عبد اللطيف البوني

قبل قيام ساعتها


[JUSTIFY]
قبل قيام ساعتها

في دول العالم الثالث التي يعوزها الانتقال السلس للسلطة ولا يحدث هذا الانتقال إلا بانقلاب او ثورة شعبية (السودان) او الزحف من الأطراف (اثيوبيا يوغندا) او بموت الرئيس (مصر بعد عبد الناصر والسادات) في هذه الدول ينتظر الناس على أحر من الجمر كشف أسرار وأوراق النظام السابق فالأصل هو اتهام النظام المنقرض بغتغتة الفساد بآليات السلطة وتكميم الأفواه لأن وجود البلاوي في النظام المنتهي هو المبرر الذي يعطي المشروعية للنظام الجديد فلو كانت الأمور تمضي في السليم لما كان هناك مبرر للانقضاض على النظام.
في السودان حاول عبود أن يرمي النظام الذي انقلب عليه بالفوضى وإضاعة الزمن في الصراع على كراسي السلطة ولم تكن هناك تهم جنائية بعد عبود إذ لم يحاكم ثوار اكتوبر جماعة عبود لأن هناك عهدا قطع لهم بعدم المحاسبة مقابل التنازل عن السلطة دون مقاومة مع أنه كانت بعض القضايا الجنائية مثل قتيل المقرن. نظام النميري حاول إثبات فساد النظام الحزبي بتبديد الأموال العامة مثل استقدام ام كلثوم للغناء في السودان فانعقدت محاكمات ترأسها أعضاء مجلس قيادة الثورة لبعض قادة الأحزاب مثل عبد الماجد ابو حسبو واحمد زين العابدين. أما بعد مايو فقد انكشف للناس قضية الفلاشا وقضية البترول فكانت المحاكمات العلنية المشهورة مع محكمة مدبري انقلاب مايو.
الانقاذ لم تفتتح عهدها بمحاكمات جنائية إنما ادعت أنها أتت لتفتح صفحة جديدة بإلغاء تاريخ السودان السابق لها وإعادة صياغة الانسان السوداني والذي منه وظلت هكذا حتى الآن، وبالطبع كان الناس ينتظرون نهاية الإنقاذ وكشف الذي كان مستورا فيها ولكن الواضح الآن مع صراعات الإنقاذيين أنفسهم وبمساعدة ووسائط التواصل الاجتماعي والسماوات المفتوحة كل طوابق الإنقاذ المسستورة بدأت تتهاوى وبلادنا الآن تعيش في بحبوحة من قضايا الفساد من الأوقاف الى الأقطان الى الخطوط الجوية الى الخطوط البحرية الى التقاوي الفاسدة الى شركة الصمغ الى مكتب الوالي والبقية تأتي.
إذن ياجماعة الخير الإنقاذ انفردت عما قبلها بأنها بأيديها وليس بأيدي خصومها أخرجت فسادها وخرمجتها ثم انفردت كذلك بأن هذا حدث لها وهي متربعة على السلطة أي أصبح لديها فرصة أن أصبحت هي الخصم والجاني والحكم فماذا هي فاعلة؟ هل سوف تتعامل بفقه المعذرة والسترة والتحلل؟ هل ستقوم بمحاكمات شكلية؟ هل سوف تضحي بالبعض من أجل البعض؟ هل سوف تعمل بمبدأ الشفافية وتبتر من أفسد وتمضي بغيرهم؟ هل تعمل بسياسة الطناش وبكرة الناس حاتنسى؟
الأمر المؤكد أن الانقاذ الآن في أزمة حقيقية لأن الذي انكشف من فساد كفيل بكسر ضهر فيل لقد سحب الكثير إن لم نقل كل مشروعيتها لقد أصبح محتما عليها أن تتصرف وبسرعة وليس في مقدورها أن تستمر في سياسة عصى نائمة مجموعة وعصا واحدة قائمة لامتصاص الصدمة. بالطبع الطريق الوحيد الذي ينبغي أن تسلكه هو أن تترك العدالة تجري مجراها لا بل تفعل العدالة بإجراءات استثنائية لتجعلها ناجزة وعادلة فالقضايا المتفجرة من الضخامة والبشاعة ما يجعلها تستحق ذلك ولكن السؤال هل تستطيع الانقاذ أن تفعل ذلك أم أن الثعبان في فمه جرادة؟
نحن هنا بصدد ردة فعل الانقاذ على ما انكشفت من قضاياها ولم نتعرض لردة الفعل الشعبية هل ستكون هبة أم انتفاضة أم ثورة أم لامبالاة فهذه قضية أخرى سوف تحكيها الأيام المقبلة.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]