جعفر عباس

الزي أداة لمنع استهبال المرضى

[JUSTIFY]
الزي أداة لمنع استهبال المرضى

منذ عدة سنوات والمجلس الطبي في بريطانيا منغمس في مناقشة قضية قد تبدو للبعض ثانوية، في حين أنها في تقديري على قدر كبير من الأهمية، ولا شك أن للأطباء مكانة خاصة في قلوب كل الناس، وهناك من يحب الأطباء وهناك من يكرههم، ولكن الجميع يعرفون أنهم لا يستطيعون الاستغناء عن الأطباء،.. تستطيع أن تعيش عمرا طويلا دون التعامل مع مهندس أو نجار أو بحار أو محاسب أو مدرس أو حتى حلاق، فهناك مهارات كثيرة يستطيع الناس اكتسابها دون تعليم أو تدريب نظامي، وهناك كثيرون لا يستعينون بالسباك أو الكهربائي أو الميكانيكي أو النجار، بل هناك آباء وأمهات عقلاء لديهم عيال واستغنوا تماماً عن المدرسين والمدارس بأن تولوا تدريس عيالهم بأنفسهم، ولكن ابن آدم المعاصر صار يتعامل مع الطبيب قبل أن يكمل ساعة من العمر، أو شهرا على أبعد تقدير!! المجلس الطبي البريطاني يناقش توفير أزياء جديدة للأطباء تشبه الأزياء العسكرية في كونها تعكس «رُتبة» الطبيب، أي ما إذا كان ممارساً عامّاً او أخصائياً أو استشارياً، بل وتحدد رتبة الطبيب الاستشاري بين بقية الاستشاريين، بمعنى ان الاستشاري محمد قد يحمل على كتفيه شريطا حريرياً واحداً بينما زميله الاستشاري حسنين يحمل شريطين، والأهم من كل ذلك ان الاقتراح يلزم كل طبيب بأن يرتدي شارة تحمل اسمه وتخصصه، لأن المريض كثيرا ما يتلقى علاجا لدى طبيب معين، وقد تسوء حالته فيعجز عن تحديد اسم الطبيب الذي عالجه ليواصل معه العلاج، أو «يشتمه» في الصحف!!!!… وفي عاصمة خليجية عشت فيها لعدة سنوات، وكان لي وقتها من العيال واحد فقط، لم أكن أعرف موقع المستشفيات الحكومية، بل كنا ثلاثتنا نتلقى العلاج في العيادات الخاصة،.. ذات مرة طلبت عرض زوجتي على أخصائية باطنية وصدر، وقد كان،.. وبعدها بفترة طويلة ذهبنا الى مركز طبي خاص لعرض ولدي على أخصائي أمراض أطفال، وقد كان،.. وكانت نفس الطبيبة التي تقمصت دور أخصائي الباطنية والصدر في ذلك المركز الطبي،.. وكانت شابة.. يعني لو كانت أكبر سنا لقلنا إنها تخصصت في أكثر من مجال، كما يفعل الأطباء الطموحون الذين ينوِّعون مهاراتهم وقدراتهم، أو يكتشفون أن المجال الذي تخصصوا فيه أولا «غير مقنع» ويختارون تخصصاً جديداً،.. واجهتها بكل جلافة: ما هو مجال تخصصك على وجه التحديد؟ فقالت: أطفال وباطنية وصدر وجراحة عامة، فقلت لها: أخشى أن أذهب بقطة الى عيادة بيطرية وأجدك هناك أخصائية أمراض جلدية وتناسلية!! طبعا كانت تلك الطبيبة ممارسة عامة، غير متخصصة في مجال طبي معين، والممارس العام هو عماد وركيزة الخدمات الطبية لأنه يحمل العبء الأكبر في علاج المرضى، وعليه تقع مسؤولية تحديد نوع المرض وما إذا كان يستوجب عرض المصاب به على شخص أعلى تأهيلا، ولكن بعض البقالات الطبية تضفي ألقاباً وهمية على الأطباء العاملين بها، مستغلين أن المرضى لا يعرفون? مثلا – الفرق بين أخصائي الأمراض الباطنية، وأخصائي أمراض الجهاز الهضمي،.. في إيطاليا وحدها يوجد نحو أربعين ألف طبيب أسنان مستهبل، أي بلا مؤهلات،.. تلك إيطاليا بأجهزتها الأمنية والمافيا وصوفيا لورين، فكيف يكون الحال عندنا حيث تسير الأمور «بالبركة» (لماذا نستخدم كلمة البركة بما يوحي بأنها تعني السبهللية؟) أعتقد ان استخدام زي مميز لكل فئة وشريحة من الأطباء في مصلحة المرضى، خاصة وأن تعدد الأزياء في المستشفيات الكبيرة يجعلنا لا نستطيع ان نميز بين فني الأشعة والمختبر والطبيب والممرض المتمرس.[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. الوارد فى المقال مطلوب ولاشك لكن فى بيئة وصلت الى مستوى مقنع من اكتمال الخطوات السابقة حيث يلزم اولا اعتماد التصنيف قبل الالزام بالاختلاف حيث من المعلوم عدم وجود امتحانات الاهلية الطبية التى تجرى فى انحاء عديدة وتجدد الرخصة الطبية كل فترة ثم يمكن النظر فى الوان وشكل اللبس لكل نوعية من المهن الطبية لكن التخلف الحاصل يجعل من الترف التفكير فى اللبس فالمستشفيات تفتقد لابسط الاساسيات والاطباء لابسط المهارات