أبشر الماحي الصائم

جدلية الخبز والديمقراطية


مكاء صلاة اليمين عليك
وحج اليسار إليك نفاق
وتقطع حد ذراعي رهانا
ستكبر ثم تراهم سمانا
ثم يشد عليك الوثائق
.. عبدالقادر الكتيابي
* أذكر على عهد طفولتنا أن أي مريض عائد (بكباسين) من (مستشفيات البندر).. لا يستنكف أن يعطي منها الذين يشكون ذات الأعراض.. دون مراعاة لتعدد أنواع مرض الصداعات والحميات.. فالدواء الذي يصلح لمريض الملاريا قد لا يصلح لمريض الالتهابات الشتوية !! والشيء بالشيء يذكر ..
* فوصفة عمليات (التمويل الأصغر).. على سبيل الوصفات.. التي أخرجت اقتصادات الدول الآسيوية من وهدتها ليس بالضرورة هي التي تصلح لحالتنا الاقتصادية المأزومة.. طالما شقي بي هذا الرأي وشقيت به.. وسط نخب حكومية تذهب إلى الآخر للركوب على قطارات التمويل الأصغر التي قد توردها المخاطر!! كيف ولماذا!! مهلا.. فالأسرة البنقلاديشية على سبيل الأسر المنتجة.. لما تظفر بعمليات تمويل أصغر فإنها تحول جميع أسرتها إلى شغيلة لا يهدأ له حال.. كما تجعل من بيتها مصنعا صغيرا للإنتاج الذي يصلح للتصدير لخارج البلاد كونه محكما متقنا. ونحن في المقابل نستخدم التمويل الأصغر.. تحايلا.. لإكمال بنيان أو حل ضايقة.. وفي أحسن الأحوال نجلب به عربة ركشة لنذهب لننام ملء جفوننا منتظرين رأسمال الركشة المتآكل.. فيصلح لنا.. والحال هذه.. التمويل الأكبر.. كأن يقدم رجل وطني كبير عبر عمليات تمويل أكبر على قيام مشروع إنتاجي ضخم يستخدم عشرات الآلاف من الشغيلة.. و.. و..!!
* كذلك الديمقراطية التي كانت بمثابة الوصفة السحرية للمجتمعات الغربية، وهي تجمع متناقضاتهم في مجتمع ودولة واحدة متماسكة، غير أنها في المقابل لم تكن بتلك الفعالية في مجتمعاتنا الشرقية، فعلى الأقل في السودان لم تكن نموذجاً يحتذى للأجيال، وليس ذلك إلا لفهمنا وخصوصياتنا.. فمن جهة أن الديمقراطية كانت ساحة كبيرة لنقاباتنا المطلبية والتوقف عن العمل والإضرابات والاضطرابات !! على أن دولتنا السودانية التي تكاد تكون في مرحلة التشكل لم تملك القوة الكافية على ذلك.. فبإسم الديمقراطية تباطأت وتيرة الإنتاج والتنمية إن لم تكن تعطلت تماما.. فمشروعاتنا الوطنية الإنتاجية على شحها شيدت ذات لحظة شمولية حاسمة !!
* للذين يقرأون بتعسف.. إننا نحتاج لعدة خطوات قبل استقبال عهد التعددية الديمقراطي.. نحتاج أن ننجز قوتنا على أقل تقدير.. لأن أي حرية لا تسند بالفتريتة والعجين قد لا تصمد طويلا.. فعندما نتزرع بأن التعددية لم تعط فرصة كافية!! ننسى في المقابل أن فهمنا وممارستنا هي التي تعجل برحيلها.. ثم لا تجد من يذرف عليها دمعة أو يطلق لأجلها رصاصة واحدة.. لهذا لا تنجح الانقلابات فقط بقوة العسكر.. بقدر ما تنجح بضعف التعدديات ونماذجها غير المشرفة !!
* مخرج.. الشمولية ليست هي الحل والتعددية الديمقراطية كذلك.. نحتاج لمقاربة بين المسارين.. والله أعلم.. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.