محمد محمد خير

بعد أن انقشعت (1-3)

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] بعد أن انقشعت (1-3) [/B][/CENTER]

الآن أرخت كل الحناجر أوتارها وعادت الحياة لمسارها الطبيعي، بعد ثلاثة أيام من الانفلات والعنف والإشاعات و)قناة العربية) عادت الخرطوم لغمدها من جديد، وانفتحت نوافذ التأمل والتعليق الراشد، والقراءة الموضوعية لكل المشهد.
الثابت أن الحكومة والمعارضة تبحثان عن مخرج، مخارج المعارضة هي إسقاط الحكومة وبناء نظام بديل، ومخرج الحكومة إيجاد صيغة لمشاركة أوسع بعد حوار أعمق.
والثابت أيضاً أن المعارضة ليس بمقدورها إسقاط الحكومة، وحتى لو تم ذلك، هي غير قادرة على إيجاد بديل يحل آلياً، ويحافظ في ذات الحين على الأمن والحياة العامة، والاتفاق على مستقبل ديمقراطي، ذلك ببساطة لأنها لم تتواضع حتى الآن على برنامج وطني ديمقراطي وميثاق يحكم مسار العملية كلها، وتلك أزمة ظلت تصاحب كل خطى المعارضة منذ 30 يونيو89، ذلك أنها لم تستطع اجتراح برنامج تلتزم به كل أطرافها وتعمل بإلهامه، وتدافع عنه، وتبسطه لقواعدها لإنهاضه على حيز الفعل والممارسة.
الحكومة أيضا تواجه أزمة الحوار العميق، لأنه لن يتم في ظل إصرار معارضة تسعى لإسقاط الحكومة ولا تريد الدخول معها في حوار جاد، لكن الثابت أيضا أن الطرفين يحرصان على مخرج لا تصاحبه الفوضى والانفلات، وذلك ما يفتح باب الأمل في أن السودان سيبقى رغم الخلافات العاصفة والعنف المتبادل.
في الأيام السالفة دخل سلاح الكذب ضمن الأدوات المشروعة، وبرع السيد مبارك الفاضل في ذلك عبر الترويج بأن ابن مسؤول كبير قبض عليه في مطار أوروبي بجريرة أنه يحمل ملايين الدولارات، وبعد الانقشاع اتضح خطل ذلك الزعم، وذلك من الهزات الكبرى خلال أيام الأزمة، كان مبارك فيما مضى يشهر الكذب، لكنه الآن يوطنه وهو ليس له من أفق، سوى هذا التسفل وبقدر أهل العزم تأتي العزائم.
وامتد هذا السلاح لمنابر التواصل الاجتماعي، فاستشهد مصعب محمد عبد الوهاب وهو على قيد الحياة، يبحث عن وظيفة في دولة قطر، وتحركت القيادة العامة ضد الحكومة في الوقت الذي كانت فيه تحمي الحكومة، وانتشرت الصور القديمة التي تعود تواريخها لخمس سنوات )بالتسنين) لكن رغم ذلك وجدت الأكاذيب طريقا معبدا ومفتوحا ومضيافا عبر قناتي )العربية- واسكاي نيوز) بما يعني أن قوة إعلامية راجحة لها استعداد عال للترويج لأي مادة معارضة، وهي أيضا على استعداد لتتحول من تغطية الحدث بنزاهة، إلى إدارة حملة من غير نزاهة طاعنة التقاليد المراعاة وعقيدة المهنية.
لقد كانت معالجة الأستاذ الطاهر حسن التوم عبر برنامجه) حتى تكتمل الصورة) الأشد رصانة لأنه استعان بالمنهج العلمي الواثق، ولم يطلق العنان لأنفاس الغضب والانفعال، بل التقط الأمر وأحاله للمنطق فدوى به دويا.
أما الحديث الجارح فهو ذلك الحديث الذي رواه (بهرام) الفتى الغاضب الذي اعتاد على جرح المؤتمرات الصحفية بلون اللاسؤال لكني أضعه في منزلة متقدمة جدا على مبارك الفاضل، فهو يعبر عن غضب في صيغة لا سؤال وذلك يعبر عن فم يجد مرا به الماء الزلال..!
[/JUSTIFY][/SIZE]

أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني