الطيب مصطفى

الحوار الوطني وخمائر العكننة!


صدق الله العظيم إذ يقول: (وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدلَاً). صدقوني قرائي الكرام إني أخوَف ما أخاف على بلادنا هذه، المشاكسين الذين يخالفون ظلهم ولا يعشقون في الدنيا أكثر من أن يكونوا (خمائر عكننة) لا يعجبهم العجب (ولا الصيام في رجب)!

حتى ما لا ينبغي أن يختلف الناس حوله تجد من تتلبسه حالة (العكننة الشيطانية) التي جُبِل عليها لينتفض باحثاً عن التعبير عنها بكل السبل وفي كل الدروب وفي صحوه ومنامه!

أدلِّل على كلامي بقرار اللجنة التنسيقية للحوار الوطني (7+7) حل نفسها باعتبار أن مهمتها انتهت بتسليم مخرجات الحوار لرئيس الجمهورية في المؤتمر العام للحوار الوطني المنعقد في العاشر من أكتوبر الماضي وقررت أن تكون جزءاً من لجنة عليا معدلة تتولى مهمة متابعة إنفاذ مخرجات الحوار وأن اللجنة الجديدة ستقوى بمن انضموا للحوار فما الذي يجعل البعض يعترضون إذا كانت اللجنة الجديدة ستضم نفس أعضائها القدامى وماذا يضيرها أو يضعفها بانضمام آخرين يزيدونها قوة ويجعلونها أكثر تعبيراً وتمثيلاً؟!

ما أن صدر ذلك القرار الجديد حتى خرج البعض شاهرين أسيافهم اعتراضاً على القرار بحجج واهية لا أرى بين ثناياها إلا حظوظ النفس الأمّارة بالسوء.

دهشت حين قرأت تصريحاً لعمار السجاد يهدِّد فيه بخروج المؤتمر الشعبي من الحوار احتجاجاً على قرار آلية (7+7) حل نفسها بالرغم من أنه ليس عضواً في تلك الآلية وليس ناطقاً باسم المؤتمر الشعبي ولا يحمل أية صفة تؤهله للحديث أو الاعتراض ولست أدري، والله، هل نلوم السجاد أم قيادة الشعبي العاجزة عن لجمه وإسكاته سيما وأننا نبهنا مراراً وحذرنا من تصريحاته (الشترا) حول اجتهادات دكتور الترابي التي تسيء إلى الشيخ وتقدح في فكره ومنطلقاته ومكانته بالنظر إلى أن السجاد يحمل أفكاراً مناهضة للسنة النبوية كما أنه لا يحسن التعبير عن اجتهادات وفقه الترابي.

الغريب أن قرار حل آلية (7+7) وإبدالها باللجنة العليا المعدلة لمتابعة إنفاذ مخرجات الحوار أجيز بإجماع الآلية ولم يشذ أحد من الأعضاء الأربعة عشر بمن فيهم ممثل الشعبي وأمينه السياسي الأستاذ كمال عمر، فبأية صفة يتحدث السجاد؟!

فوق هذا فإن تكوين لجنة لمتابعة إنفاذ المخرجات منصوص عليه في مخرجات الحوار الوطني وورد في خطاب رئيس الجمهورية امام المؤتمر العام فلماذا (الخرخرة) والاعتراض؟

متى بربكم نرتقي إلى مستوى التحديات التي تواجه بلادنا المأزومة ونخرج على حظوظ الأنفس الشح التي تسببت في كل المصائب والأزمات والخصومات والحروب والمعاناة التي لطالما عانت منها بلادنا ولا تزال؟

السجاد امتطى ظهر مجموعة من الإسلاميين كوّنت قبل نحو ثلاث سنوات باسم لجنة إسناد الحوار شهدتُ مولدها وحضرتُ بعض اجتماعاتها ثم انسحبتُ منها اعتراضاً على (خرمجة) هذا (السجاد) فإذا به ينصب نفسه رئيساً دائماً لها بالرغم من أنها ماتت ولا وجود فعلياً لها بعد أن انفض سامرها وليت أعضاءها يجتمعون لكي يصححوا هذا الوضع الشائه نظراً لأن الرجل يتحدث ناسباً رؤاه لما سماه (تيار إسناد الحوار) بالرغم من أن أعضاءه لم يفوضوه بالحديث بالنيابة عنهم!

إن أكثر ما ينبغي أن ينتبه إليه أعضاء اللجنة العليا لمتابعة إنفاذ مخرجات الحوار، النظر المتعمق في التعديلات المقترحة التي أعدتها اللجنة القانونية برئاسة الدكتورة بدرية سليمان، وقبل ذلك التحقق من صحة المزاعم التي أطلقها البعض حول وجود اختلاف بين النصوص الواردة في مخرجات الحوار والتعديلات المقترحة المقدمة للبرلمان، ولعل أكثر المطمئنات أن دكتورة بدرية صرَّحت بأن مقترح التعديلات الدستورية سيعرض على اللجنة العليا لمتابعة إنفاذ المخرجات فهناك مزاعم بأن هناك مواد تتعلق بالحريات والمفوضيات والأمن تم إسقاطها ولا أظن أن ذلك سيحدث، فقد تعهد رئيس الجمهورية مراراً وتكراراً أمام الشعب وقبل ذلك أمام الله سبحانه وتعالى بأن جميع المخرجات ستنفذ بالكامل وقال أمام الجميع إن (الرجل بمسكوهو من لسانه) وذلك أكثر ما يطمئنني أننا سنشهد بإذن الله تعالى انطلاقة كبرى من شأنها أن تُحدث التغيير المنشود والذي سيجنِّب بلادنا فتناً كبرى ضربت بلاداً في محيطنا الإقليمي كانت أكثر أمناً وأوفر عيشاً مناً.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


تعليق واحد