حزن البلد

إن كان من إحساس عام غالب فهو حزن متعمق من أن تنجر الأحداث في البلاد لاتجاه دوائره أغلبها مظلم ومستقبل قاتم، وقد صعب على المواطن أن يبتلع المعالجة الاقتصادية القاسية.. فماذا ستقدم الحكومة من تنازل مقابل هذا الرفض الواضح.. نعم من حقها أيضاً أن تتمسك بتوضيح الأمر ومحاولة جعله مقبولاً، وفي ذات الوقت فإن الإعتبار للآخر أو حتى المراعاة بالاستجابة الممكنة لا يعتبر هزة أو انتقاصاً من قدرة الحكومة بقدر ما هو تقويم لما طرحته اقتصادياً لظروف يمر بها المواطن وهو يدرك تماماً أن احتماله القادم سيكون صعباً.. الآن نحن أكثر حاجة لأن تكون الحكومة ذات صدر واسع لتستوعب ضيق وصبر الناس الذي فاق وسعهم والله العظيم لا يكلف النفس إلا وسعها.. فقد فات حد احتمال الغالبية.. حتى الآن مازال الأمر ممكناً أن يكون هناك مسار ثالث تخرج به البلاد من هذه الأزمة توفيقاً لأوضاع المواطنين، فهم في حاجة لتنفس صعداء الممكن، ولا نقول كل المستحيل.. فالمعروف أن موجة الغلاء تطوف بالفضاء من حولنا، ولكن تبقى القدرة على الاحتمال مربوطة بالتدابير المقابلة من الداخل.. الشيء المتعثر الآن هو فرض حالة تراضي عامة يؤسس عليها للمقبل.. فإن من اجتهاد أن يكون في هذا الاتجاه.. أما حقيقة أن هناك طرفاً مجهولاً.. فالأولى أن يعرف هذا الطرف ويجد حظه من الحسم المباشر، لأن الخراب اسهل مئة مرة من العمار، فالذي تجتهد وتنجزه في أعوام قد يهدم في ثوانٍ، فلتطمئن الجهات الرسمية المواطنين بأنها قادرة على تحديد هؤلاء دون أن يجعل ذلك عائقاً لسلمية تعبيرهم عن رأيهم، حتى تتولى المطلبيات مع تداعيات واقع الأحداث الذي يدخله هؤلاء ومن ثم تجر كل الأطراف لمرحلة العقدة في المنشار.. لأن ذلك قد يصيب أعمدة الدولة في مقتل.. الآن يجب أن تتلبسنا حالة الحفاظ على الدولة حتى تقام عليها من بعد المطالب والحقوق.. دقة وحساسية الظروف تجعل النظرة المتمهلة هي أن يستوعب المواطنون جراحاتهم من أجل تفويت الفرصة على تخريب عمائد الدولة.. مازال ممكناً يحتمل المواطنون إن قدمت الحكومة تنازلاً يليق بالوطن والموقف.. محطة وسطى يلتقى فيها الجميع دون أن تصاب الدولة بآفة الإنفلات والتصدع التي تدور بدول كثيرة من حولنا.. ولا يتأتى بعض ذلك إلا من خلال عدالة تنجز اقتلاع الحق ممن قتلوا الأبرياء خلال الأحداث، لأن الحزن الذي سكن أهاليهم يفوق احتمال التصبر والتريث والحكمة.. وما أقسى أن يفقد الناس الأعزاء.
ومن زاوية أخرى على المواطن أن يكون بوعيه الكامل حيال ما يجري وجرى.. لأنه على مستحق مطلبه قد يجد نفسه أداة في أيدي لا يعرفها ولا تربطه بها علائق أوشائخ الحرص على البلد.. لكل ذلك لازم علينا جميعاً أن نفرق بين الحق الدستوري في المطالبة بالحقوق والتعبير عنه وبين الإنسياق بلا إرادة وراء أجندة أخرى لا تحل القضية الأساسية.. لأن النظر بروح التأمل والأحلام قد يكون مجافياً للواقع الحقيقي ومعطيات الواقع.. الآن الألم يعتصر البلد إن لم يكن هناك تفاهم وتراضٍ وموقف شجاع من الأطراف للملمة أحزان البلد التي أنفتقت في فتح سرادق العزاءات والواجب.
[B]آخر الكلام:[/B]ليس من الحكمة أن يتجاهل ا لأمر أو أن يتعنت فيه.. كما أنه ليس من الحكمة أن يترك الأمر للخراب والتدمير.. الحكمة أن يكون هناك إمكانية على طرق الحلول المؤثرة الفاعلة وإن كانت ذات خصاصة.. وقفاً أمام أحزان أن تتمدد..
[/JUSTIFY][/SIZE] [LEFT][B]مع محبتي للجميع[/B][/LEFT]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]

