تحقيقات وتقارير

بندوة العلامة عبدالله الطيب: اللغة العربية من لغات أوربا


اللغة العربية من لغات أوربا هو عنوان ندوة العلامة عبدالله الطيب التي ينظمها معهد عبدالله الطيب برعاية الشركة السودانية للهاتف السيار « زين» .. وقد أثارت العديد من النقاش قبل أن يتم انعقدها كما ذكر مقدم المحاضرة ب. جعفر ميرغني …وقدمها وأدار الحوار الأستاذ محجوب دياب … أشار ب. جعفر في بداية حديثه الى أن هذه الورقة والتي – انا بصدد عرضها – قد اقتبسها من عنوان لورقة علمية قدمت في مؤتمر في باريس قبل 35 عاماً ، وكان الموضوع مسألة تدريس اللغة العربية في أوربا ، والورقة قدمها أحد المشاركين بالمعرض ( مارسيل ديغريف ) وكان عنوان الورقة اللغة العربية من اللغات الأوربية ) وكان يعني أن يفهم الدارس أن اللغة العربية جزء من التراث الأوربي بمعنى أنها لغة لبعض المواطنيين الأصليين في أوربا .وبذلك أصبحت عضو من اللغات فيها ، ودعا الطلاب للانطلاق من هذا المفهوم ..

وقد أثارت هذه الورقة جدلاً كبيراً في الكنيسة الإسبانية وترجمت الصلوات باللغة العربية … ثم قال : هذه اللغة توطنت في أوربا ولا يمكن أن تخرج منها وان كانت ميتة الآن في الاستعمال ، وكذلك هذه هي إحدى لغات كثير من البلدان الأخرى ..
أثارت الورقة جدلا كبيرا فقالوا له لتصبح اللغة العربية واحدة من اللغات في أوربا لابد أن يكون لها أثر شأنها شأن اللغات الأخرى . فقال هنالك مفردات كثيرة متداخلة ولكنهم قالوا لابد أن تكون مؤثرة .
راقت لي هذه الفكرة كثيرا – الحديث لبروف جعفر – وذهبت أبحث في هذا الموضوع فعرفت أن اللغة اللاتينية ليس لها أداة للتعريف الا أن اللغات الرومانية نجد فيها أداة للتعريف وهي اللام وأيضا هي أداة التعريف في اللغة العربية ، وهي اللغة التي سادت في اسبانيا وأثرت في مجتمعها وهذه حقيقة مهمة فمن أين أتى حرف اللام في اللغات الرومانية ؟ … الشئ الآخر وبعد أن رجعت عكفت على دراسة الموضوع بدأت بتصحيح البداية ، الحقائق التاريخية ردت الأمر الى أن وجود العربية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وهذا غير منكور وكان على يد عرب كنعان الذين أنشأوا الكثير من المدن ( قرطاج ، قرطبة ، مدريد وغيرها من المدن ) التي استوطن فيها الكنعانيون وكانت تعرف بالوادي الكبير « نهر قرطبة « وأقاموا أسواق في هذه المدائن فماذا دخل معهم الى أوربا ؟ من أين جاءت حروف اللغتين وهي الأصل للغات الأوربية ؟ جاءت من الحرف الكنعاني . فالسؤال الذي يفرض نفسه هل أوربا التي كانت لا تكتب بعثت بمجموعة من الدارسين للدول العربية أم أن الحروف توطنت مع المستوطنين ؟ الشاهد أن المعجم العربي في اللاتينية أكبر شاهد على ذلك وهذا يعود لزمن أوسع من زمن محاضرة مارسيل وقد نتج عن ذلك عدة ملاحظات : غزارة المفردات المشتركة مع العربية ، توجد مفردات أساسية كمجلس الشيوخ « سنيت « في اللاتينية ، شئ آخر اللغة نفسها تتبادل في حرف السين والتاء في اللاتن وهي اللسان أو اللغة كذلك نجد الابدال في اللغتين في الحروف الشديدة والحروف المنزلقة ( عتيق أتيك ، موت مت ) والباب واسع في هذا الشأن … وسبب آخر أدي الى هذا التواصل المستمر بسبب التجارة وهي من أقوى العوامل في انتشار اللغة العربية .. كذلك في هذا الأمر البعد التاريخي والجغرافي مهم جدا في دراسة أصول اللغات لأن الأوربيين يعتقدون أن لغتهم هندوأوربية لذلك لابد من امعان النظر في الأثر الأدبي في حوض البحر الأحمر وهو مؤشر لتداخل لغوي كبير مما يدل على طول التعايش بين العربية واللاتينية والرومانية وتقف ( عطيل ) شاهدا علىى ذلك ..الخريطة الاسلامية للفتوحات الاسلامية لم تدرس كما ينبغي لها ، التاجر العربي كان ذو علم واسع لذلك عثمان بن عفان عندما ولى عبدالله بن أبي السرح وجهه لفتح الأندلس وعندما بلغوه بفتح أفريقيا كتب لهم قائلا: عليكم بالأندلس فان القسطنطينية تفتح من الأندلس وهذه عبقرية عثمان فمن أين اكتسب هذه المعرفة كانت تذهب تجارة العرب الى هنالك وكان البحارة عربا في خدمة الدولة الرومانية والعرب بطبعهم بحارة لأنهم تجار وأبناء جزيرة كجزيرة بريطانيا .. حكم العرب الأندلس وأصبحت اللغة العربية لغتها وكانت تسمى مستعربة لأنها عربية مكسرة ..
بعض الدارسين الآن يحاولون لوي عنق الحقيقة وقالوا أنها استخدمت في القرن التاسع عشر لماذا ؟ الآن توجد محاولة لطمس حقائق هذا التاريخ وهؤلاء المستعربة تعاملوا في السوق بالعامية العربية ودخلت عبرها بعض المفردات ونظموا بها أشعارهم وأغانيهم وظهرت معاني مترادفة .
بعد أن دانت الاندلس للحكام الجدد كانت أولى تدابيرهم تحريم استخدام اللغة العربية والاعتقاد بالديانة الاسلامية وطرد جموع كبيرة من المسلمين وظل بعض منهم في الخفاء يستخدمون اللغة العربية في بيوتهم وأقيمت محاكم التفتيش وأحرقت الكتب وأحرق معها التاريخ والحقائق ، ومع ذلك ظل الى الآن الدارس للاسبانية يعرف مدى أثر العربية عليها في صناعات هذه الدول كالأرقام الرومانية التي نجدها على الساعات ، عبر التداخل الأندلسي استخدمت هذه الأرقام ، ودخلت النوتة الموسيقية تاريخ الموسيقى الأوربية .
شهدت المحاضرة العديد من المداخلات الثرة ب. حسن عابدين تساءل عن أن كبف هذه المجموعات الصغيرة استطاعت أن تترك هذا الأثر الكبير ؟ ووصف المحاضرة بأنها وكعادة د. جعفر يأتي بالجديد وبالمفاجآت ولكن ما ذكره البروف عن أن الكنعانيين عبر هذه الهجرات تركوا هذا الأثر الكبير يحتاج الى توثيق أكثر من ذلك .
الأستاذ كمال أحمد البشير اتفق مع البروف في كثير من النقاط التي وردت في الورقة وأكد على انتشار اللغة عبر الأسواق واستشهد بما يحدث في سوق دبي من خلال تغير لغة السوق من لغة الى أخرى عبر الدول المسيطرة على التجارة فيها .
د. خالد فرح تحدث عن أن علاقة العربية باللاتيني تجعله يستحضر كتاب اللاتينية العربية لعلي فهمي الذي كان مهتما بمسألة مقارنة اللغة العربية باللغات السامية وقد ذهب فيه مذهب د. جعفر ميرغني وتوسع في هذا الشأن .
الشيخ عمر الأمين اتفق أيضا مع بروف جعفر فيما ذهب اليه وأضاف الى أثر الكنعانيين دور سكان البحر الأبيض وتساءل عن من أسس أوربا وذكر أن النوبيين هم من كان يسكن البحر الأبيض وذكر بأن قبائل الجرمان كانوا يعيشون في الغابة لا يعرفون النحت ولا غيره وتساءل من قرأ الأثينيون ؟ وأضاف أوربا قرأت أثينا من خلال قدماء العرب !.

رصد : وفاء طه
الوان