رأي ومقالات

الركابي حسن يعقوب : في العلاقة مع واشنطون.. ينبغي عدم الإفراط في التفاؤل

[JUSTIFY]ينبغي للدبلوماسية السودانية أن تتعامل مع الإشارات الإيجابية الصادرة من واشنطون بشيء من الاتزان وبقدر معتبر ومعقول من الحذر وعدم الإفراط في التفاؤل بشأن التطبيع حتى لا يقابل هذا التفاؤل المفرط إحباط مساوي له في الحجم ومضاد له في الاتجاه في حالة حدوث انتكاسة للمسار الجاري الآن الذي يمكن وصفه في هذه المرحلة بالإيجابي، والاتزان مطلوب ليعطي السودان فرصة لمغادرة محطة اليأس من خير أمريكي نتيجة خبرة متراكمة من الحنث بالوعود من جانب أمريكا الى محطة أخرى أبعد وفي اتجاه إحداث اختراق يقي السودان المزيد من الضغوط التي يمكن أن تفرضها الإدارة الأمريكية عليه وهي ضغوط لن تعدمها واشنطون في يوم من الأيام على أية حال. وهناك حواجز ومتاريس عديدة يمكن أن تضعها الإدارة الأمريكية أمام السودان وتشترط عليه اجتيازها للفوز برضاها ومن ثم النظر في تطبيع العلاقات بين البلدين، وبطبيعة الحال لن تكون هذه الحواجز سهلة الاجتياز واكبر هذه المتاريس على الإطلاق هي قضية المحكمة الجنائية التي تدخرها واشنطون لاستخدامها كابحاً لفرملة سير العلاقات نحو التطبيع عندما تقترب من نقطة النهاية ولتمارس بها أسوأ ابتزاز تعضل به واشنطون الخرطوم لتضطرها إلى العودة إلى المربع الأول بعد أن تنال ما تريده بلا مقابل سوى بذل المزيد من الوعود بالحوافز والجزرات.

وإذا أدخلت إدارة أوباما قضية الجنائية في معادلة التطبيع مع السودان فان ذلك يعني استحالة التطبيع لأن التطبيع يقتضي أن يتم ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي من درجة قائم بالأعمال إلى درجة سفير يتم اعتماد أوراقه من قبل الرئيس البشير وفق الأعراف الدبلوماسية كذلك ستقف الجنائية حائلاً يحول دون انسياب نهر العلاقات الطبيعية والانخراط المتبادل في الشأن الثنائي ولن تشهد تطوراً وحراكاً في مستواها الأعلى وستكون شبه مجمدة، فإذا كانت الإدارة الأمريكية تنظر إلى الرئيس عبر منظار الجنائية وكونه مطلوباً للمثول أمامها فلن تقبل على هذه الخطوة أبداً لأنها ستفسر على أنها اعتراف ببراءة البشير وعدم موضوعية القضية برمتها مما يعني نسفها وطي ملفها وهو ما لن ترضي به مجموعات الضغط الأمريكية العقائدية المعادية للسودان والساعية دوماً الى قطع الطريق أمام أي تقدم قد يحرز نحو تحسين علاقات بلادهم مع السودان. لذلك على الدبلوماسية السودانية أن تركز على بحث هذه القضية مع الجانب الأمريكي بصراحة وإبداء وجهة نظر السودان حولها بوضوح وبحسم باعتبارها خطاً أحمر خارج دائرة المساومة والحلول الوسط والضغط في اتجاه استبعادها كلية عن مسار العلاقات الثنائية، وعوضاً عن إهدار الوقت في قضية التطبيع وتجاوزاً لهذه المعضلة يمكن أن يتم الاتفاق على ترفيع مستوى التشاور والحوار الثنائي وتحريك الجمود في مجالات أخرى اقتصادية وثقافية بتوسيع مواعينها والدفع بها نحو الأمام. غير أن مفتاح ذلك كله ومبتدأه هو أن تبادر واشنطون برفع العقوبات المفروضة على السودان وشطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

كل ذلك يقتضي أن يتحلّي الممسكون بالملف الثنائي في الجانب السوداني بالصبر والأناة والتعاطي مع قضاياه عبر القنوات الرسمية وتجنب الانزلاق في دوامة من السجال وبناء المواقف في مواجهة ما يرشح في أجهزة الإعلام من تطورات ما دامت لم تُسلك عبر الأطر الرسمية وعدم استعجال النتائج والتي يتوقع أن تأتي ببطء شديد بسبب التعقيدات الشديدة التي تتسم بها أجهزة صنع السياسة الخارجية في النظام الأمريكي خاصة تجاه قضايا دول مثل السودان. ملف العلاقات السودانية الأمريكية يحتاج إلى أن تطبخ قضاياه على نار هادئة جداً وإلا احترق.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. قل لي انت كيف يمكن لامريكا ان تطور علاقتها بالسودان و رئيسه مطلوب لدي الجنائية الدولية ؟؟, البشير ابعد كل المؤثرين من المؤتمر الوطني حتى لا يصلوا الى اتفاق يكون هو كبش الفداء فيه و كلنا يعلم الا خروج لنا من هذا النفق المظلم و البشير في السلطة.

    كفاية ضحك على الذقون , انتم اعلم بذلك لانكم اوصلتوه الى هذا الدرك الاسفل و الان سيدافع عن كرسيه حتى الممات او يخلفه زمليه في الجيش و لكن لا توجد تسوية سياسية سلمية وهو ليس بالرئيس فيها.