ساندرا طه

آخر محطة حُب


آخر محطة حُب
متوهم هو منذ أزل بأنه أعمى فهل لا يرى الحب أكفاً مجعدة و وجوهاً لعب معها الزمن لعبته, هل الحب مقاوم للزمن أم ان الزمن مقاوم للحب, و لماذا يشيعون
عنه أنه رجل فاني, يعاني من شطحات الكهولة مثل كل الرجال! يتقطر يوماً تلو يوم حتى لا يظل منه سوى ما بقي من حثالة في قعر الكؤوس.
كل من يبدأون التحليق في سرب الحب يجفلهم ذلك الشبح الكئيب, فيعمل في قلوبهم عداد الحب ساقاً بساق مع رقصات عقارب الساعة, يمكننا أن نسابق الزمن و لكن هل يمكننا أن نسبقه ؟؟ نمتطي مكوكاً عجيباً نسافر فيه الى الآتي لنستطلع ديمومة الحب؟, لنعرف من سيمسك بايادينا المجعدة و يشاركنا قهوة الصباح و قيلولة الظهيرة و قهقهة المساء ؟, من سيبقى رغم كل خدع الزمن ينظر إلى وجوهنا بذات العيون الشبعة بالحنان.
أشياء كثيرة في الحياة لا يوجد سوى طريقة واحدة لفهمها, أن تعيشها و تكون بطل مسرحها, العمر و فصوله أول تلك الأشياء, الناس و الحب و الموت , دائماً عندما تشيخ العقول و يقتات منها الزهايمر و تتداخل الحقائق مع بعضها.. تبقى اقدم الذكريات و تبقى وجوه من نحبهم و تبقى عواطفهم فكيف إذن يشيخ الحب؟ , قالوا أن الحب حرباء تتلون من أحمر الجنون إلى رمادي الإعتياد, تتحول الزوجات إلى تذكارات من الماضي و رفاق سكن و فروض ثقيلة من المجاملة , بينما يتعتق حب الأزواج و يصيرون كالأنتيكات تزداد قيمتهم العاطفية في قلوب زوجاتهم كلما سقط يوم من روزنامة البيت.
ديمومة الحب قضية تشغل كل يافعي الحب, و رغم هذا لم تكن يوماً إشارة توقف, لم تكن لتبدد أحلام السعداء, لكن الحب ليس هرموناً و ليس له جسد.. الحب عاطفة في القلب .. تسكن في النصف الأيمن من عقولنا.. في النصف الذي لا يشيخ, الحب هو تآلف الأرواح و الأرواح لا تبلى مع الأجساد, الحب ليس توأم الشغف فكم من شغوف لا يدق له قلب, أما كل من يمضغون هذا النشيد ليسوا سوى مفلسين من الحب, من العرفان والوفاء, أثرياء بالانانية.
أقبح ما في العجائز الخائنين أنهم يجاهرون بغدرهم كمفخرة, يتوهمون حقاً بقسمتهم الضيزى و شباباً لن يعود, يجعلون خواتم أعمالهم نخاسة فيشترون جسداً غضاً بمال كثير , يشترون بقايا سعادة لهم بشقاء طويل لغيرهم.

ساندرا طه – صحيفة حكايات