مقالات متنوعة

محمد لطيف : مقاومة التنميط السالب.. الفقيه نموذجاً!


وحين أقرأ في الأخبار أن سفير السودان بالأردن يسعى لتوأمة بين الخرطوم وعمان لا أندهش.. فالصادق الفقيه أو الصادق بخيت الفكي.. وهذا اسمه قبل أن ينداح عربيا وعالميا.. ويصبح اسمه الصادق الفقيه.. والذي أصبح سفير السودان بالأردن بعد أن كان الأمين العام لمنتدى الفكر العربي.. لا تدهشني مبادراته فقد اعتاد على الابتدار.. رغم كثير المثبطات التي واجهته.. هنا.. وهناك.. وأقر أن شهادتي في الرجل مجروحة.. لذا ها أنذا أهرع لشهادة أردني لم تكن تربطه بالصادق أدنى صلة حتى التقاه.. ولأن الشهادة تمس بعض أوجاع السودانيين فها أنذا أنشرها هنا.. وهي قد جالت في بعض الأسافير على كل حال..!
يقول الأردني: (قبل مدة من الزمن اتصل بي الصديق نبيل العبيدي (أبو المثنى).. وهو رجل أعمال عراقي.. وطلب مني تدريب شاب سوداني يدعى محمد في مكتبنا وهو طالب هندسة في إحدى الجامعات الماليزية.. وهو ابن صديق له كان يقيم معه في لندن.. للوهلة الأولى ظننت أنه مثل تدريب طلاب جامعاتنا.. نراهم المرة الأولى عند إحضار ورقة تفيد بموافقتنا على التدريب يقوم بتسليمها للجامعة.. ويعود بعد شهرين أو ثلاثة ليأخذ ورقة منا تفيد بأنه كان شعلة نشاط وآينشتاين زمانه في المعرفة وختم العلم عنا.. ليعود ويسلمها للجامعة تفيد بانتهاء التدريب.. وبصراحة يقعد ساعة حتى يذكرنا بحاله.. لأننا بنكون نسيناه مع طول الغيبة..
ولكني فوجئت بأن محمد الصادق كان مثابرا يصل إلى المكتب وينتظر قبل الجميع عند الباب.. يدون كل شيء.. غير فكرتي عن الشعب السوداني تماما.. دعاني أبو المثنى لجلسة في منزله مع والد محمد الصادق.. وعرفني عليه بأنه السيد الصادق الفقيه من السودان.. كان يقيم معه في لندن.. حطيت رجل على رجل وبلشت أحكي.. وسكرت بالحكي على الجميع.. (أخذت بناصية الحديث).. عن كسل الشعب السوداني.. وكيف عندما ذهب السودانيون مهنئين لسوداني أصيب بالشلل في حادث سير وأصبح قعيدا للكرسي المتحرك.. وقالوا له باللهجة السودانية: هنيالك يا زول.. والله ما حدا قدك يا زول.. من النهار دا لا شغلة ولا مشغلة.. تقضي باقي العمر قاعد.. فيجيب عليهم: والله أنا نفسي ذات نفسي ماني مصدق.. والله العظيم تلاتة.. أنا خايف من الحسد أقوم أمشي.
ضحك الرجل وتماديت أنا بالنكات وهو يسمع.. ثم عرفني على نفسه بأنه.. أمين عام منتدى الفكر العربي.. وإذا برجل يحمل 3 شهادات دكتوراة من أمريكا.. وكان مستشارا للرئيس السوداني عمر البشير.. وبدأ الحديث عن الفرق بين الثقافة والمعرفة.. فإذا هو بحر لا يمكن سبر أعماقه.. بحر معرفة لا ثقافة.. شعرت في حضرته بأن ثقافتي لم تتجاوز (المكتبه الخضراء).. الخاصة بالأطفال.. وندمت على كل كلمة تفوهت بها.. وأيقنت بعدها أن السكوت من ذهب.. تكونت بعدها صداقة كان فيها تكافؤ في المحبة.. ولكن كان فيها اختلال في ميزان الفكر والمعرفة يميل بشكل لا جدال فيه لمصلحته..
في سهرة جمعتني به بمناسبة العيد.. وقد تم تعيينه سفيرا للسودان في الأردن.. وبحضور زوجته القادمة من السودان والتي شغلت منصب وزيرة التنمية الاجتماعية في السودان.. طلب مني الحديث.. قلت له: أبو محمد لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين.. كنت أحكي بالقطارة.. وطبعا هاي مش عادتي في غير أماكن.. أطرف ما قيل في الجلسة.. ما قالته زوجته.. الدكتورة الوزيرة: (الزواج الثاني مثل الانقلاب العسكري.. إذا انكشفت الخطة فشل الانقلاب..!)
انتهت الشهادة.. وبقي أن نقول إن أميرة الفاضل بالطبع مطمئنة وسعيدة.. وتحكي في الحكاوي.. لأن (الضرة) الوحيدة التي تنافسها على الصادق هي الاطلاع والمعرفة.. فالصادق يتعاطى الثقافة بمعناها اللغوي لا الاصطلاحي..!
وأخيرا.. وفي زحام احتفاء المهندس الأردني أمجد أبو ريا بصديقه الفقيه لا ننسى إشارته المهمة لاجتهاد (محمد).. فلا غرو فهذا الشبل من ذاك الأسد..!
و.. من شعر أن الموضوع ليس بتحليل السياسي.. فليعد قراءته..!