جعفر عباس

تعليم البنات والكُلفة والكَلْفتة

[JUSTIFY]
تعليم البنات والكُلفة والكَلْفتة

أعتقد ان اختيار الجامعة ونوع الدراسة بها، هو أهم قرار يتخذه الإنسان المعاصر في حياته، يعقبه اختيار شريك بيت الزوجية، ومن ثم فإنني أولي تلك المسألة اهتماما كبيرا، دون ان يعني ذلك انني أفرض على عيالي كليات بعينها، بل أترك لهم اختيار أكثر من مادة للتخصص، ثم أقضي وقتا طويلا في اختيار الجامعة في ضوء اعتبارات أكاديمية واجتماعية ومالية وثقافية!! المهم طرح علي صديق عدة استفسارات عن الجامعة التي كانت تدرس بها بنتي فتحمس لإلحاق بنته بها، ثم سألني عن المصروفات الدراسية فأجبته عن سؤاله محدِّدا المبلغ وشارحا أنه لا يتضمن كلفة التنقل والطعام، فما كان منه إلا أن انتفض واقفا وهو يصيح: عنّها ما تعلمت!! مجنون انت؟ تصرف على بنت كل تلك الآلاف بعدين يجي واحد يتزوجها وفلوسك تروح في الهوا؟.. أحتفظ لنفسي عادة بمساحة خاصة لا أسمح لأي كائن باقتحامها، فقلت لصاحبي: مش شغلك كيف وأين أعلم بنتي وكم يكلفني تعليمها! فحاول الاستدراك وقال انه يعني ان البنت لزوجها وإنه يكفي تزويدها بتعليم بسعر التكلفة.. يعني شهادة جامعية أي كلام من أي مكان! قلت له: برضو مش شغلك! ولأنه كان في بيتي فقد حاولت تلطيف تعقيبي الجاف على كلامه، وقلت له إن ما أدفعه في تعليم بنتي مبلغ «معقول وفي حدود استطاعتي واستطاعته» ثم سألته: ماذا لو لم تجد بنتي من يتزوجها؟ ماذا لو تزوجت ثم تطلقت او ترملت؟ ماذا لو تزوجت وأصيب زوجها بإعاقة؟ ماذا لو تزوجت برجل ابن ناس ولكن من ذوي الدخل المحدود؟ ماذا لو تزوجت برجل جلدة وقيحة يحرمها من ضروريات الحياة مثل صاحبنا فلان (وذكرت اسم شخص يعرفه كلانا بالبخل لدرجة أنه يلزم زوجته التي اضطرت الى دخول الحياة العملية لتأكل وتلبس وتعالج عيالهم على نفقتها) ماذا لو لم تتزوج وأصبحنا أنا وأمها عواجيز مكعكعين بلا عائل ونحن ننتمي الى بلد ليس فيه ضمان للعجزة وكبار السن.. وصغار السن شأنه شأن بعض جيرانه العرب ومعظم الأفارقة؟

وقلت له: هل تريد مني أن آخذ اعتبارات الربح والخسارة في تربية وتأهيل بنتي؟ ومن يضمن لك ان «الولد» الذي تعتقد انه أحق بالتعليم العالي «الغالي» سيكون بارا وحافظا للجميل وسيرد لك الجميل عدّاً نقداً بعد ان يدخل الحياة العملية؟ هنا وجدها صديقي فرصة ليسألني: ألا يدفع لك ولدك الذي دخل الحياة العملية جزءا ثابتا من راتبه؟ قلت له: برضو مش شغلك.. أنا لم أنفق على تعليمه ما أنفقت كي «أحاسبه» لاحقا.. ولعلمك فهو لا يعطيني فلسا واحدا.. ولكن ذلك كان بإيعاز مني… والبركة في أمه التي باتت تتقاضى منه راتبا ثابتا وصارت تقول لي: الحمد لله فولدي جنبني وقوف الكريم على باب اللئيم… واللئيم هنا هو أبو الجعافر.. وربنا على المفتري.
وسألت صاحبي ذاك: ألا تتابع نتائج امتحانات الشهادة الثانوية والجامعات؟ هل رأيت كيف يكتسحها البنات؟ هل نعاقب تفوقهن ب«كلفتة» تعليمهن على أساس أن رجالا ما سيخطفونهن ويخطفون نتاج تعليمهن؟ أليست معدلات العقوق والجنوح بين الأولاد أعلى منها بين البنات؟ أعرف نساء يعشن على الكفاف في بيوت الزوجية ومع هذا يحاولن مد يد العون قدر المستطاع لأمهاتهن وآبائهن إذا كانوا ذوي حاجة، وأعرف طابورا طويلا من الشباب ينفقون الشيء الفلاني على زينتهم ومتعهم بينما آباؤهم وأمهاتهم «على الحديدة»!.. والشاهد هو ان البنات أحق بالتعليم الجيد لأنهن بحاجة الى أسلحة البقاء الشامل.. التعليم هو سلاح البنت البتار في وجه العنوسة والزوج القيحة والغطرسة الذكورية.. ادفع دم قلبك على تعليم بنتك كي لا تكون كريمة على باب لئيم.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد

  1. كلام والله ذى الدهب .. لى بنت تدرس فى الشارقة و اصرف على تعليمها الشى الفلانى .. كثير من الآصدقاء ظلوا يهاجموننى بدعوى انها ستتزوج وفلوسى ستروح شمار فى مرقة .. تعليم الآبناء من الآولويات و الآموال التى تصرف قى تأهيلهم للمستقبل وخاصة البنات حتما هى اموال صرفت فى محلها !!