بالفيديو: المخدرات الرقمية.. إدمان جديد يهدد العالم العربي
اذا صادفت شاباً في الشارع أو محطة انتظار أو حتى في البيت وهو يعلق على أذنيه سماعات، ويترنح في حالة من الانتشاء، فليس بالضرورة أن يكون مندمجاً مع أغنية جميلة. إنما يكون حينها يتعاطى مخدرات الكترونية.
وهذا الكلام ليس من باب المزاح أو المبالغة. فمنذ سنوات تصدر عن الجهات الأمنية في جميع أنحاء العالم تحذيرات توعوية عما بات يُعرف بالمخدرات الرقمية Digital Drugs التي لا تقل خطراً عن المخدرات التقليدية.
وهي عبارة عن ملفات صوتية لها تأثير المخدرات والجنس والرعب. ويتم بثها عبر مواقع معروفة، أو من خلال رسالة بينية، بعد دفع ثمن الملفات أو الشحنات التي تحمل أسماء ذات دلالة مثل فياجرا، وماريوانا. حيث يُشترط سماع المقطع الصوتي بسماعات ذات جودة عالية للأذن لمرات متتالية. ويعادل الأثر الذي يتركه الملف الأثر ذاته من تدخين سيجارة من الحشيش أو تناول جرعة من الكوكائين.
هذا ما يقوله خبراء الأمن ويرصدونه عبر الشبكة العنكبوتية. إلا أن هناك من يشكك في حقيقة هذا النوع من المخدرات. ويعتبر الأمر كله مجرد أوهام تُباع للشباب لسرقة أموالهم. فموقع i doseمثلاً، المحظور هنا، مرخص ومصرح له قانونياً من الولايات المتحدة الأمريكية. وهو الأمر الذي يستنكره معظم مرتادي المنتديات من الشباب، الذين يتحاورون بحماسة حول المخدرات الرقمية، ويتبادلون الخبرات فيما بينهم، عن أصلح الأنواع لإدراك النشوة. وكأنهم يتحدثون عن وجبة غذائية في مطعم فاخر. أو عن دواء لتعديل المزاج في أسوأ الأحوال.
مقابل ذلك التساهل من الشباب تقوم المختبرات الأمنية في جميع أنحاء العالم بمراقبة الشركات المتخصصة في إنتاج تلك الأقراص الموسيقية التي لا تقل خطراً عن الكحول والعقاقير والحبوب المنشطة. وتحليل طبيعة الموجات الصوتية التي يمكن أن تفتك بأدمغة الشباب. وذلك بعد أن تحولت تلك الممارسات اللهوية إلى ظاهرة عالمية قوامها الإدمان. تماماً كما يحدث في أغلب حالات التعاطي الواقعي للمخدرات. حيث تتلخص فكرة المخدر الإلكتروني في الاستماع إلى نمطين موسيقيين مختلفين في نفس الوقت. بحيث تتعرض الأذن اليمنى لطنين يختلف عما تتعرض له الأذن اليسرى من نقر. وكأن النظام الحسي يتم اختراقه بأنغام مزدوجة لإحداث أكبر قدر من التشويش.
وبمقتضى ذلك التداخل الحسّي، الذي يقوم على تهييج الدماغ بدرجتين متضادتين، يتولد الشعور بالنشوة التي تقارب حالة السكر. وما يترتب على ذلك الشعور من انقباض وانبساط وفرح وكآبة. وهذا هو تماماً ما يرغبه الشباب، أي العبث بالحالة المزاجية، وعبور أطوار حسّية مختلفة بل متضاربة. حيث يتأتى كل ذلك ضمن منظومة سلوكية باتت معروفة تتمثل في السماعات المعلقة على الأذن طوال الوقت، والأزياء الغرائبية، وتغطية العينين بعصابة من نوع خاص، وأداء تلك الطقوس في غرف معتمة، ذات ديكورات صاخبة ومتنافرة. وكأن جرعة الـ MP3 تدفعه للتحليق خارج مدار العالم الحقيقي.
لم يعد الأمر مجرد رغبة لتقليد نجوم الراب في الغرب. فمن حيث المضمون والشكل نحن أمام مخدرات مستحدثة، محتمة بواقع عالمي جديد. ومن لديه خبرة ولو بسيطة في موسيقى الهارد روك- مثلاً- سيعي طبيعة الأعراض التي تنتاب مدمنها. وهي جرعات لا يمكن مقارنتها بالمخدرات الرقمية. التي يسهل الحصول عليها وتعاطيها. حيث يتراوح سعر الملف الصوتي ما بين دولار وعشرين دولارا. ولذلك ليس من المستغرب أن يحتل العالم العربي المرتبة الثالثة الآن في استخدامها، بعد الآسيويين والأمريكيين، وبأسبقية على الأوروبيين.
وقد بدأت الدوائر الأمنية في الخليج العربي مؤخراً في رصد الظاهرة وتجفيف مصادرها، بعد أن بدت ظاهرة للعيان. حيث تم اعتبارها من المحظورات إلى جانب المخدرات التقليدية. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة. إذ لا يمكن معرفة هوية من يروج لهذا النوع من المخدرات، في ظل لحظة معولمة. حتى من يتعاطاها لا يمكن التعرُّف عليه إلا بعد أن يصاب بتلف حقيقي في حواسه. إذ لا يمكن الشك في كل من يعلق سماعة إذن كبيرة على أذنيه، ولا كل من يلبس ملابس غريبة. كما أن المواقع الإلكترونية حول العالم تتمتع بحماية حقوقية يصعب اختراقها أو مساءلتها. وهذا النوع من المخدرات ما زال بعيداً عن طائلة القانون.
الموضوع برمته ما زال في طور الدراسة داخل المختبرات الأمنية، وأروقة الدراسات الاجتماعية النفسية العصبية في الجامعات. وفي العالم العربي صار الأمر معروضاً بقوة داخل الدوائر الشرعية. إلا أن مظاهره أقوى من أن يتم تجاهلها أو التعامل معها بهذا البطء والحذر. إذ بمقدور أي شاب أن يرتاد موقعاً من تلك المواقع. ويطالع تعليمات التعاطي الميّسرة. بمنتهى السهولة والأمان. سواء في دفع قيمة الجرعة من خلالش تحويل مالي بالبطاقة. أو بتلقي الملف وتحميله وهو في غرفته. أو في اتباع الخطوات المكتوبة بحرفية وشاعرية. وكأن الأمر مجرد لعبة.
[CENTER][B][COLOR=#FF003E]لمشاهدة الفيديو على “فيديو النيلين” أضغط هـنـا[/COLOR][/B][/CENTER] [/JUSTIFY] [FONT=Tahoma] موقع مزمزم.ت
[/FONT]