رأي ومقالات

إمام محمد إمام: كنانة بخير يا هؤلاء

أشفق كثيرٌ من المهتمين بالصناعة والاستثمار في السودان، على ما حدث لشركة سكر كنانة، التي واجهت انعقاد الجمعية العمومية بعض الصعاب، فحسب بعضهم أن هذه الأزمة بمثابة المسمار الأخير في نعش الصناعة بالسودان. وظن وإن بعضَ الظنِّ إثمٌ بعضُ الوسائط الصحافية أن المشكل بين الطرف السوداني المساهم في الشركة بـ30%، والطرف الكويتي المساهم بـ35%، يتعلق بقضية عدم التمديد للأخ محمد المرضي التجاني العضو المنتدب في شركة سكر كنانة، بينما الحقيقة التي عرفناها غير ذلك.

ومما يُحمد لبعضِ ولائم الإفطار الرمضاني، أنها إلى جانب توطيد العلائق بين المُضيف والضيوف، أحياناً فيها منافعُ كثيرةٌ، خاصةً بالنسبة للصحافيين من أمثالي؛ لأنّها في كثير من الأحايين تفتح ما انغلق من أبواب بين المسؤول والصحافي، إضافةً إلى أنها تبني علاقات فيها قدرٌ من الحميمية، التي تسهل أمر تدفق المعلومات من المسؤول إلى الصحافي. لذلك أحرصُ عندما تأتيني دعوات الإفطار الرمضاني أن أتخيرَ من بينها تلكم التي تحقق لي مآرب أخرى، كعصا موسى عليه السلام.

وفي رأيي الخاص، أن الدعوة الكريمة التي قدمها لي الأخ محمد بشارة دوسة وزير العدل، لتناول طعام الإفطار الرمضاني مع عدد من ضيوفه في قاعدة الرفيرا بأم درمان يوم الخميس الماضي، كانت سانحة طيبة للقاء الأخ السميح الصديق وزير الصناعة ورئيس مجلس إدارة شركة سكر كنانة، فوجدت بالمصادفة أنني أجلس في مائدة بالقرب منه، وهي فرصة للحديث حول الحقائق المتعلقة بالجمعية العمومية لشركة سكر كنانة عقب الفراغ من الإفطار الرمضاني.

وبالفعل التقيته ومعي الأخ الصديق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة “التيار” – عجّل الله شفاءه وألبسه لبوس الصحةِ والعافيةِ، بعد الاعتداء الآثم الذي تعرض له أول من أمس (السبت) قُبيل مغادرتنا مكان الحفل، فبينما كان سائقه يهيئ السيارة للانطلاق، طلبنا منه التحدث لبضع دقائق دون صحائف وأقلام أو آلات تسجيل، فالتسجيل عندنا الذاكرة، وذاكرة الصحافي ينبغي أن تكون ذاكرة حافظة لا تقل عن ذاكرة الفقيه في حفظه. فكان لقاؤنا عابراً خص به “التغيير” و”التيار” ليكشف جملةَ حقائق حول الجمعية العمومية لشركة سكر كنانة، وآلمنا استهلال حديثه بأن ما نُشر في الصحف خلال الأيام القليلة الماضية حول فشل انعقاد الجمعية العمومية لشركة سكر كنانة، عارٍ من الصحة، ولا يمتُّ للواقع بصلة، بحكم انتمائنا لهذه الصحف، مضيفاً أن المساهمين حضروا جميعاً اجتماع الجمعية العمومية، وأيدوا بعض قراراتها. واستطرد قائلاً إن الخلاف الناشب بين الجانب السوداني والجانب الكويتي، حول المراجعة العامة للشركة، حيث تقدم الجانب السعودي باقتراح يدعو إلى إرجاء انعقاد الجمعية العمومية لفترة أقصاها 45 يوماً، على أن تتم معالجة الخلاف بين الطرفين السوداني والكويتي خلال هذه الفترة، ومن ثمَّ تنعقد الجمعية العمومية لمناقشة الأجندة المطروحة في الاجتماع. وأكد الأخ الوزير أن الخلاف لم يكن حول تمديد أو عدم تمديد عقد العضو المنتدب، بل كان الخلاف من وجهة النظر الكويتية ألا يسمح للمراجع العام السوداني بمراجعة حسابات شركة سكر كنانة، باعتبارها شركة عالمية، فتُراجع وفقاً لنظم مراجعة الشركات العالمية. وأوضح لنا الأخ السميح أن العلاقة بين العضو المنتدب والشركة يحكمها عقد مبرم بين الطرفين، وأن مدة هذا العقد قد انتهت، مما يعني إما التجديد له، أو الاكتفاء بالمدة التي قضاها. واستغرب أن بعض الصحف خاضت في هذه القضية، دون أن تتوافر لديها المعلومات الكافية حول التمديد أو عدمه، وفقاً لعقد الطرفين.

وأكبر الظن عندي، أن الأخ السميح كان جزءاً من هذه الإشكالية، لأنه لاذ بالصمت في الوقت الذي كان الطرف الآخر يسرب معلومات تعضد موقفه أو تشكل رأياً عاماً ضاغطاً لصالحه. وعتبنا عليه أنه من الضروري في مثل هذه القضايا، أن تكون هنالك شفافية كاملة للوسائط الصحافية، حتى لا تحدث بلبلة تؤثر سلباً على الصناعة والاستثمار في السودان.

أخلصُ إلى أن هذه الأزمة حسب المعلومات التي توافرت لديه، قد تم احتواؤها بالاقتراح المقدم من الوفد السعودي الذي حرص على منح الطرفين مدة زمنية كافية لاحتواء خلافهما، ورأب الصدع، لانعقاد الجمعية العمومية لشركة سكر كنانة في أجواء من التوافق والتراضي حول كثير من القضايا التي تدفع بالمشروع إلى نجاحات أخرى. وفي هذا الإطار أظن وليس كل الظن إثماً – أن الأخ السميح الصديق وزير الصناعة، ورئيس مجلس إدارة شركة سكر كنانة، حرص على زيارة الموقع في كنانة اليوم (الاثنين)، للوقوف على أوضاع الشركة هناك، والتأكيد على احتواء الأزمة، والاطمئنان على انسياب العمل بشكل طبيعي، لا يتأثر بالجدل المُثار حول بعض قضايا الشركة في الخرطوم. والمأمول أن تحقق هذه الزيارة أهدافها، ليركز الجميعُ على العمل وتطوير المشروع من أجل ازدهار صناعة السكر في السودان.

ولنستذكر في هذا الخصوص، قولَ الله تعالى: ” وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”.

وقول الشاعر العربي أبي الطيب أحمد بن الحسين، المعروف بالمتنبئ:

عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ

وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

إمام محمد إمام-التغيير