انتهاء مهلة الحسن الميرغني حكاوى (181) يوماً لم تُغيِّر السودان
كانت عقارب الساعة تشير إلى التاسعة مساء فيما أمطار خفيفة تغسل أرصفة شوارع مدينة نصر الحي الراقي في العاصمة المصرية القاهرة. يطل على ذات المشهد، ومن طاولات مطعم أنيق شاب مهندم يرتدي (تي شيرت)، وبنطلون (جينز)، ويتجاذب أطراف الحديث مع بعض من رفاقه ويظهر اهتماماً كبيراً بصحن (فول) جاثم في وسط المائدة.
وجود السودانيين في المقاهي والمطاعم المصرية لم يكن امراً مدهشاً لكن الشاب السوداني العصري في ملبسه ومظهره تكفل بصنع الدهشة وذلك لكونه محمد الحسن الميرغني شخصياً، وإن كان الشاب وقتذاك معروفاً بأنه نجل مولانا محمد عثمان الميرغني مرشد الطريقة الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الإصل فإن الايام ادخرت له شأناً كبيراً إذ سيصبح لاحقاً مساعد أول رئيس الجمهورية.
خمس صحف
بصورة فجائية عقد الحسن الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الأصل بالإنابة يوم أمس الأول (الثلاثاء) لقاء صحافياً الغرض منه البث وليس التلقي. حضرت اللقاء خمس صحف منتقاة ربما كما يفعل تجار المراغنة في اختياراتهم المميزة للتمور التي يمكن الرهان عليها في السوق لكن الرجل شحيح الكلام قد يكون فوجئ بأسئلة الزملاء المستفزة والتي ترقى لأن تكون محاولات جدية للنخر في الحزب الكهل.
وكما هو معلوم فإن الخبر سلعة سريعة التلف، ولكن يمكن تدويره وزجه في خطوط انتاج جديدة، لذا اهتمت الصحف السيارة المغيبة عن اللقاء بما صدر عنه لا سيما وأن الـ 181 يوماً التي قررها لتغيير حال البلاد والعباد أو كما يحب هو الوطن والمواطن، تنتهي اليوم (الخميس).
رسائل مهمة
بدا أن الحسن في اللقاء يعمل على توصيل رسالتين أولاهما أن مولانا الميرغني بخير، أما الثانية فتقرر عدم تكليفه بأي ملف من قبل الرئاسة منذ تعيينه في يونيو المنصرم، وهي رسالة اقرب إلى الشكوى من أي أمر ثان.
كذلك كشف الحسن عن انتهاء مهلة 180 يوما – صحح بأنها ليست 181 يوماً – التي أطلقها عند توليه مهامه لإحداث تغيير موجب، منبهاً إلى ان السقف الزمني لا ينبغي حسابه منذ لحظة توليه مهامه كمساعد لرئيس الجمهورية وإنما ساعة شروعه في العمل بأي (ملف) يوكل اليه من قبل الرئاسة، وهو ما لم يحدث وهو ما يفجر التساؤلات كما انبجست عيون بني إسرائيل: لماذا خرج الحسن على الناس ليقول بعدم تكليفه قبل يومين من انتهاء الاجل؟ ماذا كان يفعل طيلة الفترة الفائتة؟ ولم يعد الناس بحلول لا يمسك هو أصلاً بخيوطها؟
سيف الحسن
محمد الحسن الذي كان يشغل منصب رئيس قطاع التنظيم بالحزب اتخذ قرارات خطيرة أثارت جدلاً واسعاً داخل صفوف الاتحادي، وحركت بركاً ساكنة وذلك حين أصدر قرارات بفصل 17 من كبار قيادات الحزب ورموزه التاريخية دون أن يطرف له جفن، ليتحول قادة كطه علي البشير، بخاري الجعلي، علي نايل، وداعة عبد الله، حيدر محمد صديق، محمد طاهر جيلاني، سمير حسن مهدي، خالد السيد، أزهري الحاج مصطفى، عبد الرحيم عوض، ومحمود حسن؛ ليتحولوا من رمانة حزب الوسط إلى متفرجين ليس إلا.
وقبيل الانتخابات أشهر الحسن سيفه ضد كل من يرفض التقارب مع المؤتمر الوطني، وبعد انتهاء الأجل الانتخابي، جرى تعيين الحسن بموجب المرسوم رقم (16) بتعيينه مساعداً أول لرئيس الجمهورية، في خطوة قال عنها المراقبون إنها تأكيد على المضي في الشراكة مع المؤتمر الوطني إلى آخر الشوط.
مشاركة أم شراكة
الحسن صرح غير ما مرة أنهم لا يهدفون إلى المشاركة في حد ذاتها، وإنما يسعون إلى الشراكة. حديث قال الحسن إنه سيترجمه واقعاً بتغيير حال البلاد في مائة وثمانين يوما، بتولية اهتمام خاص بالشأن الاقتصادي خلال مشاركتهم في التشكيل الوزاري جنباً إلى ممثليهم في البرلمان. إلا أن الرجل لم يجد مبتغاه في هذه الشراكة على ما يبدو، وبدا يستشعر أنه رجل بلا مهام فسارع لجمع الصحفيين، يبث إليهم حزنه وشكواه، خاصة وأن الستة اشهر التى حددها لانتشال البلاد من أزماتها انتهت اليوم الخميس، ولم يوكل للرجل أي ملف كما أوكل من قبل لعبد الرحمن الصادق المهدي (ملف الجنوب). فهل تفهم الحكومة الرسالة التي بعث بها رئيس الاتحادي بالإنابة – عن طريق المؤتمر الصحفي المصغر .. أم انها ستصم آذانها وتستغشي ثيابها.. ما ضرها في ذلك – أي الحكومة- أن تقذف (ابن الأكرمين) من سارية القصر.
عطاف عبد الوهاب
صحيفة الصيحة
عينى عليك باردة عجل يا بلاش لو احل لحم الادميين لما وجد افضل ولا اطيب لحم شيش كباب من لحمك يا ورور