أبشر الماحي الصائم

إلا الرغيف!


[JUSTIFY]
إلا الرغيف!

*لمّا كانت الإنقاذ تفتتح جسر المنشية الجريفات على يد السيد رئيس الجمهورية، ذلك الجسر الذي زادت كلفته عن عشرة ملايين دولار، والأناشيد والطبول والمياه الغازية والذبائح تراق على صور ذلك المحفل الباهظ، عمدت يومئذ أن استنطق رجلاً يجلس على حافة ذلك المشهد، ماذا يعني له هذا الجسر وهذا الافتتاح، قال الرجل، والإنقاذ يومئذ قد تناقصت شرعية خبزها، إن كيس رغيف واحد خير لي مما طلعت عليه شمس هذا الجسر.
*وفي (اليوم التالي) غداة ذلك المحفل الباهظ، بينما ذهب زملائي يحتفون في مقالاتهم بذلك المشهد الباذخ، ذهبت أنا في المقابل لأكتب مقالاً تحت عنوان هذا خبزهم وتلك (جسورهم وقصورهم).
وقديماً قال أهلنا في البادية (الزول بونسو غرضو)، فحلم الجيعان عيش، وذلك لدرجة التساؤل المقلق: هل كان هناك ارتباك واختلال في أدب الأوليات، فالأمة التي تحتفل بجسور تذهب كلفتها إلى مئات الملايين من الدولارات، لم تشبع بعد من العصيدة والكسرة، شيء (يكسر الخاطر) ويكسف (ويكسر أقلام) كل الكتاب الذين يبشرون بعمد الكفاية والرفاهية والعدل تحت ظلال دولة الإسلاميين.
*أكثر الناس حزناً هذه الأيام هو (صاحب الملاذات)، صاحب أطروحة (دولة الكسرة والانكسار) وأدب الولاء الذي يرتكز على (حكومة العجين)، الفلسفة التي أطلقها ذات يوم صوفي هائل العارف بالله الشيخ ود بدر (أكان ما عجيني منو البجيني)، و(كان ما الكسرة ما جات الناس منكسرة)..
*هل نسيتم بأن المبررات الأولى التي ركب على متنها الاسلاميون كانت (سفن القمح والدقيق) وتلك الأناشيد المذهلة.. تلقى الغبش واقفين صفوف.. أن نعود الصف القهقرى، فتلك ردة كبيرة تستوجب المغفرة قبل الاعتذار.
*إنما الإنقاذ الكسرة ما بقيت فإن همو ذهبت كسرتهم.. الكسرة هي التي هزمت كل التعدديات في عقر ديمقراطياتها المتعددة، فعلى الأقل أن آخر نسخ تعددية السيد الإمام المهدي لم تخذلها الأغلبية البرلمانية، بقدرما هزمتها (سفن القمح) في عرض البحار والمحيطات، وذلك لدرجة الزعم، بأن الشرعية الحقيقية هي الخبز ولا شيء غير الخبز، فإن شرعية أي نظام مع آخر لحظة قطعة خبز وجوال قمح، فمن نفد خبزه لم تسعفه أغلبيته وشرعيته!
*الخبز هو (الدستور الدائم) بل هو أقوى من الدستور، فيمكن لأي أمة أن تعيش بلا دستور فترة من الزمان، ولكنها في المقابل ليس بمقدورها أن تعيش بلا خبز.
*ليس هذا فحسب، بل الخبز هو (الشريعة) ألم يقل الحق تبارك وتعالى (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)، فإذا أردت أن تقيم دولة العدل والكفاية، فعليك أن تبدأ بتوفير (الأمن الغذائي) قبل كل شيء آخر.
*لك أن تتخيل معنويات شعب، وهو يقف على صف الخبز ويحمل صحفاً تقول خطوطها (بانهيار الموسم الشتوى)، فهذا يعني أن الصفوف سيتطاول عهدها حتى المواسم القادمة، فتلك وقفة مستحيلة.
*لقد دعوت قبيل الموسم الشتوي بتشكيل (حكومة تصريف اعمال) الموسم الشتوى، على أن نجمد كل شيء إلا منشط الزراعة، على أن نبدأ بتوزيع السادة المساعدين والنواب والمستشارين على (ولايات القمح) أن يبقوا هناك حتى نهاية الموسم.
*لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا لشرعنا فوراً في تأسيس (حكومة تصريف أعمال الموسم)، موسم القمح وتداركه قبل فوات الأوان.
الله المستعان وعليه التكلان
ولا حول ولا قوة إلا بالله

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي