عبد اللطيف البوني

القيامة تقوم من هنا

[JUSTIFY]
القيامة تقوم من هنا
رحم الله أستاذنا الجليل البروفيسور محمد عمر بشير أحد رواد الدراسات السودانية وصاحب أعظم وأقيم وأقدم المؤلفات عن مشكلة جنوب السودان , ومن نظرياته أن حل مشكلة الجنوب سلمياً ومن ثم التكامل الثقافي بين شطري السودان سوف ينعكس إيجاباً على التعاون بين العرب والأفارقة ومن هنا ألف سفره العظيم (التراميديا) أي قلب العالم الذي تشكله الكتلة الإفريقية العربية ونظرية أستاذنا تفترض أن عدم حل مشكلة الجنوب سلمياً سوف يعيق التلاقي الإفريقي العربي مما يؤثر على الأوضاع في كل العالم.
مناسبة الرمية هذه هي ما ذكره الرئيس سلفا محذراً الدول التي تقع جنوب الجنوب وطالباً منها الدعم قائلا إن الحرب التي تدور بين دولته الجديدة ودولة السودان القديمة إذا انهزم فيها الجنوب سوف يجتاح الإسلام والعروبة كل إفريقيا إلى مدينة الكاب وبالتالي هذه الحرب لاتخص الجنوب وحده إنما كل إفريقيا جنوب الصحراء فالسيد سلفا يقول بصريح العبارة إنه يقف الآن على رأس دولة تبذل نفسها فداءً لإفريقيا فعلى الدول الإفريقية مساعدتها وإلا سوف يجتاحها الإسلام والعروبة ومن المؤكد أنه سوف يضيف الإرهاب إذا اقتضت المناسبة.
حتى لانكون مطففين لابد من أن نذكر هنا أننا نحن في السودان الفضل نستخدم ذات الأسلوب لجلب الدعم إذ نطرح المعادل الموضوعي لفكرة سلفا لا بل كنا سباقين لما يقوله سلفا فكثيراً ما نعاتب العرب لعدم مبالاتهم بما يجري لنا من تآمر ونذكرهم بأن الحرب القادمة إلينا من الجنوب لسنا نحن المستهدفين منها وحدنا إنما المستهدف بها كل العالم العربي وأن تفكيك هذا العالم سوف يبدأ من السودان وأن استهداف السودان هو استهداف للإسلام وبعد الإنقاذ أخذنا نقول إنه استهداف للإسلام السياسي.
لانود هنا تشريح الدعويين أعلاه أو الغوص في مدى صدقهما من عدمه فهذه قصة أخرى ولكن الأمر المؤكد أن تربة السودان وثقافته وجغرافيته السياسية هي التي أنبتت هذه الدعاوي وأنه قدر السودان إما أن يكون جسراً للتواصل بين العالمين العربي والإفريقي أو هوة تفصل بينهما ومن المؤكد أن ما قاله سلفا وما نقوله نحن سوف يجد صدى في العالمين العربي والإفريقي وبعض الدول العربية سوف تدعم السودان تأسيساً على الدعاوي الثقافية وبعض الدول الإفريقية سوف تدعم دولة الجنوب بالمقابل وطالما أن الحرب قائمة بين البلدين فإن الدعم من الجهتين سوف يفاقمها وهذا يعني سفك المزيد من الدماء السودانية لأن السودانيين قدموا أنفسهم بأنهم الفرسان وحماة العرين والباذلين أنفسهم دفاعاً عن بقية الرهط عرباً كانوا أم أفارقة.
صراع الهوية الذي كان ظاهراً قبل الانفصال قسم السودان إلى قسمين عرب مسلمين في مواجهة أفارقة مسيحيين فالأوئل في الشمال والآخرين في الجنوب وهذا لعمري فرية كبرى ولن تصمد أمام أي بحث علمي معمق ولكنه للأسف بعد الانفصال انبثق من الصراع السياسي واتخذ شكلاً جديداً وحجماً أكبر وسيلقي بآثار سالبة علينا وعلى الإقليم وعلى العالم فيا جماعة الخير إنه بالون ملئ بالغازات السامة يجب تنفسيه بأعجل ما تيسر وبابعد ما يمكن حتى لانستنشقه إن لم يكن قد استنشقناه وخلصنا .. اللهم نسألك رد القضاء واللطف فيه معاً.

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email][/JUSTIFY]