذه الاموال ؟؟
نحن لا نتمنى زوال نعمة احد ولا نحسد الناس على ما اتاهم الله ولكن نشمئز من مثل هذه التصرفات المعيبة ، وهذه التصرفات التي تدل على اننا قوم حديثي العهد بالنعمة ولذا نتباهى بها بهذه الصورة ..
قبل فترة ظهر فيديو فيه خليجي ينثر الدولارات ربطة بعد ربطة على مغنية راقصة وقيل انها وصلت اكثر من مليون دولار ، وكان مبسوطا وسعيدا بتلك اللحظة الا ان حكومته جعلته يندم على ذلك المشهد المشين والمقزز والذي اظهرهم انهم طلاب لذة ومتعة باي ثمن ..
وهنا ايضا هذا الفيديو اظهرنا اننا قوم مترفين ومسرفين في نفس اللحظة ومن المؤكد ان من بين الناثرين للعملة نفر انا متأكد لا يفقهون ماذا يغني فرفور .. وكذلك النساء من البديهي جدا ان يكون من بينهن من هي لأول مرة تسمع بفرفور لان اناس هذا مسلكهم لا وقت لهم لسماع فرفور او غيره .. وانما فقط يسعدون بهذه اللحظات التي يتباهون فيها بالمظاهر والتسابق في ازدراء مشاعر الاخرين ..هل نحن فعلا هكذا ان وجدنا النعمة وانصلح حالنا ، هل سنكون هكذا لا هم لنا غير اقامة الحفلات في الفنادق الفاخرة والقصور الانيقة وحول احواض السباحة ومن ثم نغطي الارضية بالعملات المختلفة؟؟
والله انه سلوك يسيء الينا كبلد وكشعب ويسيء لأصحابه قبل الاخرين ، و كم كنت اتمنى ان تضع الدولة الغائبة عن كل شيء ان تضع قوانين تمنع وتحذر كل من يفعل مثل هذه الامور يقدم للمحاكمة بتهمة تدمير الاقتصاد .. وبذا ايقاف هذه الظواهر المشينة التي لا تشبهنا .. والشيء المهم والاخر هل هكذا انت يا فرفور أحنيت راسك لتتساقط عليه الدولارات وهل بهذه البشاعة والذلة اصبحتم يا فناني الوقت الحالي ,, والله لو ان فعل احدهم مثل هذا على راس المرحوم احمد المصطفى او محمد وردي او محمد ميرغني او محمد الامين لكسر العود على راس من يفعل ذلك.. ولكنت انتهت الكرامة واصبح الفن وسيلة شحدة بأسلوب مغلف ..
والسؤال الملح هؤلاء النسوة من اين لهن هذه الاموال , وان كان هناك مصدر لهن بهذا القدر والكم لم لا يساعدن فقراء السودان وان كن سودانيات حرائر كما نظن لم لا يذهبن للمستشفيات والتبرع للمرضى الذين تخلت او عجزت عنهم الحكومة واصبح ال100 دولار او العشرين الف جنيه معضلة في اجراء علية تنقذ حياة انسان .. الا يعلم هؤلاء القوم ما نثروه في ليلة واحدة يمكن ان يكفي لتشغيل وحدة غسيل كلى لمدة اسبوع .. اولا يعلمون انهم نثر ما يمكن ان يعيل ثلاثين اسرة فقير لمدة شهر .. او لا يعلمون ان ما نثروه يكفي لشراء ادوات تعليمية لمدرسة كاملة ,, ام انهم نسوا ان ما نثروه يمكن ان يفطر عشرات الاف الصائمين في ريفنا الحبيب والذين تكفيهم لقمة بليلة لوبيا وهو الذ طعام لديهم رغم انهم يسمونه (اللوبي العفن) نعم رغم انه بهذا الاسم الا انه وجبتهم في رمضان .. الا يدري هؤلاء ان ما نثروه يمكن ان يقيم زاوية او مصلى في أي حي لا يوجد فيه مسجد ، ؟
اقول انهم يعلمون ويدرون ولكن نزع من قلبهم حب الخير والمباهاة والتفاخر به وزين اليهم المباهاة بنثر النقود وتشتيتها واصبح لديهم افضل من ان ينفقوها في مجال خير او اقامة صدقة جارية .. نعم هؤلاء حرموا من معرفة المتعة حين تدخل الفرحة على طفل يتيم وبائس بلقمة اتته من حيث لا يعلم او لبس نظيف ظل يتمناه سنوات.. وحرموا متعة الفرحة حين يدعوا لهم مصلي بالمغفرة والرضاء لإقامة هذه الزاوية , وحرموا متعة دعاء مريض واحساسه بالسعادة لشفائه وحرموا من احساس فرحة الجوعى بتصدقهم والدعاء لهم ..
ربما يقول قائل ما ادراك انهم ربما يفعلون كل ما قلت .. اقول للمتسائل: والله من يفعل ما ذكرت استحالة يهدر نعمة المال بهذه الطريقة الفجة ..
ان الحكومة تشتت مجهودها في تصريحات لا تودي ولا تجيب وتترك المجتمع ينهار طوبة اثر طوبة ويتفكك مشبك اثر مشبك والاخلاق تهوي الى الحضيض عتبة اثر عتبة .. و استغرب من حكومة اصبح اكثر من ربع قرن ومازالت هناك هوة سحيقة بينها وبين المجتمع والمواطن .. لم نبدو وكأننا في وادي والاخرين في وادي ,, والحكومة تقول انها تعالج مشاكل الاقتصاد ونحن هكذا نقوم بإرسال صور سالبة للخارج .. اين الوزارات المناط بها خدمة المجتمع ومراقبة الظواهر الغريبة ومعالجتها قبل ان تتفشى .. وصونه من الانحلال
السودان اصبح وكانه لوحة زيتية جميلة ورسمها افضل الفنانين التشكيلين واعجبت كل من رآها ، الا ان صغيرا اتي وفي غفلة فصب عليها ماءً فأصبحت لا تعرف هويتها ولا الوانها الاصلية وضاعت الهوية السودانية الاصيلة بتقاعس الدولة وانشغالها بأمور وترك امور مهمة .. نسيت ان الانسان هو اهم ركيزة في عماد الدولة ويجب ان يكون على قوة من الاساس..
والسؤال من الذي ربى المجتمع على هذا ليحاسب .

المثنى[/SIZE]

Exit mobile version