آمال عباس

ما تفعله السلطة برؤوس الحكام؟؟


[JUSTIFY]
ما تفعله السلطة برؤوس الحكام؟؟

٭ مؤلف وفيات الاعيان حكى على لسان مسرور السياف في شأن نكبة البرامكة وقصة العباسة اخت الرشيد مع جعفر البرمكي وهذه قصة معروفة.
٭ قال مسرور فمضيت الى دار جعفر ولم يبق فيها سوى الخواص من خدمه والخصيان وعدد من المماليك الصغار فسألت عنه أنائم هو؟ قيل لا ، لكنه جالس في البيت الفلاني وعنده ابو زكار الاعمى القوال يغنيه فقصدت البيت الذي كان فيه لحين حصلت على باب البيت سمعت ابا زكار الاعمى يغنيه:
يا راقد الليل مسرورا بأوله
ان الحوادث قد يطرقن اسحارا
٭ وقد يقول له يا بارد امثل هذا مما يتغنى به؟ وابو زكار يقول وكان منبسطاً عليه البارد والله من قد قتلنا منذ شهرين بهذا الانتظار الفاسد بقى لك امر تخاف ان تستشعر منه وقد ودعت الخليفة وانت مكره على رأس الطريق؟
٭ قال فتوقفت بقدر ما فرغوا من الكلام وابتدأ ابو زكار في الغناء ثم هجمت عليه وسلمت فقال لي: ما الذي جاء بك؟
فأديت اليه رسالة الرشيد فقال لي الآن جئت وانا والله سكران وقد اختاروا لي الطالع الفلاني وركوبي يكون وقت السحر بيني وبين الخليفة شقة بعيدة واحتاج الى عبور دجلة ولي ايضا مهمات لخاصتي احتاج الى تحريرها.
٭ قال مسرور فقلت له يا سيدي دع عنك هذه الاعذار فان الذي يستدعيك مولاك الخليفة ولا بد من الانتهاء الى امره واراك تخاطبه بمثل ما تخاطب به الامثال. فقال لي يا اسود يا حجام وبلغ من امرك تخاطبني بهذا؟
فقلت له يا سيدي انت تعلم ان الخليفة لا يفرق بينك وبين اعز اخوانه بل ربما فضلك عليهم وقد استدعيتك الى داره دفعات ليل نهار فبادرت مسرعا من غير عذر وبعد هذا فانت اخبر وانما على البلاغ.
٭ قال مسرور واخذت الين في الكلام لئلا يفطن وابو زكار يعاونني الى ان اجاب وقال لابي زكار نم على ما انت عليه حتى اعود اليك.
٭ ونهض وخرج من باب الدار وركب فرس النوبة وليس معه احد سوى ثلاثة خدم صغار وانا ومضى وانا معه فلما انتهينا الى صحن الدار اخذ في صوب باب الحجرة التي يكون فيها الرشيد فقلت له يا سيدي على يمينك قليلاً فقال لي وما الذي اصنع هناك؟ ثم التفت فرأى الخيمة مضروبة ونظر الى وتغير وجهه وندم على ركوبه ثم قال لي يا اخي مسرور هل فيك موضع لاصطناعي؟ فقلت له انت ما كنت ترفعني وتخفضني الا بالاسود الحجام والآن انا اخوك؟ ولكن يا جعفر ما غير الله نعمة على عبد الا باستحقاق وليس الله بظلام للعبيد وان الله يمهل ولا يهمل ولقد املى الله لك ولاهل بيتك لارضى بفعلك ولكن ليزيد اثمك وعقابك وانا اقول ما اقول له ونحن نمشي نحو الخيمة وهو ينصت الى كلامي ولا يجيب بشيء حتى اذا صرنا الى الخيمة واحس بنا القوم الذين بها بمضرا فاحس بقعقعة السلاح فبكى وبكى الجماعة لبكائه حتى ابكاني مع انحرافي عنه وعداوتي له.
٭ ودخل الخيمة فرأى القطع مبوسطاً وسيفي ملفوفاً في منديل فاخذت سيفي وجذبته من غمده وامرت خادماً معي بان ينزع ثياب جعفر فنزعها عنه وتركه بغلالة كتان وهو ينتحب وينوح على نفسه، ثم قال يا حبيبي لو عاودته في امري، وانكب على يدي يقبلها فقلت له قد امرني ان لا اعاوده فتشفع الى الغلمان باسرهم ان اعاوده، فقمت وقصدت الحجرة التي فيها الرشيد فحين احس بوطىء قدمي في الدهليز، قال: مسرور. قلت لبيك يا امير المؤمنين، قال جئت برأس جعفر.
قلت لا ، ولكني جئت لاستأذنك مرة اخرى فصاح باعلى صوته… لا تريني وجهك وعد من حيث جئت واتني برأسه وانا نفى من المهدي ان لم تجئني برأسه نفذت في ساعتي هذه من يجيئني برأسك.
٭ فعدت الى جعفر واخبرته الخبر فتشهد وقال امهلني اصلي ركعتين فاذا سجدت السجود الاخير فشأنك وما تريده، فقلت ذاك لك.
٭ فقام وصلى فلما بلغ الى السجود الاخير كان يبكي والجماعة يبكون لبكائه فضربت عنقه ضربة ابنت رأسه عن بدنه واخذت رأسه ووضعته في طشت من ذهب ووضعته بين يدي الرشيد فحين رآه قال قربه مني فقربته منه فكان يقول له: يا جعفر اما فعلت بك كذا.. اما صنعت كذا وانت قابلتني بكذا.. وأنا واقف وهو هكذا يعاتب الرأس لم تنم عينه الى الفجر.
٭ غريب امر هذا الكون والاغرب ما تفعله السلطة برؤوس الحكام.

[LEFT]هذا مع تحياتي وشكري [/LEFT] [/JUSTIFY]

صدي – صحيفة الصحافة
أمال عباس