42 %

** صباح الأثنين، عندما دخلت إلى صيدلية بالخرطوم بحري، لم أتبين ملامح المرأة التي كانت تقف بجوار السلم الخارجي ..ولكن عند الخروج، أشارت ملامح الحزن إنها إما لم تجد الأدوية أو عاجزة عن شرائها..ثم تفاجأت بانها لاتبحث عن أدوية، بل مالها لايكفي لشراء (علبة لبن أطفال)، حسب إرشاد الطبيب..والطبيب لايرشد أي أم الى هذا اللبن ما لم يتبين أنها مصابة بسوء التغذية وفقر الدم ..بهذه الصدفة المحزنة، عرفت أن أسعار ألبان الأطفال في بلادنا تترواح ما بين (65/ 74 جنيها)، للعلبة التي سعتها ( 400 جرام)..وأن الطفل بحاجة إلى (علبة أسبوعياً)، وهذا يعني أن على الأسة تخصيص مبلغ قدره يتراوح ما بين (250/ 296 جنيه)، شهرياً لغذاء الطفل ..!!
** ولأن إصابة الأمهات بسوء التغذية تكشف الحال الإقتصادي للأسر السودانية، قصدت إدارة الأغذية بوزارة الصحة الإتحادية باحثاً عن حجم إستيرادنا لألبان الأطفال، ثم عن إحصائيات الأمهات العاجزات عن الرضاعة بسبب سوء التغذية..وليتني ما قصدت تلك الإدارة، إذ وجدت المدير والنائب والعاملين وأجهزة الحاسوب، ولم أجد حجم ألبان الأطفال التي نستوردها ولا أنواع الألبان المسجلة ولا (أي معلومة) ..فالمعلومات غير جاهزة، و ( ح نجهزها ليك يوم الخميس)، أو كما قالوا وهم يرشفون الشاي والقهوة..نعم للأسف، رغم أنها إدارة مناط بها الرقابة على الأغذية، وتستلم رسوماً على كل رسالة ألبان أطفال واردة، ثم تستلم رسوماً عند تسجيل كل ماركة لبن أطفال، ثم لديها أجهزة حاسوب وكوادر متفرغة، ومع ذلك بحاجة إلى أيام لتجهز إحصائيات تفترض أن تكون تقريراً دورياً يكشف بعض الحال العام .. إنها الخدمة المدنية في السودان، وليس في الأمر عجب ..!!
** غادرتهم متحسراً إلى دوائر إقتصادية ذات صلة بتلك (الأسعار الفلكية)، فوجدت الفواجع والمواجع.. حكومة السودان فقط لاغير، في طول الدنيا وعرضها، هي التي تفرض على ألبان أطفالها ما يلي : (10% جمارك)، (13% ضريبة تنمية)، ( 17% قيمة مضافة)، ( 2% أرباح أعمال)..تلك هي الأثقال الحكومية الملقاة على ألبان أطفال بلادي، ( 42%).. وعندما تُضاف على تلك الأثقال الحكومية أرباح الشركات والصيدليات، تحتار تلك المرأة المصابة بسوء التغذية أمام الصيدليات ثم تحزن لعجزها عن شراء علبة لبن لمولودها..قيمة مضافة على لبن أطفال؟، ثم – يعني كمان – ضريبة تنمية؟، وكذلك الجمارك وضريبة أرباح أعمال؟.. هذا لا يخطر على قلب إنسان به مثقال ذرة من الرحمة، ولكنه واقع مؤلم في بلاد تشير تقارير اليونسيف أن ثلث أطفالها مصابون ب ( سوء التغذية).. !!
** عفواً، ليست تقاير اليونسيف وحدها، بل حتى وزارة الصحة الإتحادية أيضا إعترفت يوم 25 يونيو الفائت – على لسان وكيلها – بإكتشاف مليون وثمانمائة الف طفل مصاب بسوء التغذية، وهذا يعادل ثلث أطفال السودان، حسب التقرير الرسمي..ثم إعترفت الوزارة ذاتها في ذات التقرير أن ( 78 طفلا) من كل ( 1000 طفل) ينتقلون الى رحمة مولاهم بسبب ( سوء التغذية)..ولذلك تحتل بلادنا المركز السابع في قائمة أسوأ دول العالم في رعاية الأمومة والطفولة ..هكذا الصورة القاتمة، حسب تقارير المنظمة الدولية وتقاير الوزارة المسؤولة .. فلماذا لا يصاب ثلث أطفال بلادنا بسوء التغذية؟، ولماذا لايموت ثلث الثلث أو ربعه أو ( كلهم)؟، وهم الذين يولدون تحت هجير حكومة تفرض الجمارك والقيمة مضافة وضريبة التنمية وغيرها على (ألبانهم ) ..؟.. رحمة بهم، وبأسرهم، أرفعوا هذه الأثقال عن ألبانهم، فهي لن تزيد خزائنكم إلا ..( فقراً )..!!
[/JUSTIFY]
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]
معذرة اخى الطاهر ساتى
هذا هو السودان منذ مجئ هذه الحكومة
زمان زمن الزمن زين ربونا بلبن الماعز ( وقت كان كل بيت فيهو مراح مليان ماعز وضان وبقر ) لكن من جاءت هذه الحكومة وضيقت على المزارعين وعلينا كلنا بعنا البهائم واتحداك اليوم اذا تجد منزل به هذه النعم الا القليل