مصطفى الآغا

ماضي الكويت


[JUSTIFY]
ماضي الكويت

رغم أنني شخصيا أنتمي لدولة معروفة بالتاريخ والثقافة والفكر لعدة آلاف من السنين، فإن التجربة الكويتية في الإعلام والحياة البرلمانية جذبتني، رغم صخبها (المبالغ فيه بعض الأحيان)، ما يجعلنا نتوقف عندها بكثير من التأمل.

وكدارس للأدب، ثم كمدرّس له، كانت مجلة العربي (الكويتية) ضالتي المنشودة، وكانت بعض الصحف الكويتية نموذجا لنا في الحرية واتساع مساحات النقد، رغم أن الكويت ليست دولة أحزاب بالمفهوم السياسي للكلمة.

وكانت صحف الوطن والقبس والراي والسياسة هي الأشهر، إلى أن جاء يوم وقرأت في «تويتر» أن زميلي وصديقي ماضي الخميس تم تعيينه رئيسا لتحرير جريدة «الكويتية».. وللأمانة، لم أكن قد سمعت بها مسبقا، وهذا ليس انتقاصا منها، وربما يكون نقصا فيّ.

المهم أن ماضي، الذي أطلق ملتقى الإعلام العربي قبل عشر سنوات، اتصل بي، طالبا مني أن أكتب في هذه المطبوعة، وكان شرطي الوحيد ألا يقيدني في المساحة الرياضية، لأنني لا أريد أساسا الكتابة في الرياضة، وأنا الذي لدي حفنة من الكتب الأدبية، منها مجموعتي الأخيرة (جياد بلا صهيل) الصادرة عن دار مدارك في أبوظبي.

ولم يُخيب الزميل ماضي ظني، ووافق فورا، وقال هي مساحتك، فاكتب بها ما تشاء.. وظننت أنني سأكتب في مطبوعة مازالت تحبو، ولكني فوجئت حقيقة بحجم القفزة السياسية والأدبية والتكنولوجية (أي عالم النيوميديا والإعلام الجديد) الذي كانت غائبة عنه تماما هذه «الكويتية»، وفوجئت أكثر أن معظم من تعرفت عليهم في ملتقيات «ماضي الخميس» يكتبون فيها، وهم من الشبان والشابات الذين لم يأخذوا حقهم في الظهور الإعلامي، ولمعظمهم مؤلفات مهمة وكتب تستحق القراءة، مثل ريم الميع وكتابها «كويتية في غوانتانامو»، وسارة مطر، صاحبة «قبيلة اسمها سارة وأنا سنية وأنت شيعي»، وهي بالمناسبة ترى في مقالاتي بعض السخافة، والكثير من الضحالة.. ولأنني أؤمن بالاختلاف في الرأي، من دون «شخصنة» الخلاف، لهذا أشيد بها في الوقت الذي هاجمتني فيه عبر حسابها على «تويتر».. ومن الأسماء التي أعطت «الكويتية» تلك القوة د.جاسم المطوع ونورة مجدوب ود.حنان الخلف، أستاذة الفلسفة بجامعة الكويت، ود.أحمد عبدالملك ووضحاء العدواني وسمية علوي ومضاوي العثمان وزميلتي علا الفارس.. أما بيضة القبان، فهو الصديق الكاتب السعودي محمد الرطيان، الذي أتحدث معه كثيرا، ولكني لم ألتقه بعد، واعتبر كتاباته وتغريداته مدرسة لمن يريد أن يتعلم فن الكتابة والتعبير، ولا أنسى طبعا بقية الأسماء التي أثبتت أن نهم القارئ العربي للمقالة يوازي أو قد يفوق نهمه لمتابعة الخبر الذي بات يصله على هاتفه المحمول عبر «تويتر» وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، وأن تنوع الآراء والجنسيات يُثري ذائقة القارئ ولا يُفسدها.

ماضي الخميس هو ماضي الكويت، وما فعله في «الكويتية» يؤكد أن أي صحيفة أو مطبوعة يمكن أن تغير جلدها في أيام فقط، إن وجد صاحب الفكر النيّر الذي لا يضع مداهنة أصحاب الكراسي أساس بقائه على الكرسي، لأن الصحافة بالأساس يجب أن تكون السلطة الرابعة، بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. قلنا «يجب أن تكون»، وهي في دولنا العربية ليست كذلك إلى حد بعيد، حتى بعد الربيع العربي، الذي تحول إلى خريف وشتاء ماطر عاصف، فيه البرد والرعد والريح، حتى في عز حر أغسطس (آب) اللهاب.
[/JUSTIFY] [email]Agha2022@hotmail.com[/email]