عنفوان المفلسين

أقدم محمد بوعزيزي على حرق نفسه دفاعاً عن كرامته. برغم أنّ لا أحد كان شاهداً على إهانته، و لا كانت الفضائيات تصوّر لحظة صفعته الشرطيّة على وجهه، و شّتمت والده. فما كان أحد معنيّاً بشرف بوعزيزي، ولا الإهانة التي تلقّاها كانت تصلح خبراً تلفزيونيًّا. لكنّه أبى أن يصغر في عين نفسه، ضاق به الذلّ، و عزّ عليه أن يعيش بذكرى إهانة .
لم يرض بوعزيزي الشاب النكرة، المقيم في قرية نائية حتى عن ضواحي التاريخ، أن يهان في كرامته. ردّ على صفعة بإضرام النار في نفسه محرقاً الشيء الوحيد الذي يملكه جسده. وظلّ الطغاة في تونس كما في القاهرة على مرأى من التاريخ، يرضون على مدى أسابيع بالإهانات والشتائم المنقولة على فضائيّات العالم. ضرب الناس بالجزمات صورهم على مرأى من الكاميرات، داسوا على أسمائهم التي كتبوها على إسمنت الشوارع، و لا هم استحوا و لا انتحروا. ظلّوا يدافعون مذعورين عن كراسٍ احترقت أرجلها ثمّ عندما كبر الحريق، جثوا على ركبهم يتوسّلون النجاة، بحثاً عن شبّاك يقفزون منه خارج التاريخ.ـ
من بعض فجائع هذه الأمّة فقدان حكّامها للحياء.!ـ
[/SIZE][/JUSTIFY]
أحلام مستغانمي



