حسين أتانينا!
حاجتنا للحديث والمؤانسة والكلام الدقاق من عفج وخمج الواقع اليومي ما بين الرتابة واجترار تجارب الوجع، وقيام قبة الضجر من حبة الملل، تجعلنا نركل التفاصيل ومن يحاول إعادة الممجوج صباحاً ومساءً وإن كانت بنا حاجة لدغمسة الحياة.. صغيرتي اللطيفة (المجرمة) والساعة ما بعد التاسعة وحزمة دقائق الليل تنادي على (يا أمي برنامجك بتاع الزول أبو جلابية وتوب بدأ) وهي تقصد بذلك برنامج (مع حسين خوجلي بقناة أم درمان)، فقد لاحظت متابعتي الشديدة لهذا البرنامج.. ثم تراني من بعد ذلك مشدودة ومشدوهة أمام الشاشة متسمكرة فقد أحببت مؤانسته عبر البرنامج.. هذا الساحر.. وهو يطوف بالأذن والنظر قصصاً وصوراً وأدباً وعامية راقية ونيساً راقياً ومؤدباً.. مهما اختلف أو أتفق الكثيرون مع هذا الرجل المبدع تظل له القدرة على الإبداع والحنكة، تلك القيم التي تعوز الكثيرين في سلاسة المحادثة وعذب الاسترسال في سودانية بسيطة أقرب لروح الأسطورة التي تجد مسيس الحاجة لملء مساحات نعاني كثيراً من فراغها داخل النفوس.. مؤانسة جماهيرية مفتوحة في اتجاه تفاعلي صامت.. صمت الأغلبية في البلد.. ونخشى أن تستكثر جهة ما علينا هذا البرنامج فتدخله في حزمة رفع الدعم (المعنوي).. دعوا الرجل يهدينا كنوزه الراقية ليكون ملهمنا (الشفاهي)، رغم أن مثل هذا الحديث لا يعجب البعض الذين عليهم التفريق بين الإبداع والأشياء الأخرى، رفعاً لمعنوياتنا الهابطة هذه الأيام هبوط الدولار واليابسة يباس الجفاف الصحاري.. أنها فرصة للتمتع والإحرام في حرم الجمال والأدب والأحاجي والقصص.. فيا أخوتي نختلف.. نتفق.. فقد أهدانا الرجل المبدع مساحة زمنية تكفي لشحن هواتفنا الوجدانية ما بين كهرباء اليمين ثقافة اليسار.. (بالبلدي كدا.. بالجد نحنا محتاجين نسمع زي الكلام دا) لأننا افتقدنا عبارات (أين تسهر هذا المساء) في أدبيات الترويج في الصحف وأوج دور السينما والمسارح وتفاصيل الثقافة والحركات في ردهاتها المدللة، على أن هناك أصولاً معطلة للإبداع لكنها موجودة ومتحركة من بين السكون الاقتصادي الراهن وتجمد الأجواء العامة وتكلسها مع العنف والإنفلات وثقافة برعاية المدعومة، وإن خلت وجدانياتها من الدعم.. الجفاف الذي استمديناه من روح الواقع الجاف لبلاد ينكمش مساحة وجغرافية وديمغرافية.. نطالب الآن بعودة برنامج (خميسك لو تبيع قميصك) في ميادين الثقافة والمنتديات والنشاط والحراك غير (المجند).. مع إشراقات حسين خوجلي وسياحة محمد طاهر إيلا في مهرجانه (أتانينا 7).
آخر الكلام: دعونا ننظر للإبداع وأهله بقيمة ما يقدمون دون أن نقحم أنفسنا بالإلتصاق بالمحراب الخاص بهم، يكفينا أن نجلس في صوالينهم ودواوينهم الأنيقة المفيدة نرتشف عصير إبداعهم وتفلتات عبقرياتهم ونقارنها مع الواقع البائس بدونهم.. حتى نعرف أهميتهم في بلاد يهترئ نسيجها الاجتماعي وتتضاءل فيها مساحات الإحساس بالآخرين..[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]
سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]