رأي ومقالات

مرتضى شطة : القوى السياسية وحوار أبو الكعيب !

[JUSTIFY]أبو الكعيب حيوان صغير اشتهر بالحماقة، يعتمد عليه صغاره في سقايتهم وإطعامهم، فيخرج ليجلب لهم الماء يملأ شدقيه بالماء من مصدره ويحتفظ به سائراً المسافات الطويلة ليصل صغاره ويفرغ الماء في أفواهها، حماقة السيد أبو الكعيب أو (أبون كعيب) بحسب تسمية بعض مناطق السودان تجعله يسير على الأرض مترفعاً عن الواقع رافضاً أن يتعثر بسبب أي حشائش تعترض طريقه، وما أن يتعثر بسبب أي منها حتى يغضب ويتحامق فيفرغ كل ما في شدقيه من ماء على الأرض ويطفق على الحشائش التي عرقلت سيره تقطيعاً حتى يفتر ويسكت عنه الغضب، ثم يرجع إلى مصدر الماء من جديد ويملأ شدقيه بالماء ويكرر الرحلة وعند أقرب تعثر بسبب الحشائش يفرغ الماء وينهال على الحشائش تقطيعاً من جديد، وفي هذه الدوامة المتكررة يكون صغاره قد قضوا عطشاً. فهو لا يريد إلا الوضع المثالي في مساره الذي لا تتسبب فيه أي حشائش في تعثره، لدرجة أن تولدت عنه العبارة السودانية المشهورة التي تدل على عدم وجود العقبات أمام الشخص (قشة ما تعتر ليك)، دعوني انتقل بصورة أبو الكعيب هذه إلى المشهد السياسي السوداني، فقد دعا الحزب الحاكم كل القوى السياسية إلى مائدة الحوار الوطني وأعلن رئيسه رئيس الجمهورية عن قرارات ذات صلة بتهيئة المناخ العام للحوار ثم تخللت ذلك بعض العقبات التي اعتبرتها القوى السياسية المعارضة عثرة في طريق الحوار منها الإجراءات القانونية التي أتخذت ضد إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي السيد الصادق المهدي ومن بعده رئيس حزب المؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ وآخرين من قيادات حزبه في كردفان بدعوى الإساءة إلى بعض القوات النظامية وما اعتبرته السلطات الأمنية الشاكية واقعاً تحت طائلة تهديد الأمن القومي، فضلاً عن الإجراءات التي اتخذت ضد صحيفة الصيحة بموجب قانون الأمن الوطني الذي يعطي السلطات الأمنية سلطة الايقاف الإداري للصحف، إذن هذه هي الحشائش التي تعترض مسار أبو الكعيب في الحوار السياسي وقد بدأ الكثير منها في الزوال، فقد أفرج عن السيد الإمام الصادق المهدي وتخلت الجهة الشاكية عن متابعة مسار القضية، فيما تعاود اليوم صحيفة الصيحة لمعاودة الصدور بعد أن سمح لها بذلك ووقعت بحسب إفادات رئيس تحريرها الدكتور ياسر الحسين علي تعهدات هي من صميم قانون الصحافة والمطبوعات وميثاق الشرف الصحفي.

حاشية :
إذ معظم تلك الحشائش قد زالت عن الطريق، وما تبقى منها في نظر المعارضة يمكن أن يتحول مباشرة إلى أجندة مبكرة للحوار بما فيها قيام أو تأجيل الانتخابات، فليس منطقياً أن تتوقع القوى السياسية حاكمة ومعارضة حواراً بلا عراقيل ودون كثير من الحشائش والأجندة الحزبية والخارجية التي تعرقل المسار، وليس من الحكمة أن يسبق الحوار الفعلي حوار من نوع آخر هو حوار تبادل أطراف الحوار للشروط، فليبدأ الحوار وتأتي الأحزاب ببنودها وموضوعاتها وتطرحها ومن ثم يكون الفيصل هو ما يتم الإتفاق عليه وليكون التحاكم على ما اختلفت عليه ويرضاه الشعب عبر محكمة الرأي العام التي تبين رفض الرافضين لمصلحة الوطن. قلا تصبح أحزابنا أبو الكعيب يضيع صغاره (الشعب) لحماقة أن يتعثر ببعض الحشائش ولتعلم أن طريق الإجماع والوفاق ليس طريقا (قشة ما تعتر ليها فيهو).

صحيفة الرأي العام
ع.ش[/JUSTIFY]