الطاهر ساتي

لوري بلح


/

لوري بلح
** ومن أدب الهمباتة إنهم لايرضون أن تصفهم باللصوص، إذ هم ينزعون جهاراً ونهاراً، أي ( رجالة وحمرة عين)، وكذلك لاينهبون الضعيف ولا حتى القوي حين يقدم إسترحاما، ولهم في حياة الناس طرائف..ومنها، قرر بعضهم قطع طريق تجاري لفرض حصار إقتصادي على إحدى المناطق.. لم يقرروا قطع طريق بالنهب، ولكن بإرغام أصحاب البضائع والمحاصيل الخضرعلى بلعها بمنفذ آخر، أي ليس بالفم.. وبعد القرار، قطعوا الطريق فجراً على (لوري بلح)، وأنزلوا صاحبه ثم شرعوا في تنفيذ (عملية البلع)، وظل صاحب البلح يضحك رغم آلام العملية، فسألوه : (البيضحكك شنو يازول؟)، فرد مقهقها : ( والله إتخيلت منظر ود عمي الشاحن عجور وجاي وراي) ..!!

** وتقريباً هكذا نهج حكومة الإخوان بالشقيقة مصر منذ شروع إثيوبيا في تغيير مجرى النيل الأزرق لبناء سد الألفية.. وعلى سبيل المثال الأخير، أول البارحة، بعد أن عرض الدكتور خالد القزاز – سكرتير الرئيس مرسي للعلاقات الخارجية – تقريراً كاملاً عن سد الألفية وآثاره السالبة على حصة مياه مصر وكهرباء السد العالي، عقب الرئيس مرسي على التقرير قائلاً بالنص : (إن الضرر الذي يقع علينا من هذا السد أقل ضرراً من السودان)، أوهكذا النهج المراد به تضليل الرأي العام بمصر والسودان..فالسودان – حسب هذا النهج- شاحن (لوري عجور)، ولذلك يشفق عليه الرئيس مرسي بمظان أن مصر شاحنة (لوري بلح)، وهذا غير صحيح، فالعكس هو الصحيح ..فالسودان ليس بدولة مصب ليكون الأكثر ضرراً..ثم، تقرير مستشار الرئيس مرسي تحدث عن آثار السد على مصر، فلماذا يحشر الرئيس مرسي السودان حشراً؟..( أنا والكاشف أخوي ما قرينا)، أوهكذا قالت عائشة الفلاتية عندما سألتها إذاعة عربية عن مؤهلاتها الأكاديمية، رحمهما الله، لقد صارت قصتهما نهجاً سياسياً لحكومة الإخوان هناك..!!

** ومنذ أسبوع ونيف، حكومة الإخوان بمصر لاتسعى فقط إلى جر السودان ليخوض لهم معاركهم ضد إثيوبيا، بل تستغل حدث تغيير مجرى النيل إستغلالاً حزبياً يُعيد الأرضية الشعبية التي فقدها الحزب وحكومته..وليس في الأمر عجب، إذ كل الأنظمة الأفروعربية تشغل شعوبها بصناعة – أو توهم – معارك أجنبية بمظان (توحيد الجبهة الداخلية)، وهو توحيد مراد به خداع الشعب ليدخل إلى (بيت الطاعة)..وحكومة الرئيس مرسي كانت بحاجة إلى حدث خارجي كهذا لتصرف به عقول وأنظار شعب مصر عن الأزمات الداخلية وكوارث نهج الإخوان.. فالحكومة المصرية لم تتفاجأ بهذا السد قبل أسبوع، بل هي على علم بكل مراحلها منذ خمس سنوات أو أكثر ، ولذلك مدهش هذا الغبار المثار حالياً وكأن لجان السد الفنية خالية من مناديب مصر..فالحدث ليس مفاجئاً، ولكن حكومة مرسي غلفت الحدث بالإعلام المفاجئ ليصدم به الرأي العام المصري ليخرجه من صدمات سعر الدولار وأزمة الوقود وتفجير الكنائس ونشاط البلطجية وغيره من ( إنجازات الإخوان ) ..!!

** المهم، ذاك شأن يغنيهم، فلتواصل حكومة الإخوان وإعلامها في تضليل الشعب المصري وقوى المعارضة بتوهم معارك وهمية مع إثيوبيا حول سد مُعلن منذ عهد الرئيس مبارك..طبيعة الأرض باثيوبيا ليست بسعة حجز مياه لحد التأثير على مصر والسودان، وكل الخبراء أجمعوا على ذلك، فالسد للإنتاج الكهرباء فقط لاغير، فلماذا تخدع حكومة الإخوان شعب مصر؟..المهم، هذا لايعنينا..ما يعنينا هو عليهم ألا يجروا بلادنا وإعلامنا إلى معارك وهمية بحيث نكون جزءً من التضليل، إذ نحن – شعباً وحكومة ومعارضة – أدري بمصالحنا أكثر من غيرنا، وكذلك قادرين على إدارة معارك حقيقية – وليست وهمية – في سبيل بلادنا إذا تعرضت لمخاطر أجنبية، سدوداً كانت أو جيوشاً..!!

** على كل، سد الألفية لايضر السودان، أو كما عقب الرئيس مرسي على سكرتيره، بل ينفع..غير تقليل نسبة الإطماء على سدودنا ثم تخفيف مخاطر الفيضان على مدائننا وأريافنا المقابلة النيل الأزرق، فالطاقة الكهربائية القادمة من إثيوبيا هي جسر الإخاء المرتقب بين الشعبين..نعم، سوف تأتي الكهرباء من مياه إثيوبيا – باذن الله – إلى السودان.. وهذه ليست بدعة، لقد ذهبت من قبل ذات الطاقة إلى مصر من مياه ( وادي حلفا)، بلا مقابل..فالوعي ليس محض ربيع عربي ببعض الدول، بل ربيع المصالح الوطنية على إمتداد هذا الكون هو ( أصل الوعي)..!!‬

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]