الطاهر ساتي

منطقة تكامل مرتقبة… ولكن بالجنوب..!!


منطقة تكامل مرتقبة… ولكن بالجنوب..!!
حكومة الجنوب أيضاً تفاجأت، كما حكومة الخرطوم، بما حدث ويحدث في منطقة أبيي.. ولوكانت إدارية أبيي والقيادة الميدانية لجيش وشرطة الجنوب على علم بالثمن الذي ستدفعه المنطقة وأهلها وحكومة الجنوب، لما تهورت واستفزت القوات المسلحة وهاجمت سريتيها وهي في حالة انسحاب.. وكذلك من الغباء السياسي والعسكري أن تتحالف الإدارية والقيادة الميدانية في الهجوم على القوات المسلحة وهي تعلم بأنها في صحبة قوات اليونيميد.. قيادة راشدة لاتفعل فعلاً كهذا، ولكن هكذا دائماً بعض قيادة الحركة الشعبية، يتهورون بسذاجة يدفع ثمنها الشمال والجنوب معاً.. وهاهي سذاجتهم تفقد الجنوب – وقواته المسماة بالمشتركة – كامل المنطقة حتى بحر العرب، ولن تتفوه بعثة الأمم المتحدة بأية مفردة تدين القوات المسلحة على تلك السيطرة، بل لسان حال البعثة الأممية التي – فقدت بعض قواتها مساء الخميس الفائت من قبل جيش وشرطة وإدارية الحركة – يقول لحكومة الجنوب: (تستاهلي تفقدي أبيي)..!!
** نعم الخسائر فادحة في صفوف القوات المسلحة، نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، حيث غدرت بهم إدارية أبيي وجيش وشرطة الجنوب وهم على سياراتهم المتجهة صوب الشمال، ولم يكونوا في خنادقهم، ولذا كانت الخسائر مؤلمة وصادمة ومستفزة للقوات المسلحة..ولذلك، أي كرد فعل لتلكما الصدمة والاستفزاز، لم يكن مدهشاً أن تجتاح القوات المسلحة المنطقة المتنازع حولها وتحكم سيطرتها عليها، قبل أن تجف دماء الشهداء والجرحى، بل حتى قبل أن تتلقى توجيها من القيادة السياسية.. وعسى ولعل يستوعب كل قادة الجنوب – وليست قادة أبيي فقط – هذا الدرس، فاللعب بالنار مع الجيش يختلف – شكلاً ومضموناً وآثاراً – عن اللعب مع الساسة بالتصريحات، وكان على تلك الفئة أن تفكر في هذا الأمر قبل هذا الاستفزاز، خاصة وهي تعلم بأن للجيش ألف رأي ورأي في نيفاشا كلها، ناهيك عن قطعة أرض بأبيي..!!
**على كل حال..رغم مأساة الحدث، ما حدث بمثابة هدية قيمة قدمتها فئة ساذجة بالحركة الشعبية لحكومة الخرطوم، قبل إعلان دولة الجنوب بشهر ونصف..أي فقدت الحركة موطئ قدم بمنطقة أبيي، منذ مساء أول البارحة.. وكذلك فقدت كل العطف الذي ظلت تحظى به من قبل المجتمع الدولي، وإدانة الأمين العام للأمم المتحدة خير دليل على ذلك..ثم – وهذه خسارة كبرى – فقدت الحركة عطف قوى المعارضة الشمالية، بدليل أن بيانها الأخير خلى تماماً – لأول مرة في تاريخ قوى المعارضة – من تحميل حكومة الخرطوم مسؤولية ما حدث، بل طالب البيان بمحاسبة الجهة التي تسببت في هذه الأزمة، وربما الحياء وحده منع قوى المعارضة من تسمية تلك الجهة المعروفة للجميع..هكذا خسائر الحركة الشعبية وحكومتها، تكبدتها بسبب تصرف فئة ساذجة منسوبة إليها.. والزمن ليس لصالح حكومة الجنوب لتعالج هذا الخطأ الفادح، فالشهر والنصف لايكفي زمناً لوضع مقترح المعالجة ثم التفاوض فيه..!!
** وبعد انتهاء هذا الزمن، أي بعد إعلان دولة الجنوب، لن تغامر حكومة الجنوب بتحريك جيشها أو شرطتها لاسترداد أبيي، إذ أي فعل كهذا يعني إعلان الحرب ضد دولة أجنبية، والوضع الأمني والاقتصادي لدولة تحت الإنشاء لن يحتملا نتائج إعلان كهذا، ما لم تكن لحكومة الجنوب الرغبة في المزيد من التهور والمغامرة التي قد تؤدي إلى فقدانها جوبا، خاصة – كما قلت – للجيش ألف رأي و رأي في (نيفاشا كلها)..باختصار، ما حدث لأبيي لايختلف كثيراً عما حدث لحلايب، حيث تلك كانت منطقة تحت سيطرة الدولة السودانية، فتهور البعض ضد الرئيس مبارك، فخرجت حلايب من سيطرة الدولة السودانية، وصار كل الحلم بأن تبقى تحت سيطرة الدولة المصرية ولكن تحت غطاء (منطقة تكامل).. وعلى ذاك الغطاء، سوف تتحاور الخرطوم وجوبا، عاماً تلو الآخر بلا حرب ولا يحزنون.. وما أغربك يا بلادي، ليست سيناريوهات ساستك فحسب، بل حتى تقاطعات جغرافية أرضك، صارت تعيد ذاتها..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]