فدوى موسى

ما زال غردون موجوداً!


[JUSTIFY]
ما زال غردون موجوداً!

يظل الحنين للماضي احتجاجاً ضمنياً على بعض تفاصيل وطقوس الواقع رغم أن هذا الماضي ربما لا يكون بذلك الألق أو تلك المميزات في نواحيها المجردة البحتة.. لكن مظاهر ابتداء تنظيم فصول الحياة كان في الماضي أكثر انسياباً في النفوس في ضروب بعض التفاصيل خاصة على المستوى الاجتماعي «صديقتي»، ترى أننا استعجلنا الخروج لدائرة النزاعات الداخلية دون أن نرسي أدبيات الاستفادة من «المستعمر».. رغم أن منطقها بالنسبة لنا كان غريباً إلا أنها تصر أن الدول التي تعاملت بذكاء مع النزعات الاستعمارية استطاعت أن ترسي أدبيات الخدمة العامة المنظمة، بقدر ما استلب المستعمر منها بعض الخيرات بقدر ما استفادت منه في بعض التنظيم الإداري للدولة.. كنا نندهش لهذه النظرة الغريبة منه ونحن تأخذنا عزة الإحساس بالوطن وإنسانه ودائماً مما نرد عليها (أنه كيد أن يكون مثل هذا التفكير موجوداً بعد كل هذه السنين من بعد الاستقلال الذي بالتأكيد جاء بنضال وتضحيات رجال ونساء).. والغريب أن «صديقتي» ما تزال تصر على أن المستعمر منحنا الاستقلال بعد أن «قنع من خيرها» لنقول لها إن حالة القنع هذه هي الحالة الاجتهادية السودانية فليس من السهل أن يصل مستعمر بكل هذه الخيرات لركل المصالح، والخروج من البلاد عودة إلى داره.. ولأننا موهومون ومترفون بحب هذا السودان كثيراً ما نقول لها «فتشي نفسك إنتي أكيد ما سودانية صميمة» وكان ذلك قمة استفزازها وإخراجها من طورها لتقول «إننا غشيمين ما بنعرف مصلحتنا وين».. فيا صديقتنا نحن أحرار إلا من بعض جهالات.. تلك التي تجعلنا نخرب بلادنا بسوء ممارستنا للسلطة أو للتعارض.. وليس العيب أننا تحررنا.. لأن الأصل أن يكون الإنسان حراً في أرضه وخيره فقط، نحن الآن مستعمرون بخلل إدارتنا لمواردنا ولبلادنا.. بل عجبت إن سألني أحدهم وهو سفير سابق سؤال لا أعرف من أي باب أعد الإجابة عليه أهو من باب اليأس أم القنوط أم انه استهوان وطني عندما قال لي مؤمناً بقوله «تعرفي أكبر غلطة عملها السودانيون شنو؟.. إنهم قتلوا غردون..» وما تزال حالة الدهشة على وجهي ليقول «هسه كان أحسن غردون وللا اللت والعجن الدخل البلد دي وما مرق منها لليلة ومية سنة ضوئية ما تمرق منها؟؟» ولأنني كنت أعتقد أن الرجل بحكم خبراته وسنه سيكون أكثر وفاءً لأجداده ووطنه ما وجدت إلا عبارة «معقولة بس؟» وأحسست بدهشة نادراً ما ينتزعها الإنسان هذه الأيام من وسط اسقاطات الواقع وركام نفاياته البائسة.. ما بال بعضنا أوصلهم الانهزام الداخلي لهذه الدرجة من الخنوعات والرعونات وعدم الاعتقاد في القوى الوطنية.. وآخر في حديثه دائماً مقولة «عندما أعطانا الانجليز الاستقلال» كأنما كل جهادات ونضالات رجالنا المخلصة هي ضرب من الخيال..

أحبتي «مسؤولين من الخير» انتو تاريخنا دا نجيبوا من وين دون خدش أو تحريف.. أفيدونا أفادكم الله.

٭ آخر الكلام:-

نعجب جداً للكثيرين منا عندما يصلون لقناعات قاطعة من شاكلة المذكور أعلاه.. ونخشى أن نبدأ الدخول في دائرة الاقتناع بما يقولون.. فأين تاريخنا الصحيح غير المحرف.. حتى نترجم حاضرنا، لابد أن نؤمن بأن ماضينا لا غبار عليه.. «بالله عليكم لا تفسدوا علينا وطنيتنا».
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]

سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]