إثارة حفيظة!
وزير المالية يثير حفيظة العاملين رغم أن قرار الزيادة للأجور يستوجب المرور بكل القنوات المعروفة كالمعتاد ولكن هناك خصوصية.. ذلك أن الأمر كان قراراً رئاسياً وأخذ في عينه اعتبار الأوضاع المأساوية للعاملين خاصة في ظل قرارات رفع الدعم عن المحروقات التي نفذت قبل إجازتها من البرلمان.. إذن إن رؤية وزير المالية لكل تداعيات الإجراءات الأخيرة هي باب من أبواب النظر بلا مبالاة.. ماذا يعني حديثه بالبرلمان عن أن الزيادة التي قبضت من قبل العاملين ما هي إلا سلفية مستردة لحين إجازتها من البرلمان كتدبير قانوني.. نعم الكلام في الاتجاه التراتيبي للقانون صحيح ولكن العبث بأدبيات إدارة العاملين لموردهم الأساسي وهو المرتب في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة يعد نوعاً من العبث العام.. إذ كيف يستقيم أن يرضى العاملون بهذه الزيادة على علاتها وتأخذ طابع القرار السيادي الذي تربطه ببعض هيبة الدفة ثم يصبح الأمر مجرد احتمال للقبول والرفض.. الإجازة وعدمها.. وإن كان السيد وزير المالية «هداه الله» يضمر في دهاليز أمنياته أن يكون القرار الجمهوري رقم «282» لسنة 3102م الذي حدد التعديل وزيادة الحد الأدنى للأجور مجرد ورقة مجهولة المصير فإنه يزيد الطين العام بلة على بلة.. ما أن يكون هناك عاقل يتعظ بما يمور داخل صدر الشعب السوداني الذي أنهك الصبر قواه وزادته الإجراءات الاقتصادية الأخيرة ضيقاً على ضيقه.. نعم قد يقول قائل إن كلمات السيد وزير المالية لم تخرج عن الإطار الصحيح.. ولكأننا نقول إن المقام للمقال والمقام للمقال لم يكن موفقاً ليدخل العاملون في شك من أمرهم من أن الزيادات البائسة ذاتها في خبر كان.. وكان الأجدى أن يطمئن «علي محمود» عاملي السودان بأن الإجراءات في طريقها للأوضاع المقبلة بصورة تتسق مع التراتيب القانونية دون أن يقحم «حكاية استقطاع ما صرف على أنه سلفية».. هل تنقص الرجل الحنكة أم أنه أراد من خلال تلك الكلمات إثارة حفيظة العاملين عليه.. لا أدري أي وصف يمكن أن يقابل فكرة أن يكون المسؤول دائماً في الاتجاه السالب لرغبة ورضا من هم تحت عباءة إدارته أو من هم في مصاف مشغليه.. كان ممكناً لعلي محمود قول ذلك وأكثر ولكن دون التخويف بالاستقطاع والسلفية.. بل عليه أن يسعد لأن العاملين ارتضوا هذه الزيادات التي لا تقدم ولا تؤخر.. «العاملين ديل عايشهم الله».. فيا وزارة ويا وزير «لموا الدور» وانتقلوا لمحطات أخرى فقد سئم العاملون والمواطنون عموماً الدراما التي مسرحها التصاريح ونظرية «خلف الكي» حتى لا يظن الأغلبية أن لا احترام لمجهودات العاملين ولا هيبة لقرارات وتوجيهات الرئاسة.. «انتوا كدي سؤال بسيط.. الناس ديل ما استفادوا من أحداث سبتمبر دي والاّ شنو؟!».
٭ آخر الكلام: البلد الآن في حفرة.. على الجميع العمل على إخراجها منها ومن ثم ليمارسوا عليها إسقاطاتهم النفسية.. نخشى أن نستيقظ يوماً لنجد أننا لا نملك ما نمارس عليه ساديتنا وسخافاتنا التي يمكن ممارستها بالقانون.. إذن أحيوا روح النقاء في القانون واجعلوه قبلة ولا تجعلوه مجرد سلاح للتخويف.
[/JUSTIFY]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]