عبد الجليل سليمان

تصدير الموية


[JUSTIFY]
تصدير الموية

من أبرز سمات المؤسسات والهيئات الحكومية الراهنة، كثرة التصريحات وقلة الإنجازات، ثم (البلع)، وحتى لا يُفسر الأمر على نحو قد يقود إلى القارعة، فإنني مُضطر على شرح كلمة (بلع) الواردة في سياق الزاوية بمعنى (بلع التصريحات) فقط، بحيثُ لا تحتمل أي تأويلات إضافية.
لكن السمتين البارزتين لتلك المؤسسات هما (الحربائية واللزوجة)، وهما أسلوبان جديدان للإدارة المدنية صُنعا في السودان (الراهن). بالطبع ليست لديّ نيّة في تناول تصريحات وزارة الخارجية الأخيرة، ولا (نفيها الأخير لما صرحت به أخيراً)، وهذا ليس له علاقة بأنها (متعودة دايماً)، بل لأنني شعرت بنوعٍ من (التيبس) وأنا أتابع (ربكة) الخارجية، فخشيت أن تنكسر زاويتي إذا ما تناولت (نافياتها) أو سمها ما شئت.
وبالتالي ليست هناك هيئة أو مؤسسة حكومية تُمهد لك الطريق للذهابِ إليها مُباشرة غير هيئة مياه ولاية الخرطوم، إذ أنها (الحرباء اللزجة) ذاتها، وإلاّ لما صرحت بأنها بصدد تصدير مياه تقية إلى دول الخليج، بالاعتماد على مياه نهر النيل في الوقت الذي تقف فيه مشلولة اليدين، كفيفة البصر، وميتة القلب إزاء توفير خدمة مياه (ملوثة) وضخها في أنابيب مياه ولاية الخرطوم، فمعظم أحياء العاصمة مقطوعة عنها المياه إما كلياً أو جزئياً، فعن أي تصدير تتحدثين أيتها الهيئة الموقرة؟ فالخليج والسعودية تضطلع المعامل والمصانع الضخمة لتحلية مياه البحر المالحة بإنجاز المهمة وفق مواصفات عالية الجودة، ثم تبيع الماء النقي والصحي إلى مواطنيهما (بتراب الفلوس)، هذا عوضاً عن المياه المستوردة من فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، وهي مياه رخيصة وبمواصفات عالية.
لن تستطيع هيئة المياه تصدير قطرة ماء واحدة، ما لم تحسن خدماتها هنا في الخرطوم، حتى تتوفر على (pre – qualification) يليق بالمنافسة العالمية، وهي – بطريقتها هذه – لن تنافس حتى نفسها، فالهيئة – منقطعة المياه -تدفع لشقيقتها الكهرباء (4 ملايين) جنيه نظير تحصيل الأخيرة فواتيرها المدفوعة مقدماً دونما (مقابل).
على أي حال، ستنتظر الهيئة عقوداً طويلة وربما إلى الأبد – حتى تبلغ أحلام أنابيبها (نجران السعودية)، لذلك كنا نتوقع منها بدلاً عن هذه التصريحات المفارقة للواقع أن تحدثنا (براحة كدا)، عن خططها ومشروعاتها لتوفير أمداد مائي مستقر في العاصمة (دي)، وعندما يحدث هذا، وقبل أن (تتنجرن مياها) فإننا (سنبلع) زاويتنا هذه، وربما (نبلها ونشرب مويتها). وإلى ذلك سنلتقي بالهيئة كثيراً.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي