عبد الجليل سليمان

جدل الولاة بيزنطة الناسوتية

[JUSTIFY]
جدل الولاة بيزنطة الناسوتية

وكأننا نعود مرة أخرى إلى الجدل اللاهوتي الذي انتظم بيزنطة عقوداً عددا حول الثالوث الأقدس وطبيعة الأب والابن، فصرف الناس عن معاشهم وإدارة أحوالهم إلى فانتازيا روحانية متعالية على الواقع، مفارقة لما يدور على الأرض، ما اضطر الإمبراطور قسطنطين الثاني إلى إصدار مرسوم بحظر النقاش حول ما إذا كان (المسيح عليه السلام ذا طبيعة واحدة أو طبيعتين)، مرسوم الإمبراطور تضمن عقوبات وصلت إلى حد طرد الرهبان والقساوسة وفصل موظفي الدولة عن وظائفهم، ومصادرة الأملاك، وبعض العقوبات الجسدية لكل من يخالفه. الآن وهنا، يعود الجدل البيزنطي مرة أخرى، لكنه بطريقة (ناسوتية)، إنه جدل الولاة، هل يتم تعيينهم أم انتخابهم؟

ولأنه ليس للجدل حدود في (بيزنطة الجديدة)، فلماذا لا نخوض من (الخائضين) ولو إلى حين، باعتبار أن جدلية (تعيين الولاة أم انتخابهم) أمر متصل بعيش المواطن وأمنه، وفي مثل هذه الأمور الإدارية يمكن أن نستعرض نظريات كثيرة ( نبزطن من بيزنطة) بها المشهد كله، لكننا نُحجم، رفقاً بهذا الشعب الذي ملّ كل شيء.

وبينما يعد البعض في سدة بيزنطة الجديدة أن الولاة (منتخبين) وليست ثمة دواعٍ ملحة للنكوص عن الديمقراطية والعودة إلى (التعيين)، وهذا رأي يبدو في ظاهرة رائعاً كونه يكرس للتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاختراع، ولكن هنالك (صناديق حرة) في تلك الانتخابات، يتساءل كثيرون مُشككين في نزاهتها؟ لكنهم يعجزون عن اقتراح حلول لهذه العقدة الشائكة، إذ أن البديل سيكون (التعيين)، وبالتالي فالردة لا محالة آتية، ولن يرضى أحداً بذلك.

أيها الناس، هل تعلمون ما الحل السحري الذي يهرب منه جميع أهل بيزنطة؟ إنه (الخدمة المدنية) التي ظلت تضخ الكوادر والخبرات المؤهلة لإدارة البلاد، ضباطاً إداريين وتنفيذين، مديري إدارات، محافظين، وحكام أقاليم.

يترقى الموظف (الإداري) رويداً رويداً، إلى أن يصبح مؤهلاً ليدير (إقليماً كاملاً)، بصفته موظفاً وليس سياسياً أو حاكماً مطلقاً كما يفعل هؤلاء (المنتخبون).

وهكذا يستمر الجدل، ولا أحد يحسمه بإعادة (الحكومات المحلية) وتطويرها لنتتج كفاءات إدارية و(تنكوقراط) أفذاذ، ما لم نفعل ذلك فلا انتخاب الولاة مفيد، ولا تعيينهم مثمر.

ثم إنني لا أرى فرقاً كبيراً بين الأمرين، (كدا كدا) (الوالي معروف).

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي