زهير السراج

السودان: كل شئ ممكن

[ALIGN=CENTER]السودان: كل شئ ممكن! [/ALIGN] أضم صوتي للمطالبين والداعين، الى انتهاج الحكمة في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية وذلك لتفويت الفرصة على الذين يريدون استمرار المعاناة ورؤية السودان دولة ضعيفة وممزقة ومتناحرة، تسيل فيها الدماء، وتسود لغة السلاح، ويكون ذلك هو المبرر للتدخل وانتهاك السيادة والسيطرة على الموارد، تحت مزاعم تحقيق الأمن والاستقرار!
* أفضل ما سمعته وقرأته في الآونة الأخيرة هو تصريحات السفير علي الصادق الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية التي قال فيها إن السودان لن يعير اهتماماً لأي قرار من المحكمة الجنائية الدولية، ولن يتعاون معها، ولن يفكر في تسليم الرئيس، و (إننا سنكون مشغولين جداً بالقضايا الداخلية وسوف ننسى أمر المحكمة الجنائية الدولية)!
* هذا بالضبط ما يجب ان يحدث، ان ينشغل السودان في أموره الداخلية، وعلى رأسها السعي بجدية لإنهاء أزمة دارفور، سواء باجتهادات داخلية تستصحب الإرث السوداني الضخم في معالجة الأزمات، أو الاستعانة بالأصدقاء الأفارقة مثل دولة جنوب أفريقيا، أو العرب مثل دولة قطر لحل المشكلة، خاصة وقد لاحت في الأفق بوادر اعتدال في مواقف الحركات المتمردة، وأبدت استعداداها للجلوس على مائدة التفاوض والحوار!
* صحيح ان صدور قرار ضد الرئيس البشير قد يغري حركات التمرد على الاستمرار في مواقفها المتصلبة، بل ربما يعطيها الدفاع لتصعيد نشاطها العسكري واستهداف المدن، كما صرح بعض قادتها، ولكن عليها ان تدرك ان صدور قرار ضد الرئيس البشير، لا يعني بأي حال من الاحوال انهاء أزمة دارفور، ووضع حد لمعاناة أهلها التي استطالت، بل على العكس تماماً، فإنه سيخلق وضعاً متوتراً يؤثر سلباً على استتباب الأمن والاستقرار وتقديم المساعدات الانسانية للمواطنين، وعمليات العودة الطوعية للنازحين واستقرارهم في قراهم، وفتح المدارس، وتوفير البيئة للحياة الطبيعية، فهل هذا ما تريده حركات التمرد، أو يريده أي انسان عاقل؟!
* لا أعتقد ان حركات التمرد يفيدها ويسعدها ان تزداد الحالة سوءاً في الاقليم الذي يكتوي بنيران الحرب منذ ست سنوات، كما انها لن تتمكن من إنهاء الحرب لصالحها، وبالتالي فإن الخيار الأقرب الى الحكمة والعقل، هو التفاوض لوضع حد للأزمة بجميع جوانبها بما في ذلك القرار (1593) الذي أحال ملف دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية!
* وعليها، وعلى أي شخص آخر ان يدرك ان (المحكمة) لا تملك وسيلة لتنفيذ قرارها، وان مجلس الأمن لن يتمكن من فعل شئ بسبب معارضة الصين وروسيا ودول أخرى، والمجتمع الدولي لن يكون بمقدوره ان يفرض علينا (المحكمة الجنائية الدولية) لو جلسنا على مائدة التفاوض والحوار ووصلنا الى حلول جذرية من بينها اغلاق ملفات جرائم دارفور بالصيغة التي نقبلها ونرتضيها جميعاً!
* البعض يتحدث عن انقلاب عسكري، ولكنه حديث عاطفي أو أمنيات طيبة، لا مجال لتحقيقها على أرض الواقع، وحتى لو حدثت فهي لن تؤدي إلا الى المزيد من التعقيدات وتعميق الجراح، في وطن أنهكته الجراح، ويتطلع شعبه الى الاستقرار والسلام والديمقراطية.
* يجب ان نفهم ان حل الأزمة وتحقيق الاستقرار والسلام في دارفور وفي السودان ليس بيد أوكامبو والمحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، كما ان اجهاض قرارات المحكمة الجنائية الدولية ليس بالتشنج والتشدد والتضييق وشق الصف الداخلي، وانما بالحكمة والسعي الجاد والدؤوب للتفاوض والحوار مهما كانت العقبات والتحديات، ولابد من الاقتراب أكثر من المواطنين وتلبية أشواقهم في الحياة الكريمة والديمقراطية والكرامة الانسانية!
* سئل احد الدبلوماسيين الأجانب عن تصوره للسودان بعد صدور قرار المحكمة، فأجاب بأن كل شئ ممكن، وهو يقصد حدوث الفوضى والاضطراب، ولكنني أقول بأن كل شئ ممكن باعتبار ان تحقيق السلام والاستقرار وانهاء أزمة دارفور، وإجهاض قرارات المحكمة الدولية ليس أمراً مستحيلاً .. إذا أردنا نحن له ذلك!.

drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1164 2009-02-8

‫3 تعليقات

  1. لابد يا اخى سراج ان يعلو صوت العقل فوق صوت البندقية فى هذا المنعطف الحرج وحتى اذا كنا لانقبل بهذا النظا م الحاكم ولكن لن يقبل عا قل له زرة من الوطنية ان يرى بلاده ممزقة وخاصة ان العدالة الدولية ظهرت على وجهها الحقيقى فى احداث غزة من قتل للاطفا ل والتشريد فيا اخى المعا رضة الوطنية القوية هى التى تضع يدها فى يد الحكومة للخروج بالوطن من هذه المتاهة وخا صة ان الوطن بدا يتعا فى من حرب الجنوب .اعلم ان الكثير يقول كل هذه المصائب من يد الحكومة نعم اتفق معهم لكن يجب ان يكون ترتيب البيت السودانى بايدينا نحن لابيد غيرنا حيث اصبحت الاجندة واضحة ولا تخفى على احد بدواعى الحريات ورفع الظلم واصدق مثا ل ما تعرض له اهلنا فى العراق فبعد خراب سوبا يعتزر بوش بكل بساطة عن معلومات خاطئة قادته للحرب .واوجه اشارة للحكومة تكملة للحديث عن تا مين الجبهة الداخلية وابدا لحسن النية وتجاوب مع الراى العا م الوطنى الذى ابداء وقفة شجا عة ضد الجنائية اطا لبها با رجاع كل المفصولين من وظا ئفهم حتى تنعم اسرهم بالا ستقرار وبا لتا لى كل السودان.

  2. الله يخليك و يعليك يا دكتور زهير ….. السودان بلد كبير وخيره وفير لا يمكن ان نربط مصيره على شخص واحد … فليذهب البشير وغيره من مثيرى الفتن و الشقاق و يبقى السودان واحدا موحدا رحبا بكل ابناءه .

  3. في نظري أن الهدف من تمزيق السودان ليس كما ذهب إليه الكاتب حينما قال: (المبرر للتدخل وانتهاك السيادة والسيطرة على الموارد، تحت مزاعم تحقيق الأمن والاستقرار) فإذا أخذنا كل مفردة نجد أنها لا تعني شيء في قاموس التجارب الفاشلة للاستعمار منذ القرنين الماضيين :

    1 – انتهاك السيادة في عالم اليوم ليس في حد ذاته هدفاً بقدر ما هو وسيلة لفرض الهيمنة السياسية والعسكرية التي تمهد لفرض الأجندة التي تلبي متطلبات استغلال الموارد في المستقبل القريب !!!

    2 – السيطرة على الموارد هي الأخرى تعتبر عملية مرحلية وليست بمجدية ما لم يكن هنالك مراحل أخرى تتبعها مثل إحكام السيطرة لغرض الاستفادة من الموارد وهذا الخيار غير وارد في بلد يتعذر فيه حالياً الأمن الشامل ويفتقر إلى البنى التحتية التي تساعد على سرعة الاستفادة من الموارد.. هذا فضلاً عن أن الأرض السودانية باتت بعض الدول تمتلك فيها استثمارات غير قابلة للمزايدة وهو ما يمنع انفراد أي دولة ببسط استراتيجيتها الاستعمارية او الاستنزافية !!!

    التنمية والأمن كما هو معلوم وجهان لعملة واحدة وإذا تعذر على حكومة البشير سرعة بسط الأمن والاستقرار على الرغم من فرض الحكومة سيطرتها على أكثر من 80 من مناطق الانتاج والموارد فإنه سيكون من المستحيل في حال دخول البلاد في حالة الفوضى السياسية والفراغ السلطوي أن تتمكن أي قوة خارجية من تحقيق ذلك في اشهر قليلة في بلد يفتقر إلى الطرق والجسور ووسائل النقل والمطارات الحديثة وستكون مهمة عسيرة وقد تستغرق السنوات الطوال… لأنه في حالة حدوث الانفلات الأمني فإن البقية الباقية من معالم البنى التحتية سينالها حظها الأوفر من التدمير !!

    لنا في تجربة التدخل الأمريكي في العراق خير مثال ومن قبل فشل التدخل الأمريكي في الصومال وافغانستان كلها محاولات باءت بالفشل فلم يتحقق أمن ولا استقرار ولا تنمية …

    إذا ما هو الهدف؟

    في نظري الهدف الأساس هو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط والبلدان العربية هذا المشروع الذي بدوره يقوم بتحجيم القوى العربية والإسلامية ، وبالنسبة للسودان خصوصاً الهدف غير المباشر هو التقسيم ولكنه هدف قيد الدراسة في أروقة السياسة الأمريكية والغربية … وعليه فلن يكون في القريب العاجل أي تغيير على الساحة السودانية السياسية ولن يحصل انفصال للجنوب…

    عالم اليوم عالم المصالح الاقتصادية التي اقتضت حكمتها أن يكون على سدة البيت الأبيض رجل أسود !!! والقيم الاقتصادية تعلو فوق كل القيم والمذاهب الفكرية والدينية والعرقية التي كانت إحدى أهم أجندة اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية !!!