ليس لأحد إمكانية تجاوز الدور المحوري والمفصلي لجامعة الخرطوم في قضايا الشؤون المصيرية منذ الاستقلال تقديماًَ للرؤى والأفكار وحتى الانضمام للشارع في أحيان كثيرة تضامناً مع شرائح الشعب المختلفة.
وفي جو اتسم طقسه بالسخونة بانقطاع التيار الكهربائي من قاعة مكي شبيكة بكلية الآداب بجامعة الخرطوم القاعة المعدة للمؤتمر الصحفي لمنبر السياسات، وبعد مضي أكثر من نصف الساعة للزمن المحدد لبداية المؤتمر الصحفي أخذ عدد كبير من الصحافيين والحضور بداخل القاعة يتحسسون الزمن بموبايلاتهم وساعاتهم بشئ من عدم الرضا الأمر الذي جعل منظمي المؤتمر وعلى لسان سيدة تمثل الجامعة اعتذرت للحضور عن التأخير وقالت إن المؤتمر سوف يبدأ بعد خمس دقائق لكنها استمرت لعشر دقائق تقريباً. واستهل المؤتمر بآيات من القرآن الكريم ومن ثم تحدث البروفيسور محمد أحمد علي الشيخ مدير جامعة الخرطوم «السابق» ورئيس منبر السياسات وقال إن الجامعة بصدد تدشين منبر للسياسات الأسبوع القادم يشمل جميع ألوان الطيف السياسي السوداني من اليمين واليسار. وقال المنبر يأتي والبلاد تمر بمراحل أكثر تعقيداً ويتمثل ذلك في النزاعات بالبلاد وتكالب الدول على الوطن ويشير الى أن المنبر يقوم بطرح الرؤى والأفكار بغرض النقاش حولها ومن ثم الوصول لصيغ ناجحة للخروج بالسودان الى بر الأمان. وقال إن المنبر في غضون الأيام القليلة القادمة سوف يدشن مؤتمراً لمناقشة أزمة دارفور بجانب محاور قانونية ودبلوماسية واقتصادية بمشاركة القوى السياسية كافة والحركات المعارضة من الخرطوم أوبالخارج عبر الفيديو كونفرس لجهة استقرار السلام في السودان والخروج من الأزمات. وعن قرار محكمة الجنايات الدولية ضد الرئيس عمر حسن أحمد البشير قال الشيخ إن الجامعة أخذت تتدارس بشأن هذا الأمر بغرض الوصول لصيغة مثلى لتجاوز ما يترتب عنها. وقال إن الجامعة في هذا الصدد أصدرت بياناً رسمياً وكونت فريق عمل من عدد كبير من الأساتذة بغرض تقديم دراسات في هذا الجانب مشيراً الى أن الجامعة التقت بعدد كبير من أقطاب الطيف السياسي السوداني منهم نائب الرئيس علي عثمان محمد طه من المؤتمر الوطني، والصادق المهدي من الأمة، وابراهم غندور من الوطني، وحسين يوسف من الشيوعي، ويوسف حسني، والدكتور حسن عبد الله الترابي من المؤتمر الشعبي موضحاً أن لا حكر على إحد في مسألة إبداء رأيه وأن كل المقترحات والحلول التي سوف تقدم في المنبر سيكون الهدف منها وضع رؤية واضحة لحل قضية دارفور.
ومن جانبه قال د. الطيب حاج عطية رئيس اللجنة التحضيرية لمنبر السياسات إن السودان يمر بمرحلة مهمة وخطيرة وتحتاج لتضافر الجميع لصياغة رؤية موحدة تجاه ما يواجه السودان من تدخلات خارجية في شؤونه الداخلية. ويضيف أن مشكلة دارفور تحتاج لتسارع الحلول الناجعة التي تجنب البلاد الفرقة وخطر التمزق. وقال إن دعوة جامعة الخرطوم لجميع ألوان الطيف السياسي يتأتي من سعيها الجاد للحفاظ على وحدة السودان موضحاً أن جامعة الخرطوم لديها تاريخ طويل في مسألة الإسهام في حل القضايا الشائكة بالسودان منذ مؤتمر الخريجين وأكتوبر والانتفاضة.
وألمح عطية الى أن جامعة الخرطوم في هذا المنبر لاتقدم حولاً جاهزة وإنما تقدم مادة مساعدة في محاور مختلفة. وقال ليست هناك أشياء مضمونة في السياسة وإنما المحاولات الجادة نحو الحل حتى يتحقق الأمل المنشود المتمثل في استدامة السلام في كل ربوع البلاد. ويضيف: فليس هناك مستحيل بما يسمى «حل قضية دارفور» وإنما ممكن إذا اجتمع أهل السودان على كلمة سواء وخاصة حركات دارفور. مشيراً الى أن المنبر سيجتهد من أجل الاتصال بهم بضرورة أن يأتوا للخرطوم وقال ولكن هذا يبدو صعباً الى حد ما ولكنه ليس مستحيلاَ. ويضيف فبعدم إمكانية حضورهم للخرطوم، سنسعى جادين بضرورة توفير عملية الاتصال بهم بمشاركات فاعلة منهم للإسهام في الوصول لصيغة مثلى للخروج بوطننا من النفق المظلم الذي يواجهه. وفي ذات المنحى أوضح عطية أن المنبر سيدعو جميع المنظمات والهيئات الدبلوماسية ورجال السلك الدبلوماسي الذين لديهم علاقة بقضية دارفور وذلك لأن أوضاع السودان إذا لم تعد لاستقرارها سوف تؤثر على أوضاع الدول المجاورة من المنطقة، ويشير عطية الى أن الترتيب الإداري للمنبر كاد يشرف على نهايته وقد تم فيه عمل كبير، وأضاف نؤكد أن جامعة الخرطوم ستبذل قصارى جهدها في دراسة كل القضايا المصيرية التي تهم السودان وتنميته.
وفي ورقة قدمت على الحضور لخصت أن المنبر يهدف لإتاحة منبر حر للحوار الهادف ودعم الحوار بمادة علمية بحثية. وأشارت الى أن لا تتخذ الجامعة موقفاً سياسياً بل تدعم الحوار وتيسر له وأن يكون المنبر منطلقاً لجهد مستقبلي يتواصل على النحو الذي يراه المشاركون فيه.
يوسف محمد زين :الراي العام
دارفور.. في منبر سياسات جامعة الخرطوم
