تحقيقات وتقارير

وكالات السفر..تسجِّل حلقـة جديدة مـن مسلسل مرمطة المعتمرين

[JUSTIFY]سجلت وكالات السفر العاملة في مجال العمرة هذا العام رقماً قياسياً جديدًا في معاناة المعتمرين و(مرمطتهم) في رحلة الذهاب والعودة إلى الأراضي المقدسة وقدمتهم لقمة سهلة سائغة للسماسرة في مينائي سواكن وجدة، في وقت تقود فيه هذه الوكالات صراعاً عاتياً في كل الجهات خاصة مع وزارة الإرشاد والأوقاف ممثلة في الإدارة العامة للحج والعمرة لتسلمها مقاليد الإشراف وتنظيم خدمات الحج، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا كيف لهذه الوكالات وهي تتصرف بطريقة عدم المسؤولية هذه مع المتعمرين وفشلها في الايفاء بما وعدتهم به وهي تستقطبهم للسفر عبرها بمبالغ طائلة لتكون النتيجة معاناة ومشقة واسعة يواجهها المعتمرون وهم عالقون في ميناء جدة بعد أن عاشوها بذات تفاصيلها في ذهابهم فالنطالع تفاصيل هذه المأساة ونحكم بعدها هل تستحق الوكالات ما تطالب به؟

على الرصيف

يواجه الآن المئات من المعتمرين المسافرين عبر البواخر عالقين في ميناء جدة الإسلامي في أوضاع مأساوية وظروف سيئة للغاية وهم يتزاحمون على نوافذ حجز التذاكر في صفوف طويلة غطت أرصفة الشوارع التي أصبحت مأوى لهم وتحت الأشجار والميادين بعد أن فشلت شركات البواخر الناقلة لهم في الالتزام بموعد الحجز للعودة الذي تم تحديده قبل المغادرة، واشتكى المعتمرون الذين من بينهم أعداد كبيرة من كبار السن الذين تجاوزت أعمارهم السبعين في حديثهم عبر الهاتف من مدينة جدة لـ (الإنتباهة) إنهم قد وصلوا إلى مدينة جدة منذ أسبوعين حسب جدول تفويجهم من المدينة المنورة متزامناً مع موعد حجزهم للعودة، إلا أنهم تفاجأوا عند ذهابهم لتأكيد الحجز بوكلاء الشركات المفوجة لهم ترفض استلام التذاكر منهم للحجز بحجة عدم توفر البواخر الكافية لنقلهم، وقامت بوضعهم أمام خيارين الأول أن ينتظروا لأسبوعين والمتعجل عليه أن يذهب ويقف في الصفوف ليحصل على حجز، ولم يكن أمام الكثير منهم إلا خيار التوجه للاصطفاف أمام نوافذ الحجز التي امتدت على طول رصيف الشوارع بعد أن رفضوا خيار الانتظار لمدة أسبوعين نسبة لنفاد مالديهم من مال ولم يبق لهم مايقتاتون به، علهم يحظون بفرصة للسفر وسط زحام وتدافع الشيء الذي أفسح المجال أمام سماسرة التذاكر والحجز لينتعش سوقهم وتمكنوا من ابتزاز المعتمرين بإجبارهم على دفع مبالغ إضافية وصلت في بعض المرات لنصف قيمة التذكرة التي يراد تأكيد الحجز لها.

لله يا محسنين

وظل هؤلاء المعتمرون يرابطون من الساعة السادسة صباحاً وحتى العاشرة مساءً أمام مقر الحجز والشركات المفوجة على امتداد الرصيف وتحت ظلال الأشجار منذ خمسة عشرة يوماً وهي الفترة التي وعدتهم بها الشركات المفوجة لحل المشكلة لكنها فشلت في الايفاء، يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على وجباتهم بعد أن أنفقوا كل ما لديهم من مصاريفهم، ما جعل الكثيرين منهم يعتمدون في طعامهم على الوجبات التي يجود بها عليهم المحسنين كما يظهر في الصورة المصاحبة أحد الخيرين وهو يقوم بتوزيع بعض قطع الخبز الحاف، لأن الكثير من هولاء المعتمرين العالقين ليس لهم أحد من ذويهم المقيمين في المملكة ليدعمومهم بالمال لحين انجلاء أزمتهم.

ابتزاز السماسرة

يقول المعتمر (طارق ع) في ذات السياق إنهم قد واجهوا ذات إشكالية عدم الالتزام الشركة الناقلة بموعد الحجز من السودان عند قدومهم لميناء سواكن الذي وصولوا إليه يوم الثلاء (21/7) باعتبار أن حجزهم للمغادرة في التالي (الأربعاء) ويضيف التقينا مندوب الوكالة لتأكيد الحجز ولنتفاجأ بالقاء موعد وفشلنا في السفر حسب الموعد المحدد في التذكرة وظللنا ننتظر حتى يوم السبت، ونزحف في الصفوف في مدينة بورتسودان لنحصل على حجز من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الرابعة مساءً في جو ساخن وزحام وتدافع عجزت معه رجال الشرطة في تنظيم الصفوف وترتيبها ما جعلهم في كثير من الأحيان يلجأون لضرب المعتمرين (بالقاش) على حد تعبيره حتى يحفظوا النظام ووسط هذا الهرج والمرج أصبح المجال واسعاً لدخول السماسرة والمحتالين الذين يبتزون كبار السن والنساء تحت ستار أنهم سيحصلون لهم على حجز، ويضيف طارق هناك الكثير من المسافرين افطروا بسبب سخانة الجو وطول انتظارهم في الصفوف تحت حر شمس بورتسودان، ويواصل بعد جهد ومتاعب وتدافع في الصفوف حصلت حجز لنسافر بعد خمسة أيام من موعد الحجز الذي حدد في التذكرة، ومناديب الوكالات يتحججون لهم بعدم بواخر كافية لنقل كل هذا العدد من المعتمرين في موعدهم، والآن نحن نواجه ذات الإشكالية في رحلة العودة في معاناة وظروف قاسية نقف في الصفوف والكثير منا قد خلص مالديهم من مال والآن المئات من الناس يرابطون على الرصيف بعد أن رفض مناديب الشركات المفوجة أخذ الجوازات وقالوا لنا انتظروا أسبوعين والآن المهلة التي طلبها مناديبهم انتهت ونحن ننتظر ويتساءل طارق إلى متى يظل المعتمر السوداني يواجه هذه المشكلات سنوياً دون أن تجد أي اهتمام من الدولة لحسمها كما يحدث من الدول الأخرى التي يجد حجاجها ومعتمريها كل اهتمام باختيار أحسن الشركات الناقلة وبتفوج في غاية الدقة والتنظيم ونناشد الجهات المسؤولة بحسم هذه الفوضى.

لست مسؤولاً عنكم

أما محمد عبد الرحيم من شرق النيل البالغ من العمر سبعين عاماً الذي فقال بحسرة شديدة مندوب الشركة المفوجة رفض التعامل معه تماماً، وزاد قال لي بالحرف أنا لست مسؤولاً عنك اذهب وأبحث عمن استلم قروشك ليقف لك في الصف ان لم تستطع الوقوف في الصف ويضيف وانا رجل كبير في السن وليست لي مقدرة على التدافع والوقوف في الصف ولا املك المال الكافي لأحصل على حجز عبر السماسمرة الذين يملأون الصفوف وهناك الكثير من أمثالي يجلسون تحت الأشجار وليس لدينا قروش لنأكل منها ونعتمد على هبات الخيرين.

كذبة الوكالات

يوافق المعتمر أحمد محمد عبد الرحيم من الدندر ما ذهب إليه طارق أن المعاناة بدأت معهم قبل مغادرتهم لميناء سواكن بالمصاعب التي واجهوها في حصولهم لحجز، وواصلت في التصاعد بعد وصولهم إلى مكة والمدينة وأخذت طابعاً آخر بالصعوبات التي واجهها المعتمرون السودانيون في الحصول على سكن اذ أصبح الكثير منهم هائمون على وجوههم في طرقات مكة والمدينة يبحثون عن فندق او حتى غرفة صغيرة في ركن قصي تأويه بعد ان تكشفت لهم خدعة الوكالات بوعودها التي قطعتها لهم والتزامها بتوفير السكن لهم قرب الحرم وتحصلت على تكلفته كاملة شاملة للترحيل والسكن لكن بمجرد وصلوهم لم يجدوا حتى غرفة تأويهم وهرب مناديب الوكالات والشركات المفوجة بل ان بعضاً منهم قال لهم بالحرف اذهبوا وابحثوا عن سكن بطريقتكم، ويضيف هذا يحدث للمعتمر السوداني على العكس من معتمري الدول الأخرى التي تبحث عن السكن المريح والقريب من الحرم لمعتمريها وحجاجها، ويمضي محمد متسائلاً الى متى يظل المعتمر السوداني لقمة سائغة للسماسرة ومتى تكون لحظة صحوة ضمير المسؤولين باجراء المحاسبة وحسم كل المتلاعبين والمتكسبين من مال حجاج بيت الله ويضيف هذه الاشكالية يحتاج حسمها لقرار صارم تتخذه الدولة من اعلى مستوياتها لايقاف مسلسل هذه المهزلة الذي ظل يتكرر كل عام حتى وصل هذا العام لمرحلة يصعب تصورها وتحملها لدرجة ان كثيراً من المعتمرين السودانيين ظلوا في حالة بحث دائم في طرقات مكة والمدينة ليجدوا سكن بدلاً من ان يتفرقوا للعبادة في هذه البقاع الطاهرة التي جاءوا من اجلها رغم انهم سددوا تكلفته كاملة للوكالات، ويختم هَلا سمعنا بمحاسبة قاسية وحسم كامل لكل من شارك في مرمطة المعتمرين بعد أن استلم أموالهم، إذ يعد المعتمر السوداني الآن أغلى معتمر يصل إلى الاراضي المقدسة من كل بقاع العالم بتكلفة وصلت هذا العام لسبعة آلاف جنيه.

كسب رخيص

المطيع محمد السيد/ مدير عام إدارة الحج والعمرة بوزارة الإرشاد أكد أن خدمات العمرة بكاملها تمت خصخصتها وآلت للقطاع الخاص وللدولة فقط الدور الاشرافي الرقابي والوكالات تتعامل مباشرة مع السعودية ونحن نشرف على توثيق العقود وأخذ خطاب الضمان لمتابعة أي خلل يحدث من الوكالة.

والآن هنالك توجيهات من رئيس الجمهورية لانشاء مجلس أعلى للحج والعمرة على أن تكون من تخصصاته إصدار لوائح وقوانين تنظم كل أعمال الحج والعمرة وتحفظ لهم للحجاج حقوقهم لأن الوكالات في النهاية هدفها تحقيق الربح لذلك تلاحظون أن الخصخصة لخدمات الحج تتم بالتدريج وهذا من باب الاطمئنان وعدم حدوث أي مشكلات لأن الحج مربوط بزمن محدد في شعائره عكس العمرة لذلك نحن نعتبر ان الوكالات ليست صاحبة المصلحة في تقديم خدمة مميزة فقط اهتمامها تحقيق الكسب مبيناً انشاء مركز لاستقبال شكاوى المعتمرين ونحن سنعاقب كل وكالة يثبت لنا تقصيرها وقد تصل العقوبة للإيقاف عن العمل ولدينا تجارب سابقة مع ثماني وكالات تم إيقافها عن العمل وفيما يخص ظاهرة السماسرة سنبذل قصارى جهدنا لمحاربتهم بتشديد الضبط وتوعية الحجاج.

خارج الإرادة

كان لا بد من وضع هذه الاتهامات أمام مسؤول وكالات السفر للرد عليها حيث قال الناطق الرسمي لاتحاد وكالات السفر عبد الكريم إبراهيم: التزامنا مع المعتمرين بعقود رسمية مدتها أربعة عشر يوماً ولكن من يزيد على ذلك سوف ينتهي حجزه على الباخرة علماً بأن السكن مدته ثمانية أيام فقط وحينها نكون كوكالات في حل من التزامنا تجاه المعتمر لأنه أخل ببرنامج العقد، أما فيما يتعلق بإشكالية الحجز على البواخر فهناك شركة تعطلت لها باخرتين (شركة نما) وهذا ما أدى للخلل الذي جاء خارجاً عن إرادتنا ومن هنا ننوه إلى أن أي معتمر تضرر من وكالة داخل إطار بنود العقد فنحن مسؤولون عن ذلك.

صحيفة الانتباهة
روضة الحلاوي
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. [FONT=Arial Black][SIZE=5]نفس هذه المعاناة مع المسافرين بالطائرات
    فهناك أكثر من رحلة تم تأجيلها لوقت غير محدد من قبل سودانطير[/SIZE][/FONT]