تحقيقات وتقارير

قراءات لقوى سياسية حول عودة الإمام المهدي إلى البلاد


يوسف الصادق: البلاد في أمسّ الحاجة لعودة الأمام لإسهاماته وأفكاره ومبادراته
إحسان الصادق: عودة الإمام لن تؤثر كثيراً على الساحة السياسية إلا على مستوى حزبه

محمد حارن: الصادق شخصية محورية وله قدرات فائقة لكنه يحن لرئاسة مجلس الوزراء
شمس الدين صالح : عودة السيد الصادق وعدمها لا يغير شيئا في الواقع السياسي

من المتوقع أن يصل إلى البلاد زعيم الأنصار الإمام الصادق المهدي، بالرغم من أنه لم يحدد زمناً قاطعاً لعودته، كما لم تقرر مؤسسات الحزب بالداخل الزمن الرسمي للعودة. وقال «المهدي» إنه قرر العودة إلى السودان بعد غياب استمر لنحو (9) أشهر قضاها متجولاً بين القاهرة وعمان ولندن. (أخبار اليوم) أجرت استطلاعاً مع قوى سياسية حول عودته وتوقعاتهم لما بعدها ..

ترحيب شعبي

القيادي بحزب الأمة القومي يوسف الصادق اعتبر عودة الإمام الصادق إلى أرض الوطن خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح وقراراً حكيماً وموفقاً، وقال إنه اختار الوقت المناسب في هذا الظرف العصيب والمنعطف الخطير الذي تمر به البلاد بعد فراغه من مهامه الأساسية التي خرج من أجلها، وقوبلت هذه الخطوة بتأييد وترحيب شعبي كبير من كافة ألوان الطيف السياسي والفكري لأن البلاد في أمسّ الحاجة لإسهاماته اللا محدوة وأفكاره النيرة ومبادراته الموضوعية وطرحه العقلاني وسعيه الدؤوب لحل مشكلات وقضايا الوطن، بحسب تعبيره.

هامش الحريات

ويواصل يوسف الصادق حديثه قائلاً: الإمام يتمتع بكاريزما قيادية نادرة وخبرات سياسية متراكمة ومقدرات فائقة ووعي سياسي متقدم وقاعدة جماهيرية كبيرة وقبول شعبي عريض، وهذا يؤهله للعب دور كبير في قيادة العمل السياسي في الداخل.

ويرى يوسف أن الأصل وجوده بالسودان والاستثناء بقاؤه في الخارج، فهذا المكان الأفضل له وميدان عمله السياسي المحبب، لكنه خرج مضطراً ومجبراً ومكرهاً لعدم توافر الحريات والضيق بالرأي الآخر، ورغم ذلك كان يقول (نأتي للبلاد خير من أن نبقى بالخارج لكي نستفيد من هامش الحريات ونسعى لانتزاعها كاملة غير منقوصة) وكان يقول دائماً: (شبر حرية في الوطن أفضل لنا من ميل حرية خارجه) في خطوة تكشف التناقض والتخبط في المواقف.

ثوابت وأجندة

ويشير يوسف إلى أن النظام نفسه أرسل الوفود التي قابلت الإمام مطالبة بالعودة، وحسب قوله : مؤخراً اتصل به عشرة من قادة النظام يرجون عودته ولو معارضاً لأنهم توصلوا لقناعة أن حال البلاد لن ينصلح إلا بالقبول بما ظل يطرحه ويطالب به الإمام من ثوابت وأجندة وطنية معروفة للجميع، وزاد: الآن الملعب السياسي في الداخل صار مهيأ تماماً للتغيير بعد أن توصل الجميع لحقيقة النظام وفشل سياساته الواضح وعجزه عن الوفاء بأبسط حقوق المواطنين واتساع الضائقة المعيشية والتردي والانهيار الاقتصادي الكبير.

تحريك الساحة

ويوضح يوسف أن الذي صنع المشكلة وتسبب فيها غير جدير بحلها؛ لذلك أصبح الأمل معقوداً على الإمام لكي يشخص الداء ويضع روشتة الدواء ويخرج البلاد من هذا المأزق الذي وقعت فيه، وسوف تسهم عودة الإمام في تحريك الساحة السياسية ورفدها بالجديد والمفيد من الأفكار والأطروحات والمبادرات وتفعيل النشاط المعارض في الداخل ومواصلة التعبئة الجماهيرية.

الاستحقاقات والاستجابة

ويقول يوسف: الجديد في هذا الأمر أن هذه العودة تأتي بعد انتخاب الإمام رئيساً لقوى نداء السودان لذلك سيتحرك الإمام في الداخل في إطار هذا التحالف العريض ويسعى جاهداً لتوسيعه أكثر ليستوعب الجميع ح

أروقة الحزب

على الصعيد الحزبي يرى يوسف أن عودة الإمام ستسهم في الإسراع بعقد مؤتمر الحزب الثامن، بجانب تطبيق مشروع التأسيس الرابع للحزب ومواصلة التعبئة السياسية وسط قواعد الحزب في المركز والولايات، إضافة إلى أنها ستحدث حراكاً ونشاطاً وفعالية في أروقة الحزب، موضحاً أن هذا لا يعني أن الحزب لا يتحرك إلا في ظل وجود رئيسه ولكن وجوده يزيد الحزب قوة مستمدة من قدرة التأثير والجاذبية التي حبي بها رئيسه، وقال إنه مكمل للمؤسسات وهي سند له ومعين في تحقيق الأهداف.

السياسات الفاشلة

ويتوقع يوسف أن يتعرض الحبيب الإمام لمضايقات، وقال إنها تضيق على المعارضين خاصة الذين يشكلون خطراً على مشروع النظام.

ويرى يوسف أنه إذا حدث الاعتقال فسيشكل رصيداً نضالياً إضافياً للإمام ويرفع من قدره ويزيد من أسهمه ويعلي من شأنه ومكانته في قلوب جماهير الشعب السوداني ويهزم خصومه ويدخلهم في حرج مع المجتمع الدولي وبعض الأحزاب التي ارتضت الحوار معهم وتوصلت إلى مخرجات تدعم وتؤكد على إتاحة الحريات.

وتوقع أن ينتبه بعض العقلاء في النظام لخطورة هذه الخطوة ويمنعوا وقوعها تفادياً لعقباتها، ولفت بالقول: بعد توجيه البلاغات تمت لقاءات عديدة بين الإمام وأبرز قادة النظام وتم التوصل لاتفاق مكتوب من أبرز نصوصه الالتزام بخارطة الطريق وإجراءات تهيئة المناخ، وصدرت تصريحات مرحبة بالعودة، وراجت أنباء عن اعتذارات وشطب البلاغات، وأضاف: كل هذه الأمور تؤكد على أن النظام تراجع عن المضي في هذه البلاغات إلى الأمام، واعتبرها خطوة صحيحة في سبيل تهيئة المناخ والتي تكون بإتاحة الحريات وإلغاء المحاكمات وشطب البلاغات وغيرها من شروط معلومة.

المناخ المناسب

وتوقع يوسف أن يهدي الله النظام ويفتح بصيرته ويقبل على حوار جاد مثمر وحقيقي مدفوعة استحقاقاته ومهيأ مناخه ومكفولة حرياته يحقق تطلعات الشعب السوداني المشروعة والمتمثلة في السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل وإقامة نظام جديد خاصة بعد الاعتراف الكبير من قادة في النظام بالمشكلة وصعوبة حلها ما لم تدفع الاستحقاقات وتقدم التنازلات والاستجابة لعقد المؤتمر الدستوري الجامع والذي يفضي إلى الحكومة القومية الانتقالية، وأضاف: أن الإصلاح السياسي يتم عبر تحقيق السلام والوفاق ووقف الحرب والقضاء على الفساد بجانب التطبيع مع المجتمع الدولي لينصلح حال البلاد نحو الأفضل، وقال: الإمام الصادق أكد أنه اقترح على أحزاب نداء السودان الدخول في حوار داخل السودان إذا توافر المناخ المناسب.

أمر طبيعي

وتقول أمينة المرأة بمجلس أحزاب الوحدة الوطنية إحسان عيسى: لم يكن هنالك سبب لخروج الإمام من البلاد لأنه يتمتع بحرية الرأي كرئيس حزب معارض، وأضافت أنهم يعقدون ندواتهم وينشرون بياناتهم، موضحة أن السودان دولة تحترم الحريات، وقالت إن عودة الإمام المهدي إلى البلاد متوقعة لأن الحركات المسلحة مؤخراً نشرت بيانات ضد نداء السودان، وترى أن بقاءه في الخارج لا نفع منه وعودته إلى وطنه أمر طبيعي وأفضل له.

رفض التوقيع

واستبعدت إحسان أن تؤثر عودة الإمام كثيراً على الساحة السياسية إلا على مستوى حزبه، وبررت ذلك برفضه الحوار الوطني بعد حضوره الجلسة الأولى وانسحب بعدها، بجانب رفضه التوقيع على الوثيقة الحوار الوطني، مبينة أن هذا الأمر أثر كثيراً.

مصلحة الوطن

وتتوقع إحسان أن تتم المصالحة بينه والحكومة قائلة: سيكون ذلك أمراً حميداً وسيصب في مصلحة الوطن، وقالت إن اتفاق السلام من مطلوبات المرحلة القادمة، داعية حملة السلاح والمعارضة السياسية لضرورة أن يضعوا وطنهم في الاعتبار وتقديم التنازلات من أجل استقرار الوطن والمواطن.

دعم قوي

وأوضحت إحسان أن الدول من حولنا حلت كل خلافاتها بالتحاور، والسودان ظل ينادي بالسلام عبر رئيس الجمهورية ومن أجل ذلك أعلن وقف الحرب عدة مرات بالرغم أنه قائد أعلى للقوات المسلحة ويعلم مقدرات القوات السودانية التي لم تهزم في معركة، وأضافت: لكنه فضل الدعوة للسلام وإيقاف نزيف الدماء، وطالبت الجميع بضرورة الاحتكام إلى صوت العقل، مبدية تفاؤلها بأن السلام قادم وهناك دعم قوي من كل أطياف أبناء الوطن لتحقيق السلام في البلاد للوصول ٢٠٢٠م لتنعم بالسلام والاستقرار والتنمية.

التقلب كثيراً

من جانبه قطع الأمين السياسي لحزب حركة تحرير السودان محمد حارن أن السيد الصادق شخصية محورية وله قدرات فائقة ويمتلك منصات كثيرة لينطلق منها، إلا أنه ما زال يحن للديمقراطية ولرئاسة مجلس الوزراء؛ لذا نراه يتقلب كثيراً من حين لآخر، وأرى أن عودته في ظل هذه الظروف مطلوبة والبلد في حاجة ماسة لتوحيد الجهود، وبالتالي تنطلق أهمية عودته من هنا.

واقع السودان

وتساءل القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي شمس الدين احمد صالح قائلا كيف جاء الإنقاذ للسلطة، لماذا استمر لكل هذه الفترة؟. كيف يسقط الإنقاذ ؟، وأجاب جاء الإنقاذ بانقلاب عسكري على حكومة ائتلافية بين حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي منتخبة عبر انتخابات حرة نزيهة شهدت لها كل العالم واقتنعت بها كل المشاركين فيها على الرغم من بعض العيوب التي تصاحب العملية الانتخابية في واقع السودان المتخلف وتأثيراتها على العملية الانتخابية مثل الجهوية والقبلية ،وأضاف وتأثيرات بعض الزعامات التقليدية من زعماء القبائل والعشائر والطرق الصوفية على الناخبين ،موضحاً أنه يفرغ العملية الانتخابية الديمقراطية من محتواها الموضوعي المرتكز على البرنامج الانتخابي المخاطب للقضية الشعب بإخلاص وسمعة المرشح وتاريخه النضالي وموقفه من قضايا الوطن والشعب.

آثار مايو

ويشير شمس الدين إلي أن السيد الصادق المهدي كان يرأس تلك الحكومة الائتلافية التي عجزت عن تربط الديمقراطية التي ناضل عنها الشعب السوداني من اجلها ستة عشرة عاما بالانجاز لصالح الشعب ،وقال عجزت تلك الحكومة عن تحقيق السلام في جنوب البلاد على الرغم من مبادرة السلام الذي وقع بين الراحل دكتور جون قرن والسيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحاد الديمقراطي والشريك في الحكومة الائتلافية آنذاك ،بجانب أنها عجزت عن تصفية آثار مايو كبرنامج قوى الانتفاضة مارس- ابريل1985م. تلك الآثار السياسية , الاجتماعية والقانونية والاقتصادية التي كان تمثلها حزب الجبهة القومية الإسلامية- (مؤتمر الوطني الحالي)- الذي قضى على الديمقراطية فيما بعد .

حجم مؤامرة

ويقول أن حكومة السيد الصادق هي التي مهدت الطريق لانقضاض على الديمقراطية ،بالرغم من تنبيهات القوى الوطنية لهم بخطورة ممارسات بقايا مايو على مستقبل الديمقراطية ،وأردف حيث قال المرحوم الأستاذ بدر الدين مدثر رحمه الله آمين سر قيادة قطر لحزب البعث في احد ندواته «نحن نعلم حجم مؤامرة قوى الردة علينا وهل تعلم الحكومة حجم المؤامرة عليها؟. « وزاد هذه هي الظروف التي جاءت بها الإنقاذ للسلطة وأسقطت الحكومة التي كانت يترأسها السيد المهدي بالتالي نقول إن الإنقاذ هو حل زائف للازمة الحقيقية التي كانت قائمة ، ولفت قائلا بعد حدوت انقلاب الإنقاذ لم يتمسك السيد الصادق المهدي بميثاق الدفاع عن الديمقراطية التي وقعت في اكتور1985م من قبل كل القوى السياسية السودانية والمنظمات المدنية عدا حزب الجبهة القومية الإسلامية ،وكان ينص الميثاق «إذا حدث أي انقلاب عسكري في السودان على الشعب جميعا دخول تلقائي في الإضراب السياسي والعصيان المدني ومقاومة سلطة الانقلاب حتى إسقاطه.

إسقاط النظام

ويواصل حديثه قائلا لم يتحرك السيد الصادق المهدي ساكنا،بل خاطب سلطة الانقلاب بعبارة نحن أصحاب الشرعية الدستورية وانتم أصحاب الشرعية الثورية فلنجلس لنتفاكر، ثم تلي ذلك لقاءات مع قادة الإنقاذ أولها لقاء جنيف مع عراب الإنقاذ المرحوم دكتور حسن الترابي ،ثم اتفاقية جيبوتي بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني ثم اتفاقية التراضي الوطني… الخ ، وأضاف كل هذه الممارسات والسلوك السياسي لبعض معارضي النظام والسيد الصادق المهدي من ضمنهم أربك حركة الجماهير الهادف إلى إسقاط النظام وبالمقابل ساهم في تطويل عمر النظام ومعاناة الشعب وتفاقمت أزمة الوطن في جميع مناحي الحياة،وبالتالي عودة السيد الصادق وعدمها لا يغير شيئا في الواقع السياسي ،بل الذي يغير الواقع السياسي هو العمل على استكمال الشروط الذاتية لقيام ثورة حقيقية يقتلع هذا النظام من جذوره ،وهذا يتطلب اقتناع الناس جمعيا أن لا حل لقضايا شعبنا في ظل استمرار هذا النظام ، والعمل على وحدة قوة المعارضة والاعتماد على الشعب وإخلاص لهذا الهدف وتقدم صفوف الشعب لتحقيق الغاية بالوسائل السلمية المجربة لدى شعبنا العظيم.

استطلاع: أمين محمد الأمين
أخبار اليوم.