الحاجة إلى معالجة إسعافية

* لا أذيع سراً إذا قلت إنني مللت الكلام عن السياسة والسياسيين، ولا أشك في أن القراء أكثر مللا مني من الكلام المربك الذي يدور في الساحة السياسية، والذي للأسف أثر بصورة سالبة على حياتنا اليومية واحتياجاتنا الأساسية دون أن يرمش طرف للذين يرموننا بهذه التصريحات المجانية المتناقضة المربكة.
* إذا تركنا جانبا التصريحات المربكة حول أبيي والاستفتاءات القبلية التي شغلت الساحة بلا جدوى ، وحول الحوار مع قطاع الشمال الذي يختفي ويظهر حسب الحالة ، فيما تستمر التوترات والنزاعات لتضيف إلى أوجاعنا في دارفور أوجاعاً أخرى لصيقة الصلة بأوجاعنا الاقتصادية التي طالت (العضم).
* لم نكن نرجم بالغيب عندما قلنا إن القرارات التي تتخذ لصالح المواطن تمشى “الهوينا” ويتعثر تطبيقها هذا إذا طبقت أصلاً – في الوقت الذي تطبق القرارات التي يتحمل عبئها المواطن فوراً وربما قبل صدورها كما حدث بالنسبة للقرارات الاقتصادية الأخيرة.
* نقول هذا بمناسبة التصريحات المربكة التي أدلى بها البروفيسور سوار الذهب أحمد عيسى رئيس المجلس الأعلى للأجور لوكالة السودان للأنباء التي قال فيها إن القرار القاضي بزيادة الأجور الذي أقرّه مجلس الوزراء مؤخراً وبدأ تطبيقه في مؤسسات الدولة غير واضح الصياغة الأمر الذي أدى إلى ربكة في تفسير بنوده!!.
* انتهى كلام البروفيسور سوار الذهب حول غموض قرارات زيادة الأجور الذي جاء متزامناً مع إنفاذ القرارات الاقتصادية الأصعب في تأريخ الإقتصاد السوداني، التي زادت جنون الأسعار التي لم تكن في يوم من الأيام في كامل عقلها، وشملت كل شيء بلا رحمة ولا منطق ولا مبرر، وما زالت الزيادات تترى بلا ضابط ولا رابط، عدا التصريحات التطمينية حول ثبات سعر ووزن الخبز وسعر أنبوبة الغاز!!.
* لست في حاجة إلى تأكيد مدى الربكة التي سببتها الإجراءات الاقتصادية في الأسواق، بل طالت الساحة السياسية التي كنا نريدها أن تقود الإصلاح المنشود لكنها غرقت في دوامة الربكة العامة الناجمة من تأجيل الأهم واستعجال الأقل أهمية كما حدث بالفعل حيث تأجل برنامج الإصلاح السياسي بل عطل بسبب ما جرى في الحزب الحاكم نفسه ، كما تأجل برنامج الإصلاح الأمني الذي بدونه لن يتحقق الإصلاح السياسي ولا الإصلاح الاقتصادي.
* الأمر يحتاج إلى معالجة إسعافية لا تحتمل المناورات السياسية المضحكة المبكية التي أربكت مطلقيها أنفسهم.
[/JUSTIFY]
كلام الناس – نور الدين مدني
[email]noradin@msn.com[/email]