[ALIGN=JUSTIFY]
[ALIGN=CENTER]الخدمة ذاگرة ميتة [/ALIGN]
تفل على جانبيه تف.. تف.. على ما يجري في المؤسسة التي قضى فيها سنيي عمره النضيدة وهو يقف الآن عاجزاً عن توفير حق علاج ما أصابه من مرض فيها.. وكم أحس بضحالة عطاء السنين عندما أحاله السيد المدير الى ذلك الموظف مدخل الخدمة ليبت في أمره «هل يستحق الإعانة أم لا»- أحس أن «تف» هذه لا تفي بقدر إحتقاره لما يجري في مكان العمل.. وما جدوى أن تخلص وتجد في دواوين ومؤسسات لا تحس بمدى ما مر فيها من عمرك وسنينك.. وكيف لا تحس بالحسرة عندما يقيم مدى إستحقاقك للعطف والرعاية موظف مدخل الخدمة وقد قضيت ما يفوق الثلاثين عاماً موظفاً مثله وأعلى منه، بل ما يفوق عمره في الدنيا.. خرج غاضباً الى الشارع.. غمت عليه الدنيا سواداً وصار الحيز أضيق ما يكون .. الى أين يتجه.. لم يستطع أن يذهب لذلك الموظف لمعرفة مسبقة بسلوكياته الإستفزازية جداً.. رغم أن اليوم كان دوام عمل إلاأنه لم يحتمله على علته ومرضه.. خرج هائماً على وجهه يجوب الشارع بنفس بارد وأوصال متقطعة لاهثة.. لا يعرف الى أي جهة يتجه.. نظر أمامه رأى الباعة المتجولين يتقافزون من أمام السلطات المحلية وهو قبل لحظات منى نفسه لو أنه كان بائعاً متجولاً ولا «مساسقة» التوظيف بالسنين هدراً.. نظر للسماء، لمح هناك طائراً محلقاً تمنى أن يكون ذلك الطائر.. ليرتفع عن عبودية الوظيفة التي أقعدته حتى عن إمكانية إدراك العلاج، إلا أن ذلك الطائر أصطدم بأسلاك الكهرباء وسقط جثة متفحمة.. ما هذا الخط العاثر الذي يجعل حتى مجرد التمني مدعاة للهلاك.. جاب الشارع عدة مرات.. لم يستطع أن يعدها وأنتهى الأمر به الى السقوط مغشياً عليه.. حمله المارة الى المركز الصحي.. لم يتعرف أحد عليه.. ولأنه من بين العاملين بالمركز نفر كريم قاموا بدفع كل متطلبات إسعافاته الأولية.. وعندما فاق لم يستطع أن يتعرف على نفسه.. فقد الذاكرة.. ربما تعمد فقدانها.
* آخر الكلام:
عندما تخونك ذاكرة التقدير والإحساس فلا جدوى أن تعمل مراكز الذاكرة.. لتحفظ التفاصيل المملة البائسة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سياج – آخر لحظة -العدد 900 [/ALIGN]