رأي ومقالات

زاهر بخيت الفكى: أقاشى مُتبل بأسفنجٍ مُعتق..!!


اجتهد الناس كثيراً ، أعنى البسطاء منهم فى بواكير الثورة الربع قرنية هذه فى ابتداع وجبات عجيبة تُعينهم على الحفاظ على حياتهم وقد أبدعوا حقاً فيها والابداع أنها كانت من مكونات محلية مُتاحة يُشرب الشاى والقهوة للمترفين منهم بالبلح والمطاعم تُقدم بليلة العدسية كوجبة كاملة الدسم تؤكل تارة بالبصل وأخرى بالملح والشطة تًغنيك عن غيرها حيث انعدم العيش والزيت والسكر الشعيرية للتحلية يُضاف إليها أى عصير مُتاح يومها على أرفف الدكاكين واستمرت الحياة فى قناعة والأمل فى التغيير باقٍ بينهم..
تغيرت الحياة فعلاً بعد أن تمكن النظام من مفاصل الحياة وتوفرت الأشياء وامتلأت الأرفف وجيوب البعض إلى حد التخمة وفرغُت وتهتكت جيوباً كانت مليئة قبل أن يقف الفقر ومعاوله على أبوابهم ويضعهم فى خانة أصحاب الحاجة واصطحب غيرهم إلى سجون مُظلمة طال أمدهم داخلها ، توفرت صنوف من الأطعمة والغذاءات المستوردة وانزوت المحلية حيث لا انتاج ولم تعُد البصارة وتدبير الأمور ممكنة فى ظل هذا الوضع القائم واختفاء أدوات البصارة ومكوناتها وارتفاع أثمانها فى حال توافرها ..
اجتاحتنا ثقافة أخرى بعد مُضى السنوات الخمس وعشرين الماضية المريرة ، ثقافة طابعها الدمار والفساد انزوت فيها موروثات جميلة وقيم نبيلة كانت نبراساً اهتدى به ذاك المجتمع المتماسك وما به من فضيلة كانت تمشى بين أفراده ، ثقافة صار الصدق فيها عملة لا مكان للتداول بها،احتلت الأنانية مراكز متقدمة جداً فى واقعٍ هيمنت عليه المادة ومن يملكونها وأصبح الهدف المنشود هو الحصول عليها وجمع أكبر قدر منها عبر كل الطرق والوسائل وبلا وازع طالما أصحاب المال هم نجوم المجتمع ورواد التغيير فيه والقدوة لكثير من المُعدمين ..والمشروع (الحضارى) ما زال قائما..
من السبب يا ترى..؟
أقاشى مُتبل بأوسخ أنواع الأسفنج القديم المُعتق المطحون..
تقلية مدعومة بجوالات خيش القطن المملوح وما أحلاها…
شاورما بالفراخ (المُهرمن) بالهرمونات والميت (المُخلل) المغسول جيداً بالخل والمُحلى بطماطم البيوت المحمية (المحمية)..
شية جمر وصاج بلحوم أخرى لا تؤكل تلذذنا بها وبمُشهياتها .
موز بيجى اللون..بمواد حارقة موزون ..وبطيخ بالحُقن مطعون..
ما خُفى أعظم …والله وحده هو من يعلم…
حتى التمباك الضار أصلاً صار أكثر ضرراً بإضافة روث الحيوانات والعرقى حتى يُصبح أكثر فتكاً بمن يتعاطونه ويدُر عائداً مالياً إضافياً لمن يُتاجرون فيه..
العرقى نفسه المُحرم شربه والتجارة فيه لم يتركوه أُضيف إليه من المحرمات ما يجعله أكثر فاعلية لمن يشربونه وأكثر عائداً وحُرمة على صُناعه وبائعيه..
وياما فى الجراب يا حاوى..
والله المستعان..
زاهر بخيت الفكى

بلا أقنعة…
صحيفة الجريدة السودانية…