تحقيقات وتقارير

أطلق النار في جميع الاتجاهات سلفاكير .. بركان الغضب يُفجّر حمم الخصومات


أطلق رئيس دولة الجنوب، سلفاكير ميارديت، النار في جميع الاتجاهات، خلال الاجتماع العاصف الذي جمعة بقادة الحركة الشعبية، وأول ما أصابته نيران الرئيس الغاضبة، مجموعة المعتقلين السياسيين الذين أعلنوا الانضمام إلى الحزب الحاكم خلال اجتماع سابق، بيد أن سلفا اتهمهم بتدمير البلاد والتآمر التخابر من أجل فرض طوق العزلة عليها، وقال خلال الاجتماع ” انتم من دمر البلاد”، وأردف بالقول: كنتم أشد خطراً على البلاد من رياك مشار.

ويبدو أن موجة الغضب لم تنحسر عند المعتقلين السابقين، فوصل صوت الانتقاد الى الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب، واتهمها بإجهاض السلام واستقرار البلاد من خلال رفضها تمويل اتفاقية السلام، وقال إن الدول الغربية ومجتمع المانحين تبنوا موقف “الانتظار والترقب”، كوسيلة لوقف تنفيذ اتفاق السلام في سبتمبر.

وأضاف: إذا كانت أميركا قد رفضت الاعتراف بالاتفاقية، فإن الدول الأوروبية الأخرى لن تدفع أموالها، لذا فقد تبنى الجميع موقف الانتظار ورؤية ماذا سيحدث لأنهم يعتقدون أننا سنقاتل بمجرد أن تظهر المعارضة.

وكشف سلفا أن عملية تنفيذ السلام تواجه صعوبات بسبب نقص التمويل، وحث جميع أعضاء الحزب، بمن فيهم قادة المعارضة على توحيد الجهود والضغط من أجل الحصول على التمويل من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد.

وقال كير: علينا الآن أن نركز على مستقبل بلدنا. سنفعل ذلك من خلال تنفيذ السلام، وإرسال رسائل إيجابية وتصالحية تهدف إلى إصلاح نسيجنا الاجتماعي، وأضاف: لقد عفوتُ عن جميع المعارضين من أجل السلام.

*تآمر دولي

وترجع اتهامات سلفاكير لمجموعة المعتقلين السابقين بالتآمر والتخابر ضد البلاد إلى فترة الصراع بين أقطاب الحزب الحاكم من أجل الحصول على كرسي الرئاسة خلال الانتخابات الرئاسية التي كان من المفترض أن تلي الفترة الانتقالية عقب انفصال دولة الجنوب عن السودان، إذ اندلع صراع قوي بين القادة في الحزب من أجل الترشّح لمنصب الرئيس، في وقت رفض فيه الرئيس سلفاكير المنافسة، وقال: من يُرِد الترشّح أن يكوّن حزباً مستقلاً به وعقب اطلاق سراح المعتقلين من السجن والسماح لهم بالعودة من كينيا حيث تم نفيهم بناء على طلب تقدم به الرئيس الكينى وهو ما الصق بهم الاسم (المعتقلين السابقين) وخرج معظم القادة خارج البلاد ليقودوا حملة ضد إدارة الرئيس سلفاكير خاصة بعد فشل اتفاقية السلام الموقعة في أديس أبابا 2015 وكان من أبرز القادة باقان أموم والذي كان يشغل منصب الأمين العام للحزب، وقاد أموم حملة لحشد الجهود الإقليمية والدولية من أجل فرض وصاية دولية على جنوب السودان، بينما اتهم وزير الإعلام مايكل مكوي مجموعة المعتقلين السابقين بقيادة أموم بالعمالة للمجتمع الدولي والمراهنة عليه بغرض إيصالهم للسلطة.

وصرح باقان أموم آنذاك إنه يقود حملة مع عدد من أبناء جنوب السودان في الخارج من أجل شرح ما يحدث في جنوب السودان للمجتمع الدولي والإقليمي وضرورة التدخل من أجل إجبار حكومة الرئيس سلفا كير والقوى السياسية الأخرى للتخلي عن السلطة، وتشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة شؤون الدولة خلال فترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة.

كما طالب مكوي في تصريحاته الوزراء التابعين لمجموعة المعتقلين السابقين، من بينهم وزير الخارجية دينق ألور ووزير النقل جون لوك وآخرين، طالبهم بتحديد موقفهم من قائد المجموعة باقان أموم الذي يقود حملة للتدخل الدولي ضد حكومة سلفاكير، معتبراً أن معظم أعضاء هذه المجموعة هم خارج نطاق حكومة الوحدة الوطنية.

*انقلاب عسكري

وخلال التصريحات لم يبرّئ الرئيس ساحة زعيم المعارضة الدكتور رياك مشار من تهمة تدمير البلاد إذ اتهمه بتدبير انقلاب عسكري ضده في العام 2013 وهو اتهام نفته التقارير الدولية والإقليمية والتي أثبتت أنه لم يكن هناك أي انقلاب مما دفعها لغطلاق سراح المعتقلين السياسيين ولكنه وصف تأثيرة بالأقل ضررًا، وهو تصريح ينافي الحقائق على الأرض، ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة أدت الحرب العرقية التي انتظمت البلاد بين فصيلي الرئيس سلفاكير وغريمة السابق الدكتور رياك مشار إلى قتل وتشريد أكثر من ثلثي سكان البلاد، هذا فضلاً عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، وبلغت القطيعة بين الرجلين ذروتها إبان معركة القصر التي تلت توقيع اتفاقية السلام 2015 وطارد بعدها الجيش الشعبي مشار وسط أدغال الجنوب إلى أن وصل إلى جمهورية الكنغو ومنها إلى السودان مستشفياً غير ان تصريحات مشار بشن حرب على حكومة جوبا حال تعنتها في رفض السلام جاء برداً وسلاماً على جوبا والتي طالبت بفرض الإقامة الجبرية عليه بجنوب أفريقيا بوصفه مشجعاً للعنف رافضاً للسلام، وهو مصير قاتم لا زالت ظلاله السوداء تخيّم على تحركات مشار الدولية والإقليمية

*رفض غربي

وفي الوقت الذي أرجعت فيه صحيفة الفورن بولسي الأمريكية وغيرها من الوسائل الغربية فقدان الدول الغربية الثقة في حكومة الرئيس سلفاكير، واصفة إياه بالشريك غير الموثوق به أرجع الرئيس علاقته المضطربة مع الغرب إلى تآمر قادة في الحزب وهو اتهام مردود.

وأثارت قضية تمويل اتفاق السلام الموقع في سبتمبر الماضي بأديس أبابا بين أطراف الصراع بدولة جنوب السودان جدلاً كثيفاً بعد رفض دول “الترويكا” تمويل إنفاذه وكانت الترويكا اشترطت لتمويل الاتفاقية التي رعتها برعاية الخرطوم بتفويض من الإيقاد بأن تكون شاملة وأن تسبقها محاسبة لقادة الجنوب المتورطين في قضايا جرائم الحرب والفساد وغسيل الأموال، في وقت اعتبرت فيه جوبا مطالبات الترويكا وبخاصة فيما يتعلق بمحاكمة القادة جزءاً من خطتها لإسقاط النظام.

وقال وزير الإعلام مايكل مكوي إن دول “الترويكا” الغربية والمنظمات الإنسانية العاملة في البلاد، تعمل على عرقلة” اتفاق السلام الموقّع بين الحكومة والمعارضة،وأضاف“دول الترويكا تعمل ضد الاتفاقية، لذلك لم تقم بالتوقيع عليها، كما أنها تقوم بتحريض بعض فصائل المعارضة لعدم الالتحاق بالحكومة. وأضاف “هناك أيضاً أشخاص غير سعداء بتوقيع هذه الاتفاقية، خاصة المنظمات الدولية التي تم إنشاؤها خلال الأزمة الحالية، تحديداً العاملة في مجال توفير المساعدات الإنسانية”، من دون تسميتها وشدد على أن “دول الترويكا لا تزال تخطط لإسقاط الحكومة والتخلّص من رموزها لذلك كانت حريصة على إدراج بند المحكمة الهجين في اتفاقية السلام، بعد أن فشلت مخططاتها الأخرى للإطاحة بالنظام الحاكم في جوبا.

وأردف ”هناك أشخاص يضغطون من أجل إنشاء المحكمة الهجين، وتحديدًا بلدان الترويكا التي لم تتخلّ عن أجندتها الرامية لتغيير النظام”. ومضى قائلاً “الاتفاقية أعطت المحكمة الهجين الحق في محاكمة أيّ شخص قام بارتكاب جرائم ضد المدنيين.

ولم تخف الترويكا زهد دولها أو المانحين في تمويل اتفاقية السلام بحجة عدم ثقتها فى جدية قادة الجنوب في جلب السلام وإيقاف نزيف الحرب، وطالبت بريطانيا جوبا بتخصيص بعض من مواردها لدعم السلام كشرط للحصول على دعم خارجي، وقال مبعوثها الخاص للسلام في جنوب السودان إن المملكة المتحدة البريطانية ملتزمة بدعم تنفيذ اتفاق سلام جنوب السودان، بشرط أن تظهر الأطراف الحكومة والجماعات المعارضة التزامها بتنفيذها.

الخرطوم: جوبا: إنصاف العوض
صحيفة الصيحة.