زهير السراج

شعب سبهلل ؟!


* هل نحن شعب بدوي عاطفي عشوائي ساذج، سألتُ هذا السؤال في عدة مناسبات من قبل كان أحدها الصراع والتراشق الحاد بين البرهان ولجنة إزالة التمكين لدرجة ان الكل توقع حل اللجنة، ولكن فوجئ الجميع بلقاء الطرفين والابتسامات تعلو الوجوه وكأنه مشهد مأخوذ من مسرحية عبثية أو فيلم كوميدي، الامر الذي جعل البعض يتساءل هل السبب هو الشخصية البدوية التي تقبع في داخلنا وتتميز بالعاطفة والسذاجة، بالإضافة الى الشراسة والعدوانية والسطحية والعبثية وعدم الاحساس بالانتماء!
* وشهدنا مؤخراً صراع الديكة بين وزير المالية وعضو لجنة التمكين (وجدي صالح)، ثم فجأة انتهى كل شيء وكأن شيئاً لم يكن، ولا أحد يعرف لماذا حدث الصراع، بينما كان من الممكن اللجوء الى الطرق الادارية المعروفة لتجنبه، هل نحن ما زلنا شعباً بدوياً متخلفاً، ولو غطينا ذلك بالكرافتات الانيقة وشهادات الدكتوراة؟!
*تقول الباحثة المصرية في علم الاجتماع (نعيمة عبد الجواد) إن هم ما يميز الشخصية البدوية عدم شعور صاحبها بالانتماء لأي فرد أو جماعة الا بمقدار ما يجنيه من فائدة، وحينما تتلاشى تلك الفائدة أو تنتهي، ينتهي الانتماء بدم بارد، بدون النظر للوراء ولو لوهلة اعتباراً لأي ذكريات!
*وتواصل.. “قد يظن البعض أن الهوية البدوية تقتصر على البدو الرحل، لكنه قطعاً ظن خاطئ ،لأن البداوة هي سمات شخصية تميز البعض عن أقرانهم، فالبدوي لديه رغبة عارمة دائمة للانتقال من مكان لآخر والتكيف مع البيئة التي يرتحل إليها، ولكنه في الوقت نفسه يشعر بأنه بعيد كل البعد عن المكان الذي انتمى إليه، ويستطيع مفارقته في أي لحظة بدون أي شعور بالحنين إليه”!
*ويرى كثيرون أن الشخصية البدوية تتميز بالكسل والحسد والعناد والنزوة، وأن العاطفة هي التي تتحكم في سلوكها، بالإضافة الى الغرور والفوضى والعبثية والعشوائية وعدم الاحساس بالمسؤولية، وانعدام روح العمل الجماعي والأنانية المفرطة والعدوانية للآخرين !
*حاول بعض المفكرين والفلاسفة تحليل (البداوة) تحليلاً وافياً، منهم (ميشيل فوكو، وجيل ديلوز، ولوسي إيجاراي)، الى ان جاءت المفكرة والفيلسوفة الإيطالية (روزي برادوتي ، 1954)، ووضعت نظرية تفسر (البداوة)، بأنها شعور بعدم الانتماء والاحساس الدائم بالقلق وعدم الاستقرار !
*ويختصر الباحث العراقي الدكتور (علي الوردي) وهو من أشهر علماء الاجتماع العرب صفات الرجل البدوي بأنه يجب أن يكون (نهّاباً وهّاباً)، أي تقاس شجاعته وكرمه بغنائمه التي يحصل عليها من الغزو والنهب!
*وعندما يناقش صفات الشخصية البدوية وردود أفعالها ومواقفها تجاه الفضائل والرذائل يذكر نزعة الحرب، وعدم الانضباط، والنفرة من الطاعة والانصياع، واحتقار المهن، والحساسية المفرطة للكرامة، والحسد والنفاق والانتهازية، وان كانت هناك صفات ايجابية كالشجاعة والكرم فهي فقط للمباهاة ــ حسب مقال للكاتب العراقي د. صلاح عبدالرازق في تحليل كتاب (الوردي) عن صفات الشخصية العراقية، بينما يرى المستشرق الألماني (أوبنهايم) أن الشخصية البدوية تتميز بالشجاعة والكرم والقسوة وشدة البأس والحب الشديد للحرية أو (الفوضى)!.�*قد لا يكون المجال مناسباً للحديث عن الشخصية السودانية ، فهو موضوع كبير لا يسعه عمود صحفي، ولكننا بصراحة شديدة، شعب عاطفي عشوائي لا يحب النظام والتخطيط ، همجي في كثير من الأحيان، يفتقد الى النظرة العلمية للأمور وروح العمل الجماعي، ويتميز بحب التسلط والأنانية والمظهرية!
***********

زهير السراج
صحيفة الجريدة