أبشر الماحي الصائم

بلاغ ضد هيئة الكهرباء


[JUSTIFY]
بلاغ ضد هيئة الكهرباء

*هي مفارقة أقرب إلى تراجيديا، رجل ضد دولة ودولة ضد رجل، تلك الحرب غير المتكافئة التي دارت على مدى عقود من الزمان بين الشهيد أسامة بن لادن والإمبراطورية الأميركية.
*بمعنى (رجل ضد مؤسسة حكومية باكملها) ومؤسسة ضد رجل بمفرده، وإن كنت في هذه الحالة ارتكز على حي بأكمله وأتحصن بمواطنيه الضحايا، وذلك برغم فداحة تلك المقولة (ماذا سيقدم جريح لجريح وغريق لغريق؟) إلا أن مجموعة الجرحى يمكن أن يشكلوا أغلبية.
*وتلك الجريمة المؤلمة التي قد حدثت منذ نحو أسابيع قليلة تعود تفاصيلها إلى الحيثيات الآتية:
*في حوالي الحادية عشرة ليلاً من تلك الليلة المؤجعة التي سيذكرها ساكنو حي القادسية بشرق النيل طويلاً، وبصورة مفاجئة ومرعبة قد أرسلت لنا هيئة الكهرباء شحنة كهربائية هائلة كادت تهلك الحي بأكمله تطاير على إثرها الشرر في كل الأمكنة والآفاق وانبعث الدخان في كثير من الأجهزة الكهربائية..
*ولما أفقنا من تلك الصدمة ذهبنا نتفقد خسائر الفادحة، فما من بيت إلا أصابته ضربة رمح أو طعنة سيف، أعني هلاك واحتراق الأجهزة الكهربائية التي لم يسلم منها بيت واحد.
*صاحب هذه الملاذات كان من أقل المواطنين خسارة، وبرغم ذلك قد خسرت جهاز ديغتال وشاشة تلفزيونية 32 بوصة ماركة سوني ووصلة جهاز لاب توب وإطفاء نصف المنزل، وهنالك بيوت قد احترقت بكاملها.
*بيد أني قد أصبت في مقتل إذ جاءت هذه الخسارة في عقر دار مهنتي، فنحن معاشر الإعلاميين نتغذى ونتقوى لأداء مهنتنا من هذه الشاشات الإخبارية التي تشكل لنا مصدر معلومات متجددة.
*وفي ذلك اليوم الذي هرع فيه المواطنون إلى مقر إدارة الكهرباء بشرق النيل بغرض الاحتجاجات والبلاغات لم يتواجد في المكاتب إلا بعض العاملين الصغار، فقد خرج الكبار، وذلك حسب إفادات الذين ترددوا على مكتب الهيئة.
*وتكمن عظم هذه الخسائر وفداحتها في أننا شعب يعيش مسغبة وحالة اشتعال لأسعار كل السلع سيما الأجهزة الكهربائية، فعلى سبيل المثال هذه الشاشة التي اقتنيتها عن طريق شركة البيع بالتقسيط بمبلغ لم يتجاوز وقتها المليون وثمانمائة جنيه، هي الآن بالكاد الآن تذهب إلى الأربعة ملايين جنيه، والحال هذه لم يكن بمقدور معظم الأسر أن تعوض هذه الخسارات وتتعافى من هذه الأزمة في وقت قريب، تصوروا معي أن أسرة فقيرة فقدت في ليلة واحدة الثلاجة والتلفزيون وكل لمبات وسلوك المنزل، فكم تحتاج من الزمن لتعويض هذه الخسائر!
*فبطبيعة ثقافتنا وتشكلينا وفطرتنا لم نذهب كمواطنين في حالة (شكوى رسمية مقننة)، وذلك برغم أن كل الشواهد بين أيدينا، فمنهم من استعصم بقيمة (يعوضنا الله)، ومنا من لاذ بدعوة (شكيتكم على الله!).
*هل تفاجأنا الهيئة بإرسال تيم للتحقيق أولاً للتعرف على الذين تسببوا في هذه الكارثة، ومن ثم تبتدر عملية احصائية لأعداد المتضررين، على أن تعوض المواطن خسارة جهاز واحد من بين الأجهزة التي فقدها، ولاسيما أن هذا الشعب الفقير أصبح يسدد مسبقاً قيمة كهرباء لم تنتج في محابسها العليا! مثل شكاوى هؤلاء الفقراء المظلومين تمحق بركة الحكومة وتزيد من عللها وأمراضها إن لم تتداركها بعمليات إنصاف وتضميد لجراحاتهم.
*مخرج.. والذي هو أسوأ من ذلك هنالك أعمدة كهرباء داخل بيوت في هذا الحي عمرها عشرات السنين، وحفيت أرجل ساكينها، ومكتب شرق النيل لا يحرك ساكناً!
*مخرج أخير.. الشكية لي أب إيد قوية!

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي