جعفر عباس

جعفر عباس يكتب.. عن هرجلة المرجلة


عاتبت السيدة المصرية زوجها في دلال ورقة لأنه بدأ يلبس قرطا (حَلَق) في أذنه، فما كان منه إلا أن أثبت فحولته ورجولته، فانهال عليها ضربا وركلا، وانتهى بهما الأمر أمام القضاء، حيث طالبت السيدة بالطلاق فاستجابت المحكمة إلى طلبها من منطلق أن معها الحق في رفض العيش مع رجل يهوى التشبه بالنساء، ثم يعمل فيها عنتر عندما تطالبه زوجته بأن “يتمرجل”
هناك من قد يرى أن القاضي “متخلف”، لأنه وافق الزوجة على انه لا يليق بها أن تعيش على ذمة رجل يلبس قرطا في أذنه باعتبار ذلك ضربا من الخنوثة، وبصراحة فإنني لا أقل تخلفا عن ذلك القاضي، ولا أطيق النظر لرجل يلبس قرطا في أذنه أو أنفه، وأنظر الى كل من أرى وشما على جسمه وكأنه مصاب بمرض جلدي مُعْدٍ، وبالمناسبة فإن بعض شبابنا من الجنسين صار يضع وشما صغيرا على الذراعين غالبا يتألف من حرفين لاتينيين هما XO، وربما يفعل ذلك فقط من باب التقليد الأعمى لشباب غربيين، وربما يدرك إلام يرمز الحرفان، وأنهما اختصار دارج في الدول الغربية ل HUGS & KISSES، أي “أحضان وقبلات”، وأحيانا هو إعلان عن “حالة حب”؛ وأرجو عدم اعتبار كل من يضع هذا الوشم الهجائي على جسمه فاسقا فلربما هو جاهل بدلالاته ومغازيه، وحتى لو كان يعرف معناه ومغزاه فعلينا أن نتعامل معه بمنطق “نزوة وتزول”
وسأظل أتساءل واستنكر: لماذا يلبس الرجل الحقيقي أشياء تعارف الناس على أنها جزء من زينة المرأة؟ لماذا يحرص رجال غير شاذين جنسيا – كما يزعمون – على إكساب ملامحهم وسلوكهم خصائص أنثوية؟ مبلغ علمي هو أن المرأة عمومًا تريد من شريك حياتها -أو حتى صديقها العابر- أن يكون وافر الرجولة مظهرا وسلوكا فلماذا يتهنجك بعض الرجال؟ (الهنجكة في العامية السودانية هي الدلال والغنج في غير موضعهما، والمرأة التي تمارس الهنجكة تسمى هنجوكة ومذكرها هنجوك. وهم الصنف الذي يزعم أنهم اشتروا بامبرز لخروف العيد كي لا يعمل “كاكا” في البيت.. ياي)
وإذا كان منطق هذه الفئة يقول أن لبس الأقراط والشخاليل مجرد محاولة بريئة للتزين فأنني أتساءل: هل يمانعون في طلاء أظافرهم بالمونوكير وشفاههم بالأحمر على أساس أنه «كله زينة في زينة»؟ وطالما “نحن فيها”، فإنني أناشد الخليجيين عدم إساءة الظن بأي رجل سوداني يرون على يديه أو قدميه نقوشا من الحناء، فمن العادات السودانية الراسخة وضع الحناء (الطبيعية وليس الصبغة) على كفي وقدمي كل مقبل على الزواج، بل لكل عريس سوداني وزراء، وعلى كل وزير أن يضع الحناء على يديه
يدافع بعض الرجال “المتهنجكين” عن أنفسهم وسلوكهم بأسلوب سلبي، إذ يقولون لماذا يحق للمرأة أن تلبس الملابس الرجالية وتقص شعرها كالرجال؟ سؤال سخيف وساذج، فالمرأة المسترجلة مذمومة، وعموما لا تفعل تلك الأشياء عادة إلا امرأة واثقة من أنوثتها وجمالها. فهل يتشبه أولئك الرجال بالنساء لأنهم واثقون أيضًا من أنوثتهم؟ أم من رجولتهم؟