الجن الأحمر

في عددها ليوم الأربعاء الماضي الموافق 28 أغسطس 2013م وعلى صفحتها الأخيرة أوردت الزميلة (الرأي العام) خبراً بعنوان (خرجوا على 20 دفعة 40 ألف جان يخترقون جسد فتاة بنهر النيل) يقول الخبر عزيزي القارئ (أصيبت فتاة عشرينية بولاية نهر النيل بأنماط سلوكية غريبة أثر إختراق جسدها نحو 40 ألف جان الأسابيع الماضية وقال شهود عيان للرأي العام أن ذوى الفتاة ذهبو بها إلى الشيخ (أ.أ) بمدينة بربر الذي خاطب الجان وطالبه بالخروج إلا أنه رفض وأعتذر للشيخ بحجة أن دخولهم كان بغرض تجربة إحتمال جسد الإنسان لعدد كبير منهم إلا أن الشيخ أصر عليهم بالخروج من الفتاة التي أصيبت بالهذيان والدخول في غيبوبة أحياناً ، وبلغ النزاع بين الشيخ والجان لأكثر من 11 ساعة وتوصلت المفاوضات إلى خروجهم 20 في كل دفعة مما إضطر الشيخ إلى السهر حتى الصباح لإخراج الجان لتعود الفتاة إلى صحتها النفسية الطبيعية ) .. إنتهى الخبر يا سادتي الأماجد ويبدو أن التفاوض بين الإنسان والجان أجدي وأسهل من التفاوض بين الإنسان وأخيه الإنسان فها هو الجان قد أذعن للشيخ بالخروج ولم تستغرق المفاوضات سوى بضع ساعات (لا دوحة ولا وفد مقدمة ولايحزنون) تم الإتفاق فيها على طريقة الخروج الآمن على دفعات !
غير أن أبانا الشيخ يبدو أنه (دقس) ولم يهتبل لفرصة التي جاءته على طبق من ذهب فهو لم يستفد من هذا التجمع (الشيطاني) الكبير ومن طاعة الجن له خوفاً والبلاد تعاني ما تعاني من كوارث السيول والأمطار فالعبد لله لو كان مكان الشيخ لإختلفت المفاوضات
– مش حرام عليكم يا جان البلد غرقانه وبدل ما تساعدونا تجوا تدخلو في جسد البت المسكينة دي؟
– وعاوزنا نعمل شنو؟
– تعملوا شنو كيف؟ ما شايفين الخراب ده
– الخراب ده ما سببو إنتو؟ تعملو نايمين ولمن الخريف يجي تقعدو تكوركو
– نكورك ما نكورك ما دخلكم .. إنتو تطلعو من جسد البت دي دلوقتي وكل 20 منكم يمشو ليهم (بركة موية) ينشفوها !
– بس كده
– لا وكمان أي بيت وأي مدرسة وأي حيطه واقعة تبنوها .. وأي شارع باظ تصلحوهو
– ده ما كتير علينا يا الشيخ
– كتير عليكم ده شنو إنتو (جان) وللا (لجان شعبية)؟ يا تعملو البقولو ليكم ده يا (آيات الحرق) !
– لا .. لا ما تحرقنا يا الشيخ .. لو عاوزين (بنيه تحتية) ذاااتا نعملا ليكم
– البنية التحتية دي سيبوها (عندنا ليها وزارة) بس أغيثو لينا الناس المنكوبة دي ورجعوا لينا الحاجات الإتهدمت دي وإلا سوف نذيقكم بإذن الله عذاب الحريق
– حريق لا .. حريق لا .. سمعاً وطاعة !
بينما كانت الحياة تسير على ذات الوتيرة من الرتابة .. الأسر المنكوبة تجلس على بقايا ممتلكاتها وسط أكوام الطين والمياه الراكضة والذباب والباعوض .. والمسؤولون يصرحون بإحتوائهم للأزمة وفجأتن ووسط ذهول الجميع تعود كل الأشياء إلى ما كانت عليه قبل كارثة الأمطار .. تختفي البرك والمستنقعات .. تعود المباني والبيوت والشوارع إلى هيئتها التي كانت .. !!
وتصدر صحف اليوم التالي وهي تحمل مانشتات تصريحات المسؤولين :
– الحكومة تقوم بإعادة الحياة إلى طبيعتها
– 40 الف مهندس وعامل يعيدون البسمة إلى الأسر المنكوبة
– إعادة تشييد كل المدارس والمباني في وقت قياسي
– تشييد 40 ألف منزل منهار في يوم واحد
وبينما العبدلله يقرأ في عناوين الصحف يمثل أمامة (الناطق الرسمي للجان) :
– إن شاء الله خير يا شمهريرة ّ
– خير شنو يا الشيخ ؟
– أمبارح اليوم كوووولو تعبانين نشتغل والحكومة تقول إنها أعادت الحياة إلى طبيعتها ؟
– ما عليك يا شمهريره هم أصلهم كده .. كويس إنك جيتني لأني امبارح نسيت ليا حاجة
– نسيت شنو يا الشيخ !
– نسيت اقول ليك إنك تجمع الإغاثات الجات دي كوووولها من المخازن الفيها (خاصة الخيم ام جنريترات ومكيفات) وتوزعها للناس البستحقوها الكانو متضررين !
– والله يا الشيخ إلا دي الما بنقدر عليها؟
– ليه يا شمهريرة
– لأنو دي يا الشيخ تحت حيازة (الجن الأحمر) !!